رمضان فرصتك للسعادة في الدنيا والأخرة
مَن منا لا يبحث عن السعادة ؟!
وهل هناك إنسان لا يريد أن يكون سعيدا ؟!
كلنا نتفق أن السعادة مطلب كل إنسان في هذا الوجود ...بل إن شئت قلت : هي مطلب كل كائن حي .
وأعظم أنواع السعادة هي السعاده الروحية ... المتمثلة في أعماق النفس البشرية .
وفي رمضان ننعم بتلك السعادة .. لكنها ليست سعادة زائلة ومنقطعة .. بل هي سعادة دائمة وممتدة .
فعَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "...لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لقي رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ " رواه البخاري .
أي سعادة تلك التي تجدها عند فطرك ؟
إنها سعادتك بالطاعة ، و تنفيذك لأمر الله تعالى .
كما أنها فرحتك بما أنعم الله عليك به من القيام بعبادة الصيام الذي هو من أفضل الأعمال الصالحة , وكم من أناس حرمهم الله منه فلم يصوموا !
إنها فرحتك بما أباح الله لك من الطعام والشراب والنكاح الذي كان مُحَرَّما عليك حال الصوم .
وأما سعادتك العظيمة حينما تقدم على ربك جل في علاه ، وتجد جزاء صيامك الذي أعده الله تعالى لك .
تخيل نفسك وأنت مقدم على ربك يوم القيامة ، فرحا بطاعتك بين يديه .
قال العلامة ابن رجب: " أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح ، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما مُنعت منه خصوصاً عند اشتداد الحاجة إليه ، فإن النفوس تفرح بذلك طبعاً فإن كان ذلك محبوباً لله كان محبوباً شرعاً ، والصائم عند فطره كذلك ، فكما أن الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات فقد أذن له فيها في ليل الصيام بل أحب منه المبادرة إلى تناولها في أول الليل وآخره فأحب عباده إليه أعجلهم فطراً ، والله وملائكته يصلون على المتسحرين ، فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقرباً إلى الله وطاعة له ويبادر إليها في الليل تقرباً إلى مولاه ، وأكل وشرب وحمد الله فإنه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان بذلك، وفي الحديث : "إن الله ليرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها " ، وربما استجيب دعاؤه عند ذلك، وإن نوى بأكله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام كان مثاباً على ذلك.
قال أبو العالية: الصائم في عبادة وإن كان نائماً على فراشه فكانت حفصة تقول: يا حبذا عبادة وأنا نائمة على فراشي فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره فهو في نهاره صائم صابر وفي ليله طاعم شاكر.
وفي الحديث الذي خرجه الترمذي وغيره: " الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر " ، ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقف في معنى فرح الصائم عند فطره ، فإنّ فطره على الوجه المشار إليه من فضله ورحمته فيدخل في قول الله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
وأما فرحه عند لقاء ربه: فبما يجده عند الله من ثواب الصيام مدّخراً فيجده أحوج ما كان إليه كما قال تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا) . هذا هو حال من أراد الله له الخير