لا تصدقوا كل ما يقال عن الإرهاب
تشارلي ريس
ما رأيكم لو تحدثنا عن الإرهاب بعيداً عن عالم الإعلام ونظرنا له كما هو في عالمه الحقيقي! عندما نفعل ذلك فإن الذي نجده أن الإرهاب ليس هو التهديد الذي تروجه وسائل الإعلام ولا السياسيون.
فقبل كل شيء نجد أن أي هجوم إرهابي هو حدث إعلامي. فليس هناك إرهابي في العالم على درجة من الغباء ليعتقد أن تفجير عدة مبان وأشخاص سيطيح بحكومة ما أو حتى يغير من سياساتها الأساسية فما يتم تفجيره ومن يقتل لا يهم في الحقيقة، ما يهم هو الاهتمام الإعلامي. فما يريده أي إرهابي هو إعلان دوافعه وإرسال رسالة استقطابية (تجنيدية) مفادها أن من الممكن أذية العدو الأكبر. ولحسن حظ الإرهابيين فإننا نعيش في عالم به 500 قناة تلفزيونية وشبكة الإنترنت وأخبار على مدار أربع وعشرين ساعة يومياً مع الأخذ في اعتبارنا كم هي الشركات بخيلة في توظيفها لطاقم مراسلين.
ثانياً فعالم الأخبار - مثله مثل عالم ديزني - يعتمد أساساً على القصص وهناك فرق كبير بين القصة والتقرير ففي القرير أنت بالكاد تجيب، أسئلة مثل من؟ وماذا؟ ومتى؟ وأين؟ ومعظم الأحداث يمكن إرسال تقرير عنها بكلمات قليلة نسبياً أو في وقت قصير عندما يكون ذلك التقرير حياً على الهواء. ففي لندن - على سبيل المثال - انفجرت أربع قنابل في وقت محدد ويوم محدد كانت 3 منها في القطارات الأرضية والرابعة في حافلة ركاب، وقتل 52 شخصاً وجرح 700 آخرون، والشرطة تتحرى عن تلك الهجمات وهذا كل شيء. لكن إذا أردت قصة فإنك بحاجة إلى توسيع أكثر كأن تتحدث إلى شهود عيان وحتى لأناس لم يشهدوا ما حدث، وتتحدث إلى خبراء، وتنخرط، في تخمينات وسيكون هناك فجوات وفجوات غير منتهية، فإذا كانت القصة ستبث تلفزيونياً فإن الشريط نفسه يعاد مراراً لدرجة تصيب بالغثيان، والذي يستفيد من كل ذلك الاهتمام هم الإرهابيون. ولو كنا حكماء لغطينا أية هجمة إرهابية ليوم أو يومين على الأكثر ثم نتجاهلها تماماً، ولو فعلنا ذلك لأصيب الإرهابيون بالإحباط نتيجة إهمالنا لهم.
ماذا عن خطر الإرهاب! عزيزي الغالي أنت في خطر أكبر عندما تقوم بتوصيل أولادك بالسيارة للمدرسة أو عندما تعبر شارعاً مزدحماً. احتمالية أن يكون أحدنا ضحية لعمل إرهابي قليلة. فقد أغضبت أحد مروجي الخوف في التلفزيون ذات مرة عندما بينت له أن مجرمينا الذين هم من أبناء جلدتنا قتلوا عام 2001 ما يعادل أربعة أضعاف الأمريكيين الذين قتلوا في هجمات 11 سبتمبر. فالإرهابيون حينها قتلوا 3000 شخص بينما بلغ مجموع من قتل نتيجة حوادث الإجرام 12000 شخص، بالإضافة إلى ذلك - وفي نفس العام - قتل حوالي 101 ألف أمريكي نتيجة حوادث السيارات، ومات حوالي مليونين نتيجة الكوارث الطبيعية. فلماذا نركز على الإرهابيين بينما قتلت الأنفلونزا وداء ذات الرئة 62 ألف أمريكي. وقد لا تصدق أنه قتل في عام 2001 أكثر من 15 ألف أمريكي في حوادث سقوط أغلبها كانت داخل بيوتهم أو حواليها.
ما تحتاجه لتحمي نفسك من هجوم إرهابي هو أن تكون في مكان آخر، وفي بلد مثل أمريكا والتي تبلغ مساحتها ثلاثة ملايين ميل مربع فإن 99.99% منا سيكونون دائماً في مكان آخر بعيداً عن موقع الهجوم. وبالنسبة لتهديد الروح البشرية يمثل الإرهاب مرتبة مقاربة للدغة الثعبان ولدغة العقرب.
ما ينبغي عليك إدراكه أن الإرهابيين القلائل الموجودين حقيقة يدعمون مصنعاً كبيراً في الولايات المتحدة. فإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بكاملها تعتمد عليهم، وهناك المئات ممن يدعون أنهم خبراء في الإرهاب، والإعلام مذهول به. وتوسعت البيروقراطية، فكل وكالة لتطبيق القانون وأقسام إطفاء الحريق في أنحاء الولايات المتحدة تلتحق بالقطار نفسه، والمصانع الخاصة ازدهرت بفضل بيع مستلزمات الإرهاب والخبراء المزعومين. كل ذلك هو في الحقيقة يهدف إلى إحداث جلبة، فهل تعتقد أن حكومة الولايات المتحدة كانت ستستمر في السماح لأكثر من مليون غريب غير شرعي ليعبروا الحدود الأمريكية لو كانت فعلاً قلقة بشأن الإرهابيين.
وأخيراً دعوني أذكركم أن الموت للكائنات البشرية هو حتمي 100% فكلنا سنموت بطريقة أو بأخرى، ولذلك فلن يستطيع الإرهابيون أن يلحقوا شيئاً بنا ما لم يكن ذلك مكتوباً لنا على أية حال. فلا تعيشوا في خوف، ولا تدعوا حفنة من السياسيين المنتهزين وأصحاب الشركات المنتهزين وكاتبي سيناريوهات هوليوود وأصحاب القنوات التلفزيونية ذوي العقول المتخلفة يخيفونكم ولو لدقيقة، فـ99% من الحرب على الإرهاب هي سماد له.
* كاتب أمريكي، خدمة كينج فيتشر (خاص "الوطن")
الموضوع ملطوش من جريدة الوطن لكن اعجبني واريد من اخواني مناقشت الموضوع
المواضيع المتشابهه
العرض الشجري