قد يتبادر إلى ذهن القارئ عند قرآءته لعنوان المقال أني قصدت بالتلميذة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. وأني قصدت بالمعلّم والدها عليه صلوات ربي وسلامه .ولا ألوم القارئ في هذا الظن ، فالبتول فاطمة – رضي الله عنها وأرضاها - هي أفضل وأشرف نتاج تربية لابنة معلم البشرية أجمع ، بنت طاهرة نشأت في بيت يصدح بكلام الله وبرسالة التوحيد ..
بنت تربت في حضن أم صالحة هي سيدة نساء العالمين خديجة – رضي الله عنها وأرضاها – وتلقت علوم التوحيد من والدٍ اصطفاه الله من أشرف بيوت العالمين – صلى الله عليه وآله وسلم - وأفضلهم خلقاً وأسماهم أخلاقاً ; ليحمله رسالة التوحيد إلى مجتمعٍ عمّه الكفر والشرك والضلال ، وأنهكته الحروب القبلية والصراعات الدنيوية من أجل السيادة والكلأ ، فظهرت فيه الطبقية بأبشع صورها في رق مملوك ، وجشع غير محدود ، وتفلت أمني لم ينجو منه إلاَّ القوي في صراع الأقوياء .
لكني في حقيقة الأمر سيكون حديثي في مقالي هذا عن فاطمة أخرى .. وعن محمدٍ آخر !رأيت في سيرة هذه الفاطمة .. سيرة عصرية لا تبعد كثيراً عن زمننا الذي نعيشه اليوم .. سيرة جديرة بالاقتداء في طبيعة نشأة الابنة التلميذة النجيبة ، وأنموذج رائع لعلاقة البنت التلميذة مع والدها المعلم المربي ..
في قراءتي في سيرة فاطمة الأولى رضي الله عنها وارضاها .. وفي سيرة فاطمة الثانية – رحمها الله – اتضح لي تأثر الثانية – وبوضوح- بالأولى !!
الأمر الذي جعلني أقارن و بتأمل عميق طبيعة المجتمع الذي نشأت فيه فاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وسلم .. وطبيعة المجتمع الذي نشأت فيه فاطمتنا التي سنتحدّث عنها في هذا المقال !
حديثي اليوم عن فاطمة بنت الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، مجدّد الدين والداعية إلى التوحيد والعودة لمنهج السلف الصالح في العصر الحديث . عندما أعود لسيرتها – رحمها الله تعالى – أجد فيها أنموذجاً حيّاً لتلميذة نجيبة تلقت العلم على يد والدها – رفع الله منزلته في الفردوس الأعلى ..
تلميذة تلقت العلم وتشربته حتى الارتواء ; فكانت خير داعية للمبادئ والرسائل الإيمانية التي تعلمتها من والدها ..
عندما نعود بذاكرتنا إلى واقع مجتمع الجزيرة العربية حين ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ; فإننا سنجدها بيئة سادتها الصراعات بين القبائل ، وكان التقاتل بينهم يقوم لأدنى سبب !
وكانت مظاهر الشركيات والبدع أمر سائد اعتاده الكثير من الناس آنذاك ، ولم يكن أمراً مستهجناً أو منكراً !