لست مشبعاً بكرة القدم، وآخر متابعتي الجيدة لها كانت قبل سنوات، ورغم ميولي إلى نادي الهلال إلا أني اعتزلت المتابعة منذ اعتزال ماجد عبدالله مهاجم النصر، وهو الخصم الأكبر للهلال، وحينها وجدت أن الكرة في بلادي السعودية باتت بلا موهبة ولا طعم.
أتطفل على الشاشة في النهائيات لمتابعة المباريات الحاسمة، والدردشة السريعة التي تتم بين الملك عبدالله واللاعبين المتوجين لمصافحته.
يدفعني الحنين إلى الكرة حين يحل كأس العالم، ويدفعني الشوق إلى المتعة، ومشاهدة منتخب بلادي، ولذا قررت أن أكتب أول مقال رياضي في مسيرتي القصيرة وهي تكمل عقدها الأول.
قررت أن استثني تخصص مهنتي في صحافة تلاحق أخبار "القاعدة"، وتنهل من رمادها إلى "إرهاب" آخر يطل علينا كل مونديال نبلغه.
حين يفشل تسويق المنتج يتم استبداله بآخر جديد، لا أن يعاد تجميل ما هو مرفوض. منتخبنا دائماً ما يعيد إنتاج الأسماء والوجوه، وأحياناً يتجمل بتبديل الكراسي.
في 3 مشاركات، كانت الأولى مشرفة وما تلتها من المخازي إلا قليلاً. بعد فرنسا تأمل الجمهور بعض التعديلات. جاء 2002 فكانت ذات الوجوه والفضيحة. جاءت لجنة عليا. استبشر الجمهور، لعل وعسى. غابت اللجنة كملح في كوب لا قاع له. اليوم، أنظر إلى حال الذاهبين إلى ألمانيا، ولا جديد. تتكرر الوجوه.
لو سألنا من تابعنا في مونديال 2002 لحدثنا عن أربعة أسماء هي من قادتنا إلى ما جرى، فبعيداً عن الهرم الأعلى، لننظر إلى : ناصر الجوهر (مدرب)، فيصل عبدالهادي (مدير المنتخب)، محمد الدعيع (حارس مرمى)، سامي الجابر ( مهاجم). كانت هناك حالة غضب من هؤلاء الأربعة.
ما فاجأني أن الألمان - وهم من فضحنا في آخر مونديال - فات عليهم، حين منح تأشيرات الدخول إلى بلادهم، أن منحوها للأربعة السالفي الذكر، وهم يعرفون بأنهم محور ما جرى آخر مرة.
اليوم، يشارك المنتخب بذات الحارس المخضرم والمهاجم الثابت، يتقدمان الفريق عمراً وعدداً في سلم المباريات الدولية. ولا أجد مبرراً واحداً يدفع مدرب المنتخب لاختيارهما - إن اختارهما، وهما ذاتهما من مونديال 94، مروراً بما أعقبه من خزي.
التكتيك هذه المرة في تبديل الكراسي للاثنين الآخرين فيصل وناصر، فالأول تم تكريمه وبات مسئولاً أعلى في اتحاد كرة القدم، والآخر مساعداً للمدرب أو مستشاراً له على خفيف.
لا أعلم حقاً، ألا يوجد غير هؤلاء نقدمهم للعالم كل مرة. أحدهم يزعم أن إشراك سامي والدعيع بمثابة جزء من تكريمهما على مشوارهما الطويل مع المنتخب. يثيرني أن يكون هذا الكلام أقرب إلى الصواب والواقع أمامنا، وهنا أفكر في الكيفية التي تدفعنا إلى العبث بمشاعر بلد وشعب من أجل تكريم عابرين في منتخب عابر، وكأن المونديال ليس إلا مهرجان الجنادرية نكرم فيه أهم معالمنا كل مرة.
عيون الجمهور تمتلئ اعتزازاً بكون منتخبنا بات رقماً ثابتاً في كل مونديال، ولكن متابعة المنتخب السعودي هي جزء من مواطن الشقاء البشري أحياناً.
أشعر أن منتخبنا يذهب خالياً من الخطط والتحضير اللائق بالمناسبة، مكتفياً بتحصين نفسه بالأية الكريمة {وينجّي الله الذين آمنوا}.
هذا المقال منقول بالنص من موقع صحيفة "إيلاف" الالكترونية.