بسم الله الرحمن الرحيم
" يا خي ماني مطوع " !! لزمةٌ لسانية نسمعها كثيراً في مجتمعنا حين يُطالب مسلم أن يقدم لربه قرباناً من دعوة أو كلمة حق أو نصرة عدل أو إنكار منكر !
" يا خي ماني مطوع " الإسلام بريء منها براءة ربانيته من رهبانية النصارى وكهنوتهم !
" يا خي ماني مطوع " كم عطلت من مشروع ، وقتلت من موهبة ، وأخرت من فتح !
إن هذا الدين دين عظيم ، جاء ليشمل نقص الإنسان بواسع فضله ، ويلغي عطلة البشر بملائمة أعماله لفروقاتهم الفردية ، ومقدراتهم الإنسانية .
هذا الدين الكامل والقادر على احتواء هذا الخلق بنقصهم وضعفهم وعجزهم ، أقول هذا الدين الكامل جاء ليقول للجميع " الإيمان بضع وسبعون شعبة " !!
فإن كانت بعض مظاهر الإيمان جوارحية كـ تقصير الثوب وإعفاء اللحية ، فإن هناك أعمالاً قلبية وأخرى جوارحية يستطيع الإنسان من خلالها أن يعوض قصوره في شعبة ، بتمامه من أخرى !
فكم من حليق هو أخدم لهذا الدين من ملتح ! وكم متلبس ببعض الذنوب هو أحرق على الشرع من طالب علم في حلقة !
إن دعوتي هاهنا تخص في المقام الأول ما أستسيغ تسميته بـ " الالتزام الفكري " !
إن الفكر إذا صفا من أدران الأفكار المشبوهة ، ونجاسات الأيدولوجيات المحدثة ، فهو على خير إن شاء الله تعالى !
وما علينا جميعا إلا تعويض قصورنا السلوكي بتمامنا الفكري علّ الله أن يصفح عن كثير ، ويُجازي عن قليل !
إن دعوتي وبالأخص في هذا الزمان الخانق على أمة الإسلام أن تتكامل ولا تتضاد ، وان يشترك عاليها طاعةً بنازلها قصوراً في الذود عن حمى الإسلام الأغر !
بل علينا تفعيل حتى من تلبس ببعض البدع الغير مخرجة من ملة الإسلام ، فهاهم بعض علماء الإسلام قد تلبس بعضهم ببعض البدع العقدية ، مما سببه سيادتها في زمانهم ،وتعتبر خدماتهم من أجل الخدمات التي قدمت للإسلام ، وما ابن حجر والنووي والبيهقي منّا ببعيد ، رحمة الله عليهم جميعاً !
لقد جعلنا -للأسف -من " اللحية " جوازاً لـ " واعملوا الصالحات " ! بينما الجواز الأول هو " لا إله إلا الله " !
نعم لقد جعلنا اللحية بوابة العمل للإسلام وما اللحية إلا عمل من أعمال الإيمان ، يجب أن توضع في مناطها الصحيح من كونها معصية – لا ننكر ذلك – لا تمنع من الخدمة والسُخرة لهذا الدين الخاتم !
ويحنا ثم ويحنا .. إن لم يطب الحال أفلا يطب المقال ..؟!!
ما بالنا نذكر وباستحضار كثير قول رسول الله عليه الصلاة والسلام "وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم " !وفي المقابل لا نتذكر الجملة التي سبقتها في نفس هذا الحديث القائل "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات"
فالحديث نص سياقه كما في البخاري : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم" .
إن خدمة الدين في الإسلام عامة ، ولا يختص منها إلا الفتيا التي هي لأهل الذكر ، يقول ابن القيم في نونيته :
هذا ونصر الدين فرض لازمٌ *** لا للكفاية بل على الأعيان
إننا باختصار نقول : الدعوة للجميع والفتوى لأهل العلم ..!
