كانت دائما كرة القدم تمثل العشق بالنسبة لراكان الحارثي. حيث كان عمه رئيسا لأحد أندية المقدمة في السعودية واعتاد أن يأخذه لحضور المباريات. لكن عندما قرر راكان—العاشق للأرسنال—أن يحول عشقه لعمل، كثر المشككون من عائلته .
وقد ذكر راكان “في البداية إعتقد والدي وإخواني بأني أهدر المال وكانوا يقولون لي إن العمل الرياضي يعتبر عملا خاسرا .”
لكن عائلته رضخت في النهاية لرغبته. وقاموا باستثمار مبلغ ربع مليون ريال سعودي في سيلا للرياضة، الشركة التي أسسها السيد الحارثي خلال التسعينيات من القرن الماضي عندما كان يدرس الطب في جامعة الملك سعود .
فمن وجهة نظره أن كرة القدم في السعودية—والتي كانت ما تزال تلعب بنظام الهواية وتعتمد على الدعم المالي من قبل الحكومة—يمكن أن تتطور لأن تصبح عملا ذو شأن .
وبالفعل فقد حقق حلمه نوعا ما. فشركة سيلا اليوم تعتبر جزءا متكاملا من مجموعة شركات ركزت على تجارة العقارات .
وصلت أرباح الشركة العام الماضي ٧٥ مليون ريال سعودي (٢٠ مليون دولار أمريكي) ومتوقع أن تزداد هذه الأرباح زيادة واضحة هذا العام. لقد ساعدت سيلا ببيع حقوق الرعاية لثلاثة أندية لمدة خمس سنوات لصالح شركة تيليكوم السعودية. وبلغت القيمة الكلية لتلك الصفقة حوالي ٢٠٠ مليون دولار أمريكي حسب ما ذكر السيد الحارثي. كما وأن للشركة علاقة ببيع حقوق الرعاية للمنتخبات السعودية لمدة أربع سنوات لصالح مشغل الأجهزة الخلوية زين، في صفقة تقدر قيمتها بـ٤٠ مليون دولار أمريكي .
لقد أصبحت الرياضة عملا ضخما في الخليج بأكمله. فبعد أن كانت إستضافة دول الخليج للألعاب الرياضية مقتصرة على سباقات الخيول التقليدية، أصبحت الآن تستضيف البطولات الدولية الهامة، من ضمنها إحدى جولات الفورميلا ون في البحرين (وفي أبو ظبي العام القادم). وتتم إستضافة نجوم التنس والجولف الكبار للمشاركة في بطولات في الإمارات العربية المتحدة وقطر. إن لدى الدول الغنية بالنفط المال الكافي لجلب نجوم الرياضة للمنطقة .
لقد بدأت شركة سيلا للرياضة بأعمال متواضعة من خلال ترتيب تنقلات اللاعبين بين الأندية السعودية. وبفضل وكيل أوروبي لأعمال اللاعبين، كان للشركة دور بعقود إنتقال لاعبين كبار، من ضمنهم سيرجي ريبروف الذي انتقل لتوتينهام بقيمة عقد بلغت ١١ مليون جنيه إسترليني عام ٢٠٠٠ .
وساهم السيد الحارثي بترتيب إنتقال النجم البلغاري السابق ستويتشكوف من نادي برشلونة لنادي النصر السعودي. لم يدم الانتقال طويلا، لكن يبقى النجم البلغاري يعد مكسبا .
منذ ذلك الحين قامت الشركة بتوسيع نشاطها لتشمل حقوق الرعاية وتنظيم البطولات .
نال السيد الحارثي (٣٤ عاما) التقدير المناسب بعد قيام إتحاد كرة القدم السعودي بالترخيص للشركة بأن تكون وكيل للاعبين أمام الإتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا. وبعد ذلك طلب الإتحاد السعودي من الشركة أن تعين مدرب للمنتخب السعودي قبل مشاركته ببطولة كأس العالم ١٩٩٨ بفرنسا .
قامت سيلا بترتيب إتفاق حضر بموجبه المدرب البرازيلي بيريرا—الذي كسب مع منتخب بلاده كأس العالم عام ١٩٩٤—إلى المملكة. لكن شهر العسل هذا إنتهى بشكل محزن بعدما تم إستبعاد السيد بيريرا إثر تلقي المنتخب السعودي هزيمة قاسية بنتيجة ٤-٠ على يد المنتخب الفرنسي .
لكن شركة سيلا استمرت بطريقها وقامت بتعيين المجري ساندور فارجا—المسجل بالفيفا كوكيل للاعبين—كممثل لها لتنفيذ إتفاقيات إنتقال اللاعبين ذات المبالغ العالية .
حصل اللقاء بين الشركة والسيد فارجا في تسعينيات القرن الماضي عندما كان يعمل السيد فارجا كمساعد لمدرب أحد أندية السعودية وكان السيد الحارثي معنيا ببطولة كروية أثناء شهر رمضان المبارك. وحسب ما يذكر السيد الحارثي “نحن نعمل كفريق، يأتي لنناقش الأسعار وأتولى أنا جانب وهو يتولى الآخر .”
تدفع الأندية السعودية مبالغ تغري نجوم الكرة الكبار القريبين من الاعتزال والساعين لإنعاش أرصدتهم البنكية قبل تعليق أحذيتهم .
وذكر السيد الحارثي “نحن ندفع أكثر من أندية إفريقيا، وأكثر من أي دولة خليجية، ونتساوى مع اليابان إن لم نكن نتفوق عليها .”
وحسب رأيه فإن الفرق في النظرة للرياضة اليوم وقبل عقد مضى، بأن الشركات كانت تنظر للتبرعات كمسؤولية إجتماعية ولم تكن تدرك التأثير الدعائي .
وذكر أيضا بأن شركته قدمت فكرة المؤتمر الصحفي لكرة القدم السعودية واستخدام الرعاة للتسويق اليومي لتذاكر المباريات. وقد حققت شركة سيلا أرباحا بلغت مليار و٤٥٠ ألف ريال سعودي خلال عامين ذهبت جميعها لكرة القدم. “هذا هو السر، فعندما تبدأ بالتواصل مع الشعب وجماهير الكرة ورابطة كرة القدم، فإن هذا الأمر يصبح بمثابة ريع لاستثماراتك .”