[align=center]مقدمه [/align]
لم تكن مدينة الخفجي وسكانها يتوقعون في يوم من الأيام إن مدينتهم (الخفجي) ستكون في بؤرة إحداث أزمة خطيرة بل من الأزمات التي سيذكرها التاريخ ويذكرها الآباء للأبناء على مدى الأجيال القادمة حتى جاء يوم الخميس الحادي عشر من شهر محرم 1411هـ والموافق للثاني من شهر أغسطس 1990م ذلك اليوم الذي ادخل مدينة الهادئة حيث أنها أدخلتها في خضم التاريخ من أوسع ابوابه , عندما أقدم صدام حسين حاكم العراق تسبقه اطماعه التوسعية على غزو جارته الكويت العربية المسلمة,فقد حشد صدام حسين قرابة 400 الف جندي دخلوا الكويت وأباحوا لأنفسهم القتل والسلب,فما كان من أهل الكويت الا أن لجأوا لاخوانهم واشقائهم في المملكة العربية السعودية التي استقبلهم برحابة صدر ,وقد كانت الخفجي المحطة الاولى والرئيسية لاستقبالهم,فقدم لهم الاهالي يد العون والمساعدة وكانوا خير المواسين لهم في مصابهم الجلل وتخفيف معاناتهم التي فرضها عليهم الغزو الغاشم .
ولم يقتصر استقبال اهالي المدينة لاخوانهم الكويتيين فقط ,بل تعدى ذلك الى جنسيات مختلفة ,فلقد احتضنت هذه المدينة خلال الاسبوع الاول من الازمة جميع جنسيات القادمة من الكويت والذين يقدر عددهم بالآلاف فارين من جحيم الغزو العراقي الغاشم ,وقد تم استقبالهم بكرم الضيافة وتسهيل امورهم حتى تمت مغادرتهم من مدينة الخفجي الى المكان الذي رغبوا فيه .
[align=center]ميدان عمليات عسكرية [/align]
قبل انتهاء انذار مجلس الامن باسبوع واحد أمرت السلطات السعودية بإخلاء مدينة الخفجي واعتبرتها ميدان عمليات عسكرية ومسرحا لقصف الطيران وقذائف المدفعية والصواريخ ,وقد كانت المملكة تعلم مسبقا ان صدام حسين لن يتوقف عند غزو الكويت فقط فلابد له من دخول الاراضي السعودية وكان بإمكانه مقاومة تقدمه ولكنها ارادت ان تبرهن للعالم ان صدام حسين لا يصدق في كثير من تصريحاته التي يدعي فيها انه لاعداوة ولا اطماع تحمله على الوقوف في وجه المملكة العربية السعودية الحليف المخلص والمعين الذي لم يدخر وسعا في الوقوف معه اثناء حربه مع ايران وبعد ان تم اخلاء المواطنين والتأكد تماما ان مدينة الخفجي لم يعد بها سوى رجال الامن لحراسة ممتلكات المواطنين , وخلال الفترة من الحادي عشر من شهر محرم عام 1411هـ الموافق الثاني من اغسطس عام 1990م وحتى السابع عشر من شهر يناير عام 19991م كثفت الجهود الانسانية على قدم وساق لدرء خطر الحرب لاحتواء الازمة بين الكويت والعراق , وكذلك بالنسبة للجهود الدبلوماسية على جميع الاصعدة العربية والعالمية لتخليص الكويت من هذا الاحتلال العراقي الظالم.
ومع كل ما فعله صدام حسين فقد استمرت الجهود السياسية والمساعي الحميدة لرأب الصدع بين الجانبين تحت مظلة الجامعة العربية وهيئة الامم المتحدة الا ان صدام لم يمتثل لجميع القرارات التي تدعو الى الانسحاب ولا الى جميع النداءات التي وجهها اليه اخوانه العرب بتحكيم العقل والمنطق. وبدأ القلق يسارو العالم كله وان هناك حربا لا بد منها وهاهي تخيم بظلاها السوداء على دول الخليج وتمتحن مقدرتهم العسكرية ومقياس صبرهم وجلدهم كقادة عظام.وهنا تجلت حنكة وحكمة خادم الحرمين الشريفين كرجل مواقف من الطراز الاول فبادر الى دعوة الرئيس العراقي الى مد يده الى اخوانه وعدم شق عصا الطاعة والتلويح بقوة السلاح .
وبدأت الحرب الجوية ودخلت طائرات التحالف العراق وعطلت راداراته واتصالاته بل وضربته في في نفس الزمن الذي ضرب فيه الكويت واصبحت قواته الموجودة داخل الكويت في عزلة تامة عن الامدادات والمواصلات التي تربطها مع بعضها البعض ودب الرعب في قلوبهم فكانوا يتركون دباباتهم ويدخلون مع المواطنين الكويتيين بالامبس المدنية خوفا من الاسر والانتقام.
وحاول صدام حسين ان يخترق بطائراته المجال الجوي للمملكة ليحقق ولو مكسبا بسيطا ولكن تحطمت طائراته امام السلاح الجوي الملكي السعودي واخذت اسراب طائراته بالنزوح الى ايران او البيات الشتوي التام خوفا من طيران التحالف.
[align=center]معركة الخفجي [/align]
في فجر يوم الاربعاء 15 رجب عام 1411هـ الموافق 30 يناير 1991م تسللت فرقة عراقية معتدين الى مدينة الخفجي تحت ىالظلام وقد كان هذا الهجوم متوقعا من القوات العراقي على أربعة محاور عبر الحدود الكويتية السعودية الى مدين الخفجي التي كانت قد أخليت من السكان منذ بداية الحرب الجوية.
وقد بدأت محاولات التسلل العراقي للمدينة مساء يوم الثلاثاء الساعة العاشر والنصف حيث حاولت مجموعة من دبابات عراقية الدخول عن طريق عبور الحدود الكويتية بحجة الاستسلام وقد قابل العربات العراقية بعض العربات المدرعة للقوات المشتركة وسرعان ماصوبت الدبابات العراقية مدافعها الى القوات المشتركة وقد خسر العراقيون هذه المغامرة وأسر افراد القوه المهاجمة وفي صباح يوم الاربعاء تقدمت اربعون دبابة عراقية اخرى في محاولة لانجاز نصر لم تتمكن منه في المحاولات السابقة ولكن ذلك لم يتحقق ليقظة وشجاعة القوات السعودية التي تساندها القوات المشتركة حيث عملت هذه القوات المتجمعة على ارضع خطه عسكرية لمواجهة هذا الهجوم ففي الساعات الاولى من يوم الخميس 16 رجب 1441 هـ قامت القوات المشتركة تتقدمها مدرعات سعودية تابعة للحرس الوطني الباسل بدفع دبابات العراقيين الى وسط المدينة ومحاصرة تلك القوات والقضاء عليها وتدميرها وتطهير المدينة من رجس المعتدين الذين حاولوا الاستيلاء عليها وقد خسر العراقيين في هذه المعركة خسائر كبيرة في الجنود والاليات الاسلحة حيث تم اسر 429 جنديا وقتل 30 جنديا وجرح 27 اخرين ، وقد كان لهذه المعركة صدى كبير في أوساط القادة
العسكريين حيث اشادوا ببسالة الجندي السعودي وادارتة للعمليات العسكرية في ميادين القتال وقد الستشهد في هذه المعركة 26 شهيدا من قواتنا الباسلة ، وتعتبر معركة الخفجي هي بداية الطبيعية للحرب البريةاتحرير دولة الكويت حيث ان الحشود العراقية بدأت تتحسب لهجوم تشنه عليها القوات المشتركة بعد الهزيمة المنكرة في معركة .
[align=center]الحرب البرية [/align]
بدات الحرب البرية لتحرير الكويت في فجر يوم الاحد 24 فبراير 1991 لبمافق 10/ 8 /1411هـ وقد سبقت المعركة البرية مناوشات عسكرية على مياه ابرخليخ العربي حيث كان القوات البحرية دور متميز في المعاونة النارية من البحر ضد الاهداف البرية العراقية وكان ذلك كاة في اطار الخطة العامة للهجوم البري .
واذا حاولنا وصف الهجوم البري بشكل عام نستطيع القول انه لم يكن هناك مواجهة عسكرية برية متكاملة بالمعنى المفهوم ، كما ان العراق لم يقم بادارة عمليات دفاعية متكاملة امام القوات المشتركة المهاجمة وبالتالي كانت النتائج في صالح القوات المشتركة خلال الفترة الزمنية للعمليات البرية نظرا لفعالية الهجمات الجوية التي سبقت الهجوم البري .
ويتضح إن القوات المشتركة اعتمدت في تنفيذ دخولها الكويت على الخطط الهجومية المحددة الأهداف لكل قوة على حدة وقد نجحت هذه الفكرة في تطويق القوات العراقية في الكويت مع التركيز على ضرب قوات الحرس الجمهوري جيدة التسليح التي تعد القوه الضاربة في الجيش العراقي وقد استخدمت القوات المشتركة عنصر المفاجأة في الهجوم ليلا معتمدة على ماتملكة من أجهزة الرصد الليلية لتحديد الأهداف .
وهكذا تمكنت تلك القوات من فتح ثغرات وإزالة الموانع والاستفادة من انخفاض الروح المعنوية للقوات العراقي في الكويت ، وكانت النتيجة النهائية للهجوم البري تحري مدينة الكويت في يوم الأربعاء الموافق 27 فبراير 1991م الموافق 13/ 8/1411هـ ودخلت القوات المشتركة مدينة الكويت بعد تحريها منتصرة .
وكانت القوات السعودية في مقدمة الجيوش حيث قوبلت بالشكر والترحيب من المواطنين الكويتيين الذين لم يتمكنوا من الخروج أثناء الغزو لبلادهم ، وقد عاشت مدينة الخفجي هذا اليوم المشهود بالتهليل والتكبير ، كما شهدت
مدينة الخفجي احتلال الكويت فقد شهدت تحريرها ايضا حيث كانت بحق مدينة التحرير وبوابة النصر العظيم.
[align=center]عودة الخدمات الى الخفجي[/align]
عاد موظفون الإدارات والمدنية ذات العلاقة قبل عودة المواطنين وذلك لتسهيل عوده الأمور الى طبيعتها داخل المدينة وكذلك لخدمة المواطنين الكويتيين العائدين إلى وطنهم بعد التحرير وتسهيل امور دخولهم بالتنسيق مع الجنة الكويتية وقامت أمارة الخفجي بالأشراف على ذلك حيث كان المواطنون الكويتيون وعمال الشركات والمؤسسات يدخلون الكويت بتصاريح دول تمنح لهم عن طريق الإمارة ، وكان لجهود رجال الجوازات والجمارك السعودية الفضل الكبير بعد الله تعالى في تنظيم دخول المواطنين الكويتيين وسيارتهم بسهولة ويسر إضافة الى الشاحنات التي تنقل المواد الغذائية التي قامت حكومة خادم الحرمين الشريفين بإرسالها للكويت للمساعدة في أعاده الأمور الى طبيعتها .
قبل عودة المواطنين كان لابد من تطهير المدينة من الألغام والفخاخ آلتي تؤثر على سلامة المواطنين وأطفالهم فقد قامت فرقة من البحرية السعودية بتطهير المدينة والتأكد من خلوها من الألغام وشاركتهم في ذلك الإدارات الأمنية الأخرى وكانت عودة الكويتيين في الوقت المناسب أي بعد ان عادت الآمر الى نصابها الصحيح في المدينة ، وعادت الخدمات وفتحت المحلات التجارية أبوابها وتم تخصيص فرق متواجدة بصفة مستمرة لإزالة الألغام عند تلقي أي بلاغ من المواطنين حال رويتهم لأي جسم مشبوه وكان مقرهم بأمارة الخفجي ، ولم يدر في خلد المواطنين الخفجي ان مدينتهم الجميلة تعيش في الظلام الدامس وسط النهار بسبب السحب الدخانية الكثيفة المنبعثة من آبار البترول الكويتية التي احرقها الجيش العراقي أثناء انسحاب ، ولكن وبحمد الله لم يؤثر تلك السحب على الروح المعنوية للمواطنين ولم تسبب لهم أي اثار سلبية على صحتهم كما هومتوقع وهذا من لطف الله بعباده .
على الرغم من أي شي ء من المباني المركبات والأشجار قد غطى بطبقة ركامية من السواد وقد علق القطران بكل هاهو ابيض وجميل من ملابس زمان وغيرها حتى ان رمال الأرض قد تأثرت بالسواد ، اما بالنسبة للبحر فقد حصل له تلوث شديد بسبب ضخ العراقيين للبترول الكويتي فيه مما عاد بالأثر السيئ على الأحياء البحرية ومازلت اثار هذه الكارثة شاهد عيان الى الوقت الحاضر على جرام النظام العراقي وتدمير ه للحياة الفطرية والبيئة.
وقد اثبت أهالي مدينة الخفجي صبرهم وجلدهم وتحملهم للمشاق الكبيرة لان حبهم لمدينتهم فوق كل أعتبار ولعل اكبر شاهد على ذلك ما قدموه من شهداء وأسرى من أبناء المدينة في معركة تحرير الخفجي وبقاء آهل الخفجي مع أتسرهم في الجو الملوث والكئيب ويدل هذا على أصالتهم وتمسكهم بوطنهم ومدينتهم مصداقا لقول أحد شعراء الخفجي الأستاذ / محمد على طاهر العبد لي: -
[align=center]لنا منازل فـي الخفجي نفضلها
على الثـريـا إذا كــانـت تواتينا
عشنا بها وصفاء الحب يجمعنا
والبحر من مــائه الفضي يروينا[/align]
وتقبلوا اصدق تحياتى
ابوتركي