ولكي ترتاح الأنفس ، وتثق العقول ،فيُقوي قلبي إحالة أعينكم لحروف أسد الدهر ، وبقية ما ترك الأولون ، شيخنا نحن المقصرين كما هو شيخ طلبة العلم ، العلامة الأشم سفر بن عبدالرحمن الحوالي ليقول لكم في معرض ما يجب على الأمة في هذه الفترة ما نصه : " .. تجييش الأمة كلها لمواجهة أعدائها المتكالبين من كل مكان مع تنوع وسائلهم وطوائفهم.وترك الاستهانة بأي قوة في هذه الأمة لفرد أو جماعة وبأي جهد من أي مسلم، ونبذ التقسيمات التي حصر بها بعض طلبة العلم الاهتمام بالدين على فئة معينة سموها "الملتـزمين" فالأمة كلها مطالبة بنصرة الدين. وكل مسلم لا يخلو من خير. والإيمان شُعَب منها الظاهر ومنها الباطن، ورب ذي مظهر إيماني وقلبه خاوٍِ أو غافل، ورب ذي مظهر لا يدل على ما في قلبه من خير وما في عقله من حكمة ورشد. وهذا لا يعني إهمال تربية الأمة على استكمال شُعَب الدين ظاهراً وباطناً، بل إن استنفار الأمة كلها لنصرة الدين وتحريك الإيمان في قلوبها هو من أسباب توبة العاصي ويقظة الغافل، وتزكية الصالح.
وهذا جيش النبي صلى الله عليه وسلم خير الجيوش لم يكن من السابقين الأولين محضاً بل كان فيه الأعراب الذين أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم، وفيه مَن خَلَط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وفيه المُرجَون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم، وفيه من قاتل حمية عن أحساب قومه فضلاً عن المنافقين المعلومين وغير المعلومين، وإنما العبرة بالمنهج والراية والنفوذ التي لم تكن إلا بيد النبي صلى الله عليه وسلم ثم بيد أهل السابقة والثقة والاستقامة من بعده.
ولو لم نبدأ إلا باستنفار مرتادي المساجد لرأينا الثمار الكبيرة، وكذلك الأقرباء والعشيرة وزملاء المهنة وإن تلبسوا بشيء من المعاصي الظاهرة.
والمقصود أن نعلم أن حالة المواجهة الشاملة تقتضي اعتبار مصلحة الدين قبل كل شيء، فالمجاهد الفاسق – بأي نوع من أنواع الجهاد والنصرة – خير من الصالح القاعد في هذه الحالة " ا.هـ.
وختاماً وقبل أن يظنني بعض إخوتي أمارس إرجاءً مبطناً هاهنا ، وأبتغي لنفسي ولبني طينتي السلوكية عذراً ، أقول إنني أحيل الجميع للشيخ الأديب علي الطنطاوي ليجيب لي وعني كما في مقالته " صناعة المشيخة " من كتاب " مع الناس " ليقول : " أما حلق اللحية فلا والله ما أجمع على نفسي بين الفعل السيئ والقول السيئ ، ولا أكتم الحق لأني مخالفه ، ولا أكذب على الله ولا على الناس . وأنا أقر على نفسي أني مخطئ في هذا ،ولقد حاولت مراراً أن أدع هذا الخطأ ولكن غلبتني شهوة النفس وقوة العادة ، وأنا أسأل الله أن يعينني على نفسي حتى أطلقها فاسألوا الله ذلك لي فإن دعاء المؤمن للمؤمن بظهر الغيب لا يُرد إن شاء الله " ا. هـ
ثم إن الشيخ علي الطنطاوي ذكر في هامش مقالته ما نصه : " وقد أعانني ، فله الحمد " ، ونسأل الله أن نقول مثل قوله قريباً غير بعيد .
موضوع احببت ان انقله اليكم لتشاركوني ايــاه ابوعمر الهمداني ومستعد لنقاش حوله واعطاء الامثله على هذا الموضوع الذي رأيت انه مميز من نظري