( 4) : وقفة مع علم النفس والأحلام .
نظرة علماء النفس للأحلام اختلفت باختلاف أديانتهم وعقائدهم وتوجهاتهم ، فمنهم من هو مؤمن بالله تعالى فنظرته تلك النظرة الشرعية الصحيحة الموافقة للكتاب والسنة ، والتي بيناها في عدد سابق من هذه الزاوية المباركة ؛ إذ الأحلام عندهم ليست تخليطاً ولا هلوسات وصراعات للنفس بل منها ما هو من الله تعالى ومنها ما هو من الشيطان .
أما الغربيون وغير الإسلاميين فهم يزعمون بأن الأحلام صراعات جنسية ومشاعر وجدانية مكبوتة محبوسة في النفس ، وهذا القول قال وبنى وأسس به اليهودي ( سيجموند فرويد ) مدرسته (( مدرسة التحليل النفسي )) وهو من علماء الماديين وقد كانت رسالته العالمية في هذا الموضوع موضوع :
( الأحلام ) ، وعندهم أيضاً أن الأحلام لا تنبيء للمستقبل بل هي رغبات مكبوتة منذ الطفولة ، والغرض من الأحلام عند ( فرويد ) حماية وحراسة النائم من الأفكار المزعجة التي تقلق راحته ، فالطفل الذي يرغب في اقتناء دراجة مثلاً ولكن أبويه يرفضان تحقيق رغبته ، يحلم بأنه يركب أعظم دراجة أمكن صنعها في منامه ، وبهذه الطريقة تلبى رغبة الطفل ولا يتعرض نومه للاضطراب نتيجة لتلك الرغبة التي لم تتحقق في يقظته ، أما فيما يختص برغبات ومتطلبات الكبار ، فهي أشد تعقيداً ، ومن ثم تجيء أحلامهم أكثر تعقيداً ، وعندهم أن الوالد الفظ الشديد قد يبدوا في الحلم على هيئة ملك ، والأبناء العاقون قد يبدون في هيئة حيوانات صغيرة .
ويرى أيضاً مؤسس هذه المدرسة أن ( الرموز ) لا تعني عنده شيء في النوم ، بل ويرمز في كل حركة في النوم بأنها عملية جنسية بحته ، فانتقد فرويد حتى من أبناء جنسه ووقته كـ ( يونج ) وغيره .
وهذا النظريات كلها أحبتي ضلال وتخبيط وتخليط لا يوافقون عليها في ديننا الإسلامي ، قال أبوالعباس القرطبي – رحمه الله - : (( وقد اختلف الناس في كيفية الرؤيا قديماً وحديثاً ، فقال غير المتشرعيين أقوالاً كثيرة مختلفة ، وصاروا فيها إلى مذاهب مضطربة قد عريت عن البرهان فأشبهت الهذيان ، وسبب ذلك التخليط العظيم في الإعراض عما جاءت به الأنبياء عن الطريق المستقيم )) . ( المــفهم 6/6 ) .
فما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه غنية شافية كافية لنا مما جاء به أهل النظريات الغربية كنظرية يونج الغربية ، ونظرية التهيأت الحسية الخارجية ، والنظرية الفسيولوجية والتي تنسب سبب الأحلام لسوء الهضم والمرض والحمى وتأكل خلايا المخ وغير ذلك من الأسباب التي يزعمون ، وكنظرية العقل الباطني أو النفس الواعية التي تقرأ أعماق النفس فتهدمها ولا تبنيها لأنها تبحث في سر من أسرارها آلا وهي الروح التي لا يعرف حقيقتها وماهيتها إلا الله تعالى الذي خلقها فسوها ، فما نتج لهم إلا الضلال والفساد ، قال الإمام المازري ( رحمه الله ) : (( كثر كلام الناس في حقيقة الرؤيا . وقال فيها غير الإسلاميين أقاويل كثيرة منكرة لما حاولوا الوقوف على حقائق لا تعلم بالعقل ولا يقوم عليه برهان وهم لا يصدقون بالسمع فاضطربت لذلك مقالاتهم )) . ( المعلم بفوائد مسلم 3/ 199-200).والله تعالى أعلم وأحكم .
..... وقفة : ( أخذت عشر شموع ) : .................................................. ..........................
جاء رجل لابن سيرين فقال له : رأيت كأني أخذت عشر شموع وجعلتها في خرقة . فقال له تنال عشرة الآف دينار .