بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فيروى عن الشافعي رحمه الله أن زائرة قالت له وهو مريض : اللهم أشفي الشافعي بفتح الهمزة، فقال اللهم مابقلبها لاماعلى لسانها.
فتكثر على ألسنة الناس بعض الألفاظ والأدعية المخالفة ومنها ماسمعناه من بعض أئمة المساجد- لما أذن المفتي وفقه الله للدعاء لاخوتنا في فلسطين أعانهم الله ونصرهم على يهود- فيقول بعض الأئمة في دعاءه اللهم أهلك إسرائيل اللهم عليك بإسرائيل فلم نؤمن على دعائه، لأن إسرائيل هو نبي الله يعقوب، فلو قال اللهم عليك باليهود لأمنّا على دعائه.
وهذه عبادة من أجل العبادات وهو دعاء المسألة فينبغي على الداعي أن يتحرى الصواب في دعائه مااستطاع إلى ذلك سبيلا.
ومما كثر الكلام حوله كلمة مبروك لمن تزوج أو اشترى أو رزق بمولود ، فقد درجت على ألسن العوام
فكلمة(مَبـْروك) مشتقّة من بَرَكَ البعير يَبْرُكُ بُروكاً أي : استناخَ البعير وأقامَ وثبَتَ .
فقولنا لشخص (مَبـْروك) يعني : بَرَك عليك واستقرّ وثَبَتَ ، لأنه اسم مفعول من بَرَكَ. قال ابن منظور في لسان العرب :التَّبْريك الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة
يقال بَرَّكْتُ عليه تَبْريكاً أي قلت له بارك الله عليك وبارك الله الشيءَ وبارك فيه وعليه وضع فيه البَرَكَة وطعام بَرِيك كأنه مُبارك ا هـ.
وفي معجم الوسيط: بَرَكَ البعيرُ أناخَ في موضعٍ فَلَزِمَه، برك على الأمر: واظب فالأمر مبروك عليه!! أي مُواظَبٌ عليه.
وفي الوسيط أيضا:بارك اللهُ الشيءَ وفيه وعليه: جعل فيه الخيرَ والبركة ،فهو مبارَك. فالأصل: مبارَكٌ فيه , لكن يمكننا, تجوّزًا, قول مبارك فقط.
وهناك فتوى للعلامة ابن عثيمين رحمه الله بعدم منع ذلك ولكن بشروط ذكرها، وأين من يعمل بها!! السؤال : ما حكم القول عند التهنئة ( مبروك ) مع ما يقال إنها مأخوذة من البروك كأن تقول برك البعير وليست مبارك الذي هو من البركة ؟
الجواب : اللفظة صالحة بأن تكون من البركة لأنه يقال هذا مبارك من الفعل الرباعي : بارك ويقال مبروك من برك ، ولكن العامة لا يريدون به إلا البركة وهو بمعنى مبارك في اللغة العرفية . ولا أظنه من حيث القواعد الصرفية يصح أن المشتق من برك مبروك لأن برك : فعل لازم ، والفعل اللازم لا يصاغ منه اسم المفعول إلا معدى بحرف الجر ، ولهذا يقال : بركت الناقة فهي باركة ولا يقال مبروكة ، ويقال برك ناقته فهي مبركة لا مبروكة . فصيغة مفعول من برك اللازم لا تصح من حيث اللغة إلا معداة بحرف جر . وهي تستعمل بغير حرف الجر ، كما هو معروف عند العامة ، وإذا كانت مادة الاشتقاق موجودة وعي ( الباء والراء والكاف ) التي هي أصل حروف البركة ؛ فلا أرى مانعا أن يقول القائل مبروك بمعنى مبارك . ا. هـ سلسلة كتاب الدعوة ج2
ولكن لو نظرنا في النصوص الشرعية لم نجد لفظة مبروك في معرض التهنئة ، ولاحتى في القرون المفضلة بل إن تهنئتهم كانت بلفظ بارك الله لك.. للمتزوج ولمن رزق بمولود قالوا له بارك الله لك في الموهوب لك،فجاء عن أيوب السختياني عند الطبراني في الدعاء، وابن أبي الدنيا في كتاب العيال من طريق حماد بن زيد قال: كان أيوب إذا هنأ رجلاً بمولود قال: "جعله الله مباركاً عليك، وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم".
ودعاء آخر وهو "ارك الله في الموهوب لك وشكرت الواهب ..."ومع ضعف اسناد هذا الأثر إلا أن أهل العلم تمثلوا به في مثل هذه الأحوال ، من باب كونه دعاء طيب ، و ذلك مع اعتقاد عدم ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و من هؤلاء الشيخ أبي زكريا النووي حيث قال في ((الأذكار)) (1/648): يُستحبّ تهنئة المولود له قال أصحابنا : ويُستحبّ أن يُهَنَّأ بما جاءَ عن الحسين رضي اللّه عنه أنه علَّم إنساناً التهنئة فقال : قل : باركَ اللّه لكَ في الموهوب لك وشكرتَ الواهبَ وبلغَ أشدَّه ورُزقت برّه . ويُسْتَحَبُّ أن يردّ على المُهنىء فيقول : باركَ اللّه لك وبارَك عليك وجزاكَ اللّه خيراً ورزقك اللّه مثلَه أو أجزلَ اللّه ثوابَك ونحو هذا.
وقد وردت كلمة مبارك في السنة كما في حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه.
وأخيرا أيها الكرام لماذا نترك اللفظ المتيقن في صحته ونتعلق بلفظ هو محل للنزاع. فالأولى التزام الألفاظ النبوية وآثار الصحابة والتابعين.
والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أسلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.