الحمد لله رب العالمين علم الإنسان مالم يعلم خلق فسوي وقدر فهدى وأمات وأحي رب الأولين والأخرين يعز من أطاعه ويذل من عصاه والصلاة والسلام على السراج المنير والبشير النذير خير خلق الله أجمعين إمام الأولين والأخرين نبينا محمد وعلى آ له وصحبه أجمعين اللهم ارزقنا حبه واحشرنا في زمرته وارزقنا حسن اتباعه يا أرحم الراحمين ....
فهذه محاضر في علم مصطلح الحديث استفدت منها من شرح المشايخ أبي اسحاق الحويني المسمى الشرح النفيس على الباعث الحثيث في مختصر علوم الحديث للإمام ابن كثير رحمه الله تعالى ومن شرح الشيخ العلامة ابن عثيمين على نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى ومن شرح الشيخ الكريم عثمان الخضير والعلامة الكبير الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير وكلاهما على نخبة الفكر وأيضا من كتاب تيسير مصطلح الحديث للدكتور محمود الطحان أستاذ الحديث بكلية الشريعة بالكويت والذي يعتبر بالنسبة لي أقدم وأمتع وأجل كتاب في علم المصطلح إذ قرأته وذاكرته ما يزيد على عشرين مرة وكذلك كتاب تدريب الرواي في شرح تقريب النواوي للحافظ السيوطي رحمه الله تعالي وكذلك محاضرات من السنة للدكتور ياسين الفحل ومن مؤلفات إمام هذا العصر في علم الحديث المحدث الكبير محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى أردت أن أضعها بين يدي الأخوة الأحباء من المحبين لسنة البشير النذير عل الله تعالى أن ينفع بها وبأصولها والله تعالى حسبي ونعم الوكيل وسيكون منهجي فيها هو التسلسل أي جعلها على حلقات حتى لا يسأم أحد منها والله تعالى من وراء القصد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الحلقة الأولى
الحديث الصحيح
الحديث الصحيح: هو ما اتصل إسناده برواية عدلٍ تمَّ ضبطهُ عن مثلهِ إلى منتهاه، ولم يكن شاذاً ولا معلاً.
فيظهر من هذا التعريف أن شروط صحة الحديث خمسة :
الأوّل : الاتصال ، وهو سماع الحديث لكل راوٍ من الراوي الذي يليه .
ويعرف الاتصال بأحد أَمرين : الأول أن يصرح الراوي بإحدى صيغ السّماع كأن يقول الراوي : حدثنا ، أو حدثني ، أو أَخبرنا ، أو أخبرني ، أو أَنبأنا ، أو أنبأني ، أو سمعت ، أو قال لي ، أو قال لنا ، أو نحوها من صيغ السماع .
الثاني : أن يأتي الراوي بصيغةٍ تحتمل السّماع وغير السّماع ، كأن يقول الراوي : عن ، أو أن ، أو قال ، أو حدث ، أو روى ، أو ذكر ، وغيرها من الصيغ التي تحتمل السّماعَ وعدم السّماع .
فهنا تشترط ثلاثة أمور :
الأول : عدم التدليس .
الثاني : المعاصرة .
الثالث : ثبوت السّماع .
وقد اكتفى مسلم بالشرطين الأوليين ، أما الشرط الثالث فقد اشترطه البخاري ، وشيخه علي بن المديني ، واشتراطه قول جمهور أهل العلم .
وباشتراط الاتصال يخرج المنقطع ، والمعضل ، والمعلق ، والمدلس ، والمرسل .
أما الشرط الثاني : فهوَ العدالة : وهي هيئة راسخة في النفس تمنح صاحبها عدم فعل الكبائر ، وَعدم الإصرار على الصغائر ، وَعدم فعل ما يخرم المروءة .
أمّا الشرط الثالث : فهو الضبط : وهو تيقظ الراوي حين تحمله وفهمه لما سمعه ، وضبطه لذلك من وقت التحمل إلى وقت الأداء .
والضبط ضبطان : ضبط صدرