خلال السنوات الثلاثين المنصرمة، التي أمضيتها في المراقبة والتشخيص وإعطاء النصح والاستشارات، قابلت مئات الألوف من الأشخاص. ولجأت إلى مختلف الفنون التقليدية من طرق الشفاء الشرقية، من الوخز بالإبر إلى طب الأعشاب والتدليك من طريق الضغط بالأصابع (شياتسو) والصلوات والأدعية. ولقد قادتني هذه التجارب إلى مفهوم أن الطب الطبيعي هو طب الطاقة والذبذبات. يتناقض هذا المفهوم تناقضاً حاداً مع ما يأخذ به الطب التقليدي الذي يعتبر الجسم البشري جوهراً مادياً، وأن مفهوم الصحة هو بالأحرى مفهوم أعراضي ومادي.
لقد طبقت، في الطب الطبيعي والماكروبيوتي، مختلف فنون التشخيص التي يمكن تصنيفها على النحو التالي:
التشخيص البصري: يستند هذا التشخيص إلى المقدرة على فهم حالة الجسم من خلال مراقبة ملامح الوجه وأساريره. وأساس هذا التشخيص يكمن في فهم العلاقات المتكاملة أو المتضادّة بين مختلف أجزاء الجسم: الوجه والجسد والجلد والرجلين والأظافر والشعر وكل ظواهر الجسد البشري. يعكس هذا التشخيص الإضطرابات الداخلية المهمّة في بعض الأجهزة والوظائف والأعضاء، إن وُجدت.
التشخيص بالنبض: في الطب الشرقي، يستخدم النبض للحصول على صورة أكثر تفصيلاً عن صحة الجسم، تذهب إلى تحديد صحة كُلٍّ من الأعضاء الرئيسة. يعكس هذا التشخيص كل التفاصيل الجسديِّة والنفسية. تشمل أماكن أخذ النبض المعروفة في الرقبة والقدمين والمعصم و سائر الأماكن التي تتيح لنا أن نستشعر فيها نبضاً بشكل واضح
التشخيص وُفق المسارات (meridians): المسارات هي سُبل أو طرق من الطاقة الكهرومغنطيسيِّة (ولا تشكل بالتالي جزءاً من أجهزة الجسم) . وباستعمال المسارات الأربعة عشر الرئيسة؛ بالإضافة إلى مسارات أخرى ( extraodinary)، مع فهم للصلابة والليونة والقوَّة والضعف واستعمال الألوان وبقع الجلد على طول المسارات في بعض المناطق. يعطي هذا التشخيص معلومات عن غزارة الطاقة الداخلية و وظائف الأعضاء ونشاطات أخرى.
التشخيص بالضغط: ممارسة الضغط على النقاط الرئيسة الموجودة على امتداد المسارات لتشخيص الحالة الداخلية. تعدّ هذه النقاط أكثر من مائة على امتداد الجسم. إذا نجم ألم من جراء، الضغط على هذه النقاط، فهو يشير إلى انسداد سيلان الطاقة التي تقوم بالوظائف الدموية والعصبية في تلك النقطة المتصلة بالحالة الجسدية والنفسيَّة.
التشخيص السَّمعي: يتم هذا التشخيص من طريق الإصغاء إلى الصوت وطريقة التكلُّم والضحك والمناداة والصراخ. يعرف هذا التشخيص بمشاكل بعض الأجهزة والأعضاء والغدد في حال وجودها.
التشخيص بمراقبة السلوك والحركات وطريقة التنقل: يستخدم هذا التشخيص لمعرفة كل اضطراب ذي طابع جسدي أو نفسي، وكل اضطراب في العادات اليومية وفي طريقة الأكل وفي ردّات الفعل العاطفية والجسدية تجاه المحفزات أو المنبِّهات.
التشخيص النفسي: وهو تشخيص يتم بمراقبة طريقة التعبير عند الأفراد وسلوكهم وطرق التفكير الخاصة بهم وطريقة تكلمهم وأشكال التعابير الأخرى، بما فيها ردات الفعل النفسيِّة تجاه المواقف و الظروف؛ بالإضافة إلى الأحلام التي يحلمون بها. يكشف هذا التشخيص عن الحالة النفسية الحاضرة. وبصورة خاصة عن أجزاء الدماغ والجهاز العصبي التي تعرَّضت للتحريض أو واجهت صعوبات في أداء وظيفتها.
التشخيص بالرجوع إلى المحيط: وهويتم من طريق درس الشروط المناخية من حرارة ورطوبة وتأثيرات سماوية وحركات المد والجزر والأحوال الموسميِّة، بالإضافة إلى المحيط الاجتماعي والطبيعي للفرد، من سكن ومهنة وعلاقات عائلية. يظهر هذا التشخيص بوضوح تأثير المحيط على نمو المشاكل الجسدية والنفسية.
التشخيص عبر تأثير السلف (جدود الأهل): وهو التشخيص من خلال التركيز على تأثير الأهل والسلف، معرفة شروط حياتهم. وهذا التشخيص يكشفا عن التأثيرات الوراثية على الوظائف الجسدية والنفسية لفرد ما ، وما ينتظره في المستقبل.
تشخيص ((الاورا)) والذبذبات: يتم من طريق معرفة ومراقبة ((الاورا)) والذبذبات التي يصدرها الفرد. هذا التشخيص يقود إلى فهم حالة الجسم والنفس وأيضاً فهم الخصائص الحاضرة والمشاكل المحتملة. عندما يطوِّر المراقب حساسيته في هذا النوع من التشخيص، فإن شدة ((الاورا)) المشعّة ولونها وحرارتها وتواترها وذبذباتها يمكن أن تكتشف بوضوح بدون اللجوء إلى أية وسائل.
تشخيص الوعي والأفكار: بمراقبة السلوك والتعبير لدى الأشخاص، وعبر مفهوم الموجات و الذبذبات التي يبثها الرأس وخاصة مناطق معينة منه، من المحتمل معرفة نوع الأفكار والوعي للشخص الذي نفحصه.
التشخيص الروحاني: هذا النوع من التشخيص يتعلق بالقدرة على فهم الشروط المناخية. وأيضاً على إدراك التأثيرات الروحية للأموات الذين كانوا على صلة متينة بالشخص المعني. وفي الواقع: كل ((منا يحاول التمثُّل بشخص يعتبر مثاله الأعلى ويحمل بالتالي في دخيلته صورة عن هذا الشخص تؤثر في وعينا ويوجهنا في الحياة وهذا يمثل نوعاً من التشخيص الروحاني)).
هذه الطرائق في التشخيص لا تتطلب معدات خاصة، في حين أنه يصار أحياناً إلى الاستعانة بآلات معينة (لقياس الكهرومغناطيسية مثلاً). ومن المهم أن يحافظ المراقب على قدراته الجيدة في قوة الإدراك؛ وهذا يعني أن عليه أن يتمتع بقدرات بديهية طبيعية من الوضوح والقبول يمكن تطويرها عبر تغذية سليمة وذلك بإتباعه طريق التغذية الماكروبيوتية.
هذه الطرائق في التشخيص ليست سوى مفهوم الطاقات والذبذبات بمعناها الحقيقي وليس بمعناها الفيزيائي (علم الطبيعيات) المادي،أو الكيميائي. مقارنة مع طرق التشخيص الحديث العادي الذي يتعلق بصورة خاصة على التصوير الإشعاعي، وتحاليل الدم، والتشخيص التشريحي الخ... هذه الطرق في التشخيص الماكروبيوتي أقل خطراً بكثير، وليس لها تأثيرات ثانوية. بل هي تفوق التشخيص الطبي الجاري لأنها تكشف في آن معاً وبطريقة شاملة، المشاكل المختلفة.
باقتراح اختيار الطب الطبيعي، نفهم الهدف الرئيسي من أن العلاج ليس مادياً بل يسعى إلى تناسق الطاقة والذبذبات الجسدية. إليكم بعض التطبيقات الرئيسية للطب الطبيعي:
الطرق في إتباع الحمية: بترك بعض الأطعمة أو بتوجيه الغذاء اليومي نحو غذاء الماكروبيوتك، يكتسب الفرد توازناً أكثر جسدياً ونفسياً.
الطب بواسطة الأعشاب: بتطبيق بعض الأعشاب حسب بعض الطرق في التركيب والمزج، التداوي بواسطة بالأعشاب بإمكانه تصحيح عدم التوازن في الطاقة في المشاكل الجسدية والنفسية. ودون أن يؤدي ذلك إلى أية أضرار جانبية من جراء إتباع هذا النظام الغذائي الشامل.
التدليك «شياتسو» وأساليب أخرى: استعمال الأيدي والأصابع في التدليك، لمعالجة ولتهدئة طاقات الجسم المختلفة والوظائف الدموية، والتي تساعد الجسد والذهن في تجديد كل رُكود و/أو كل انزعاج depretion .
هنالك علاجات أخرى كثيرة في الطب الطبيعي، بما بينها اليوغا والوخز بالإبر ووضع اليدين والصلوات وتمارين جسدية أخرى، تعاليم نفسية وتقنيات ذهنية، تطبيقات كهرومغناطيسية، معالجات بواسطة الألوان، الموسيقى، الأصوات، الروائح، التنويم المغناطيسي، الصور .الإحساس الذهني.
هذه المعالجات يمكن تجميعها تحت عبارة المعالجة بواسطة الطاقة أو الذبذبات وهي تتطابق مع الطب والتداوي بالأعشاب الذي يحاول تأليف عبر بعض المركبات الكيميائية: الفيتامينات: المعادن، الحوامض، إعطاء بعض أنواع الطاقة والذبذبات الضرورية لإعادة التوازن إلى طاقتنا.
عندما نأكل مثلا جذور نوع من الخضر يحصل جسدنا على طاقة متجهة نحو الأسفل، في حين نحصل على طاقة متجهة نحو الأعلى حين نأكل أوراق النبتة نفسها. إن تحضير الطعام والأعشاب مع قليل من الملح البحري يمكن إعطاء طاقة منقبضة، في حين أن تحضير الطعام مع السكر العادي يعطي الأطعمة طاقة أكثر تمدداً.
الطب الطبيعي هو إذاً الطب الذي يعالج الحياة البشرية كونها طاقة وذبذبات وبهذا المعنى، لا يعتبر الكائن البشري جسداً مادياً بل مظهراً روحياً.
عندنا، هذا المفهوم الرئيسي- بأن الإنسان-و الحياة البشرية هما من الطاقة. من الذبذبات أو الروح . يترسّخ بذهن المستقبل، الطب الحالي المستند إلى العوارض و المتخصص سيتغير وسيتوجه بطريقة لا مفر منها نحو الطب الطبيعي.
هذه الثورة في الطب سترفع الإنسانية باتجاه شكل من الوجود أعلى وبطبيعة عميقة في روحانيتها، تشارك بدون شك في تحقيق حضارة ذات صحة روحية على مستوى الكوكب.
ميشيو كوشي
رسالة إلى المؤتمر العالمي
للطب البديل في مدريد . اسبانيا