حسن الخلق عبادة عظيمة، وخليقة كريمة، أثنى الله تعالى به على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذكره من محاسن خصال صالحي عباده، وضمن لأهله المغفرة والجنة وكل وعد كريم قال الله تعالى مثنياً وممتناً على نبيه الكريم بما جبله عليه من الخلق الكريم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ووصف سبحانه عباده المتقين
بقوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
الآيات إلى قوله: {أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.
فالتقوى والسخاء وكظم الغيظ والعفو عن المسيء إذا ترجحت مصلحة العفو عنه والإحسان إليه واجتناب الفواحش والتوبة عن الذنوب وحل عقدة الإصرار، كل هذه من خصال أهل الخُلق العظيم وجزاؤهم عند الله عليها المغفرة والجنة.
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الخلق الحسن أثقل شيء في ميزان العبد وأن أهل الخلق الحسن أحب الناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقربهم منه منزلة يوم القيامة، وإن الخلق الحسن من أكرم العطايا وضمن - صلى الله عليه وسلم - بيتاً في الجنة لمن حسن خلقه، وأقر من قال يا رسول الله
((ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة، فقال أجل أي الأمر كذلك))
والمعنى أن حسن الخلق جمع لصاحبه خيري الدنيا والآخرة.
والخلق الحسن يجمع خمسة أمور:
الأول: طلاقة الوجه عنه اللقاء لقوله
صلى الله عليه وسلم - لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.
الثاني: طيب القول لقوله
صلى الله عليه وسلم -:
((والكلمة الطيبة صدقة))
و
قوله - صلى الله عليه وسلم -:
((اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد فكلمة طيبة)).
الثالث: كف الأذى عن الخلق لقوله
- صلى الله عليه وسلم - تدعُ الناس من الشر فإنها صدقة منك على نفسك وقوله:
المسلم، ((من سلم المسلمون من لسانه ويده))
و
المؤمن ((من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم)).
الرابع: تحمل أذى الناس ما أمكن
لقوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}،
و
قوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.
الخامس: الإحسان إلى الناس مع إساءتهم
إذا كان في ذلك إصلاحاً – طلباً لمرضاة الله تعالى وإصلاحاً لهم وأداء لحقهم الذي أوجبه الله تعالى لهم فتصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك وتحسن إلى من أساء إليك
قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.