في صباح يوم ربيعي
والشمس الدافئة
تنساب إلى مكتب رجل الأعمال العجوز
والرئيس التنفيذي للشركة التي يملكها
اتخذ قرارا بالتنحي عن منصبه وإعطاء الفرصة للدماء الشابة الجديدة بإدارة شركته
لم يرد أن يوكل هذه المهمة لأحد أبنائه أو أحفاده وقرر اتخاذ قرار مختلف
استدعى كل المسؤولين التنفيذيين الشباب إلى غرفة الاجتماع وألقى بالتصريح القنبلة
لقد حان الوقت بالنسبة لي للتنحي واختيار الرئيس التنفيذي القادم من بينكم
تسمر الجميع في ذهول
واستمر قائلا
ستخضعون لاختبار عملي وتعودون بنتيجته
في نفس هذا اليوم من العام القادم وفي نفس هذه القاعة
والاختبار سيكون التالي:
سيتم توزيع البذور النباتية التالية التي أتيت بها خصيصا من حديقتي الخاصة
وسيستلم كل واحد منكم بذرة واحدة فقط
يجب عليكم أن تزرعوها وتعتنوا بها عناية كاملة طوال العام
ومن يأتيني بنبته صحيحة تفوق ما لدى الآخرين
سيكون هو الشخص المستحق لهذا المنصب الهام
كان بين الحضور شاب يدعى عمرو
وشأنه شأن الآخرين استلم بذرته وعاد إلى منزله وأخبر زوجته بالقصة
أسرعت الزوجة بتحضير الوعاء والتربة الملائمة والسماد وتم زرع البذرة
وكانا كل يوم لا ينفكان عن متابعة البذرة والاعتناء بها جيدا
بعد مرور ثلاثة أسابيع بدأ الجميع في الحديث عن بذرته التي نمت وترعرعت
ما عدا عمرو الذي لم تنبت بذرته رغم كل الجهود التي بذلها
مرت أربعة أسابيع ، ومرت خمسة أسابيع ولا شيء بالنسبة لعمرو
مرت ستة أشهر – والجميع يتحدث عن المدى الذي وصلت إليه بذرته من النمو
وعمرو صامت لا يتحدث
وأخيرا أزف الموعد
قال عمرو لزوجته بأنه لن يذهب إلى الاجتماع بوعاء فارغ
ولكنها قالت علينا أن نكون صادقين بشأن ما حدث
وكان يعلم في قرارة نفسه بأنها على حق
ولكنه كان يخشى من أكثر اللحظات الحرجة التي سيواجهها في حياته
وأخيرا اتخذ قراره بالذهاب بوعائه الفارغ رغم كل شيء
وعند وصوله انبهر من أشكال وأحجام النباتات التي كانت على طاولة الاجتماع في القاعة
كانت في غاية الجمال والروعة
تسلل في هدوء ووضع وعاءه الفارغ على الأرض
وبقى واقفا منتظرا مجيء الرئيس مع جميع الحاضرين
كتم زملاؤه ضحكاتهم والبعض أبدى أسفه من الموقف المحرج لزميلهم
وأخيرا أطل الرئيس ودخل الغرفة مبتسما
عاين الزهور التي نمت وترعرعت وأخذت أشكال رائعة ولم تفارق البسمة شفتيه
وحين بدأ الرئيس في الكلام
مشيدا بما رآه مهنئا الجميع على هذا النجاح الباهر الذي حققوه
توارى عمرو في آخر القاعة وراء زملائه المبتهجين الفرحين
قال الرئيس يا لها من زهور ونباتات جميلة ورائعة
اليوم سيتم تكريم أحدكم وسيصبح الرئيس التنفيذي القادم
وفي هذه اللحظة لاحظ الرئيس عمرو ووعاءه الفارغ
فأمر المدير المالي أن يستدعي عمرو إلى المقدمة
هنا شعر عمرو بالرعب وقال في نفسه بالتأكيد
سيتم طردي اليوم لاني الفاشل الوحيد في القاعة
عند وصول عمرو سأله الرئيس ماذا حدث للبذرة التي أعطيتك إياها
قص له ما حدث له بكل صراحة وكيف فشل رغم كل المحاولات الحثيثة
كان الجميع في هذه اللحظة قائما ينظر
ما الذي سيحصل فطلب منهم الرئيس الجلوس ما عدا عمرو
ووجه حديثه إليهم قائلا
رحبوا بالرئيس التنفيذي المقبل عمرو
جرت همسات وهمهمات واحتجاجات في القاعة
كيف يمكن أن يكون هذا وتابع الرئيس قائلا
في العام الماضي كنا هنا معا وأعطيتكم بذورا لزراعتها وإعادتها إلى هنا اليوم
ولكن ما كنتم تجهلونه هو أن البذور التي أعطيتكم إياها كانت بذور فاسدة
ولم تكن بالإمكان لها أن تنمو إطلاقا
جميعكم أتيتم بنباتات رائعة وجميلة . جميعكم استبدل البذرة التي أعطيتها له أليس كذلك ؟
عمرو كان الوحيد الصادق والأمين
والذي أعاد نفس البذرة التي أعطيته إياها قبل عام مضى
وبناء عليه تم اختياره كرئيس تنفيذي لشركتي.
هذا هو جزاء الصدق والأمانة
إذا زرعت الأمانة فستحصد الثقة
إذا زرعت الطيبة فستحصد الأصدقاء
إذا زرعت التواضع فستحصد الاحترام
إذا زرعت المثابرة فستحصد الرضا
إذا زرعت التقدير فستحصد الاعتبار
إذا زرعت الاجتهاد فستحصد النجاح
إذا زرعت الإيمان فستحصد الطمأنينة
لذا كن حذرا اليوم مما تزرع لتحصد غدا
وعلى قدر عطائك في الحياة تأتيك ثمارها
__._,_.___
ممم