هذه فتاوى للشيخ : عبدالعزيز بن باز ( رحمه الله )
عن الأضحية
حكم الأضحية مع الاستطاعة
س : ما حكم الأضحية ؟ وهل يأثم من تركها مع الاستطاعة ؟ ( )
ج : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فحكم الضحية أنها سنة مع اليسار وليست واجبة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين أملحين ، وكان الصحابة يضحون في حياته - صلى الله عليه وسلم- وبعد وفاته ، وهكذا المسلمون بعدهم ، ولم يرد في الأدلة الشرعية ما يدل على وجوبها ، والقول بالوجوب قول ضعيف .
الأضحية سنة وليست واجبة
س : أفيدكم بأني متزوج - ولله الحمد - ولي أولاد ، وأسكن في مدينة غير المدينة التي يسكن فيها أهلي ، وفي الإجازات نأتي إلى المدينة التي بها أهلي . وفي عيد الأضحى هذا ، أتيت أنا وأولادي قبل العيد بخمسة أيام ، ولم نضح على الرغم من أنني قادر – ولله الحمد- .
فهل يجوز لي أن أضحي ؟ وهل تجزئ أضحية الوالد عني وعن زوجتي وأولادي ؟ وما حكم الأضحية على من كان قادراً ؟ وهل تجب على غير القادر ؟ وهل يجوز أخذ الأضحية ديناً على الراتب ؟ ( ) . ع . ع. ش . رفحاء بالمملكة العربية السعودية
ج : الأضحية سنة وليست بواجبة ، وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين ، يذبح أحدهما عنه وعن أهل بيته ، والثاني عمن وحد الله من أمته - صلى الله عليه وسلم - .
وإذا كنت في بيت مستقل - أيها السائل - فإنه يشرع لك أن تضحي عنك وعن أهل بيتك ، ولا تكفي عنك أضحية والدك عنه وعن أهل بيته ؛ لأنك لست معهم في البيت ، بل أنت في بيت مستقل.
ولا حرج أن يستدين المسلم ليضحي ، إذا كان عنده قدرة على الوفاء . وفق الله الجميع .
من أحكام الضحية
س : الأضحية هل هي للأسرة ككل ، أم لكل فرد فيها بالغ ؟ ومتى يكون ذبحها ؟ وهل يشترط لصاحبها عدم أخذ شيء من أظافره وشعره قبل ذبحها ؟ وإذا كانت لامرأة وهي حائض ما العمل ؟ وما الفرق بين الأضحية والصدقة في مثل هذا الأمر ؟ أفيدونا - جزاكم الله خيراً - ( )
ج : الأضحية سنة مؤكدة ، تشرع للرجل والمرأة وتجزئ عن الرجل وأهل بيته ، وعن المرأة وأهل بيتها ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين أحدهما عنه وعن أهل بيته ، والثاني عمن وحد الله من أمته .
ووقتها يوم النحر وأيام التشريق في كل سنة ، والسنة للمضحي أن يأكل منها ، ويهدي لأقاربه وجيرانه ويتصدق منها .
ولا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً ، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً حتى يضحي " ( ) . رواه الإمام مسلم في صحيحه ، عن أم سلمة - رضي الله عنها - .
أما الوكيل على الضحية ، أو على الوقف الذي فيه أضاحي ، فإنه لا يلزمه ترك شعره ولا ظفره ولا بشرته ؛ لأنه ليس بمضح ، وإنما هذا على المضحي الذي وكله في ذلك ، وهكذا الواقف هو المضحي . والناظر على الوقف وكيل منفذ وليس بمضحٍ . والله ولي التوفيق .
وقت الأضاحي يذهب بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة
س : امرأة ميسورة الحال ، انشغلت ولم تنو الأضحية إلا في اليوم الخامس عشر من شهر ذي الحجة ، فذبحت أضحية . فهل تصبح أضحية أم لا ؟ ( )
ج : الذبيحة المذكورة لا تكون أضحية ؛ لأن وقت الأضاحي ذهب بغروب الشمس في اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ، ولكنها تعتبر صدقة ، تأكل منها وتتصدق على الفقراء ، وتهدي منها لمن أحبت من الجيران والأقارب . والله ولي التوفيق .
الأضحية عن الميت
س : ما حكم الأضحية ؟ وهل تجوز عن الميت ؟ ( )
ج : الأضحية سنة مؤكدة في قول أكثر العلماء ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ضحى ، وحث أمته على الأضحية .
والأصل أنها مطلوبة في وقتها من الحي عن نفسه وأهل بيته ، وله أن يشرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات .
أما الأضحية عن الميت ، فإن كان أوصى بها في ثلث ماله مثلاً ، أو جعلها في وقف له ، وجب على القائم على الوقف أو الوصية تنفيذها ، وإن لم يكن أوصى بها ، ولا جعل لها وقفا ، وأحب إنسان أن يضحي عن أبيه أو أمه أو غيرهما ، فهو حسن ، ويعتبر هذا من أنواع الصدقة عن الميت ، والصدقة عنه مشروعة في قول أهل السنة والجماعة .
وأما الصدقة بثمن الأضحية ؛ بناء على أنه أفضل من ذبحها ، فإن كانت الأضحية منصوصاً عليها في الوقف أو الوصية ، لم يجز للوكيل العدول عن ذلك إلى الصدقة بثمنها ، أما إن كانت تطوعاً عن غيره ، فالأمر في ذلك واسع .
وأما الأضحية عن نفس المسلم الحي وعن أهل بيته ، فسنة مؤكدة للقادر عليها ، وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها ,وبالله التوفيق .
س : ما قولكم في الأضحية عن الميت بدون وصية ، هل يجوز أن يشترك فيها الأحياء مع الأموات أم لا ؟ ( )
ج : الأضحية سنة مؤكدة ، إلا إذا كانت وصية ، فإنه يجب تنفيذها ، ويشرع للإنسان أن يبر ميته بالأضحية ، ويجوز أن يشترك الأموات مع الأحياء من أهل بيت المضحي .
والأصل في ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - : "ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى ، وكبر " ( ) . متفق عليه ، وفي رواية أخرى ، بيان أنه ذبح أحدهما عنه وعن أهل بيته ، والثاني عمن وحد الله من أمته ، وذلك يشمل الحي والميت .
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله
عنهما - أن رجلاً سأل ابن عمر عن الأضحية : أواجبة هي ؟ فقال : "ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والمسلمون " ، فأعادها عليه ، فقال : " أتعقل ؟ ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والمسلمون " ، فأعادها عليه ، فقال: " أتعقل ؟ ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والمسلمون" ( ) . أخرجه الترمذي ومراده - رضي الله عنه - بيان أن الأضحية مشروعة من كل مسلم ؛ تأسياً برسول الله - صلى الله عليه وسلم – والمسلمين.
السنة أن الحي يضحي عن نفسه وأهل بيته
س : سماحة الشيخ/ كثيراً ما نسمع في المجتمع أن الناس تنوي الأضاحي عن الأموات فقط, فما توجيه سماحتكم حول هذا المعتقد ؟ ( )
ج : السنة أن الحي يضحي عن نفسه وأهل بيته بكبش , كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث إنه كان يضحي بكبشين أملحين ، أحدهما قال : عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وآل محمد ، والثاني عمن وحد الله من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وإن ضحى الإنسان عن بعض الأموات فلا بأس .
س : أنا أضحي عني وعن زوجتي والأضحية من مالي . هل يجوز لزوجتي أن تشرك أباها وأمها الميتين ؟ ( )
ج : إذا ضحيت من مالك عن نفسك وأهل بيتك , فهذا عمل مشروع ، فإذا رأيت أن تشرك أبا زوجتك أو أم زوجتك فلا بأس ، وأما هي فليس لها ذلك ، ليس لها التصرف في أضحيتك ؛ فأنت المضحي عن نفسك وأهل بيتك . فإذا رأيت أن تضم أبا زوجتك وأمها إلى أهل بيتك , فلا بأس بذلك .
أيهما أفضل في الأضحية الكبش أم البقرة ؟
س : أيهما أفضل في الأضحية ، الكبش أم البقرة ؟ ( )
ج : الأضحية من الغنم أفضل ، وإذا ضحى بالبقر أو بالإبل فلا حرج , والرسول _صلى الله عليه وسلم _ كان يضحي بكبشين ، وأهدى يوم حجة الوداع مائة من الإبل . والمقصود أن من ضحى بالغنم فهي أفضل , ومن ضحى بالبقر أو بالإبل – الناقة عن سبعة , والبقرة عن سبعة – فكله طيب ولا حرج .
س: أرجو التكرم بإفتائنا ، هل يجزئ السبع من البقرة أو البدنة عن الرجل وأهل بيته ؟ أرجو أن تتفضلوا بالجواب _ مشكورين _ ؛ لأن عندنا بعض الناس لا يرون هذا مجزئاً , والعيد على الأبواب , ونحب أن نكون على بصيرة في هذا الأمر ، والسلام . ( )
ج : قد دلت السنة الصحيحة عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أن الرأس الواحد من الإبل والبقر والغنم يجزئ عن الرجل وأهل بيته _ وإن كثروا _ .
أما السبع من البدنة والبقرة , ففي إجزائه عن الرجل وأهل بيته تردد وخلاف بين أهل العلم ، والأرجح أنه يجزئ عن الرجل وأهل بيته ؛ لأن الرجل وأهل بيته كالشخص الواحد ، ولكن الرأس من الغنم أفضل . والله _ سبحانه وتعالى _ أعلم ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد , وآله وصحبه .
س : كثيراً ما نجد أن البدنة عن سبع شياه ، فهل أضحية البدنة يشرك بها كما يشرك في أضحية الشاة ؟ ( )
ج : في إجزاء السبع من البدنة والبقرة ، عن الرجل وأهل بيته توقف من بعض أهل العلم ، والراجح أنه يجزئ عن الرجل وأهل بيته ؛ لأنهم في معنى الشخص الواحد .
حكم إزالة الشعر لمن أراد العمرة وهو ينوي الأضحية
س : لقد كنت ناوياً أن أحج متمتعاً ، ولكن عندما قدمت إلى الطائف غيرت رأيي ولبيت بالحج مفرداً ، فإذا أردت أن أضحي يوم العيد هل ذلك جائز ، علماً بأني قصرت شعري في يوم أربعة ذي الحجة ؟ أسأل الله أن يجزيكم عنا خيراً . ( )
ج : إذا أراد الحاج أو غيره أن يضحي ، ولو كان قد حلق رأسه أو قصر أو قلم أظفاره ، فلا حرج عليه في ذلك ، ولكن عليه إذا عزم على الأضحية بعد دخول شهر ذي الحجة أن يمتنع من أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو شيء من البشرة حتى يضحي ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من أظفاره شيئاً " ( ) . رواه الإمام مسلم في صحيحه .
أما إحرامه بالحج مفرداً وقد كان نوى أن يحرم بعمرة ، ثم بدا له بعدما وصل الميقات أن يحرم بالحج ، فلا حرج في ذلك ، ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل ، إذا كان قدومه في أشهر الحج ، أما إذا كان قدومه إلى مكة قبل دخول شهر شوال ، فإن المشروع له أن يحرم بالعمرة فقط .
س : المرأة التي ترى أنها لا تستطيع الإمساك عن كد شعرها ، وتملك المال ، هل يجوز أن تدفعه لأحد أقاربها لشراء الأضحية وعقد النية عنها ؟ ( )
ج : يلزم من أراد أن يضحي عن نفسه أو عن والديه أو عن غيره متطوعاً ، ألا يأخذ من شعره أو أظفاره أو من بشرته شيئاً إذا دخل شهر ذي الحجة حتى يضحي ، أما الوكيل فليس عليه حرج أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظفاره ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً حتى يضحي " ( ) . رواه مسلم في الصحيح .
س : سماحة الشيخ / ماذا يجوز للمرأة التي تنوي الأضحية عن نفسها وأهل بيتها أو عن والديها بشعرها إذا دخلت عشر ذي الحجة ؟ ( )
ج : يجوز لها أن تنقض شعرها وتغسله ، ولكن "لا تكده" ، وما سقط من الشعر عند نقضه وغسله فلا يضر .
حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضاحي
س : هل يجوز إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية ؟ ( )
ج : لا حرج ، لقوله - جل وعلا - : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) ( ) ،
فالكافر الذي ليس بيننا وبينه حرب ؛ كالمستأمن أو المعاهد ، يعطى من الأضحية ومن الصدقة .
حكم ذبح الأضحية بمكة
س : هل ذبح الأضحية بمكة له فضل عن خارج مكة ؟ ( )
ج : كل الأعمال الصالحة بمكة أفضل ، لكن إذا لم يجد في مكة من يأكل الضحية ، فإن ذبحها في مكان آخر فيه فقراء يكون أولى .