كثيرا ما تعدد الأسباب الواهية التي تتحجج بها المتبرجات معللة عدم التزامهنّ
ومن هذه الأسباب ...
1- أنها لم تتعود عليه منذ نعومة أظافرها , ويرد عليها كم من الصفات والخصال تتغير مع تغير الأيام والظروف , والعاقل يبحث دائما عن الحق ثم يطبقه , وإن كان من حق البنات على آبائهن وأمهاتهن أن يعلمهن الحشمة والوقار منذ الصغر لأنها المسؤولية الأولى والتي سيحاسبون عليها أمام الله عز وجل , ومن حقها على نفسها أن تقيها من النار , قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) .
2- ومنهن من تدعى أنها تخاف إذا ارتدت حجابها أن تنزعه ولا تثبت عليه , والرد عليها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين في الحديث الشريف : { أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل } , وأما الجواب الرباني فقد قال تعالى : ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ) , إذن بطاعة الله تثبت نفسها على طريق الله ولا تتخلى عن الطاعة بل تزداد .
3- ومنهن من تدعي أنها ستتوب وتتحجب عندما تكبر وتحج , ورب العالمين ينادي عباده بالمسارعة بالتوبة وعدم التأجيل لأن العمر محدود والموت سريع , قال تعالى : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) , والسرعة في الرجعة إلى الله عز وجل من فضل الله على عباده .
4- ومنهن من تقول إذا شاء الله هداني , والله عز وجل يطلب منك كل ركعة أن تسأليه أن يهديك الصراط المستقيم , إذن رب العالمين هو الذي أراد لك الهداية وهداك إلى كيفية طلب الهداية منه , إذن أنت يجب أن تختاري الله ورضوانه على كل شي , ففي حديث قدسي ( فاستهدوني أهدكم ) .
5- ومنهن من تقول إن الله يجب أن يرى أثر نعمته على عبده , وأنا جميلة , والأصل إبراز ما منحني الله عز وجل من ميزات , قال تعالى : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت إيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) , إذن حرم إبداء الزينة أمام الأجانب , أما أمام النساء المؤمنات وأمام المحارم فلا بأس وبالحدود الشرعية .
6- ومنهن من تدعي أن شدة الحر يمنعها من ارتداء الحجاب وهي لا تستطيع تحمله , قال تعالى : ( وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ) , أشد حرا أتطيقون ؟؟!
7- ومنهن من تدعي أنها تخشى من غضب والديها فهما يمنعانها من الحجاب , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق } , وقال تعالى : ( و إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ) .
8- ومنهن من تدعي عندما تقتنع بالحجاب فستلتزم به , ومتى كانت أوامر الله عز وجل بحاجة إلى الإقتناع فالأصل السمع والطاعة , قال تعالى : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) .
عودي اختــــاه ما أجمل طاعة الله , ما أجمل أن تحققي عبوديتك لله عز وجل بالسمع والطاعة والتذلل والدعاء والتقرب , وستر الدنيا إن شاء الله هو ستر الآخرة .
****
حكم القواعد من النساء
القواعد من النساء هن اللواتي لا يرجون نكاحا .
قال تعالى : ( والقواعد من النساء التي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم ) .
يخبر الله سبحانه وتعالى أن القواعد من النساء من العجائز اللاتي لا يرجون نكاحا , لا جناح عليهن أن يضعن ثيابهن عن وجوههن وأيديهن إذا كن غير متبرجات بزينة , فعلم بذلك أن المتبرجة بالزينة ليس لها أن تضع ثوبها عن وجهها ويديها وغير ذلك من زينتها , وأن عليها جناحا في ذلك ولو كانت عجوزا , لأن التبرج يفضي إلى الفتنة بالمتبرجة ولو كانت عجوزا فكيف يكون الحال بالشابة والجميلة إذا تبرجت لا شك أن إثمها أعظم والجناح عليها أشد والفتنة بها أكبر .
وشرط سبحانه في حق العجوز أن لا تكون ممن يرجو النكاح , وما ذلك إلا أن رجاءها النكاح يدعوها إلى التجمل والتبرج بالزينة رغبة في الأزواج , فنهيت عن وضع ثيابها عن محاسنها صيانة لها ولغيرها من الفتنة .
ثم ختم الآية سبحانه بتحريض القواعد على الاستعفاف , و أوضح أنه خير لهن وإن لم يتبرجن فظهر بذلك فضل التحجب والتستر بالثبات ولو من العجائز , وأنه خير لهن من وضع الثبات , فوجب أن يكون التحجب والاستعفاف عن إظهار الزينة خيرا للشابات من باب أولى , وأبعد لهن عن أسباب الفتنة .