إن الاجتماعَ من مقاصد الشريعة العظيمة، وقد تسقطُ بعض الأحكام من أجل تحقيق الاجتماع ..
وكسرِ الاجتماعِ من أعظمِ أنواع الفتن وأخبث النوايا؛ لأنه خيانةٌ وطعنٌ في مُقوّمات استقرار الدولة الإسلامية، مع ما يسببه من ضياعٍ لإقامة الدين وزرعٍ للفرقة والاختلاف الفاسد .
روى عبدالله بن الإمام أحمد ـ رحمهما الله ـ في زوائده على المسند أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الجماعة رحمة والفرقة عذاب ) .
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ـ حفظه الله ـ في تعليقه على هذا الحديث : ( الفرقة بجميع أنواعها – في الأفكار , أو في الأقوال , أو في الأعمال – عذاب يعذِّب الله جلَّ وعلا به مَن خالف أمره وذهب إلى غير هداه . ) . أهـ
وربما تُركَ الأولى والفاضل من أجل تحقيق هذا المقصد العظيم الذي هو عِمادُ الدولة الإسلامية التي تقومُ بدينِ الناس ودنياهم ، بل ربما تُرك القول الراجح وفُعل المرجوح لأجل الاجتماع ..
فقد كان عثمانُ ـ رضي الله عنه ـ يُصلي في الناس بمنى أربعاً، والسنة أن يُصلي قصراً، مع ذلك ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول: سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين لا غير.
قيل له: يا عبد الله بن مسعود ! تقول هذا وأنت تصلي مع عثمان بن عفان أربع ركعات ! لماذا؟! قال : يا هذا ! الخلاف شر! الخلاف شر ! الخلاف شر . رواه أبو داود بإسناد قوي.
الخلافُ شرّ ..
والاجتماعُ رحمة ..
لذلك أمرنا الشرع بألا نتهاون معَ من أرادَ تفريق الكلمة، وبث الفتنة، وشق العصا، ويتأكدُ أمرُ الاجتماع في النوازل والأحداث والفتن..
ونحنُ نسمع ونرى من يخون الأمة بدعوى الإصلاح والوطنية.. وآخرون بدعوى الديانة والجهاد..
وما يفعله بعض الكتاب في الصحف من بثّ الفتنة وتصفية حسابات مع الدعاة.. جريمة..
وما يفعله بعض الخطباء من عدمِ التفاعل مع قضايانا الداخلية.. خيانة وجريمة ..
وما يفعله بعض السُّذج في الإنترنت من إشاعة الأخبار وإثارة الشبهات بدعوى النصح .. جريمة ..
وأيّ عملٍ يصبُّ في تفريق الصفّ .. مهما كانت دوافعه أو أهدافه .. يجبُ أن يُسدّ وأن يُجرّم ؛ لأن تحقيق الاجتماع من أعلى المقاصد في الشريعة والغايات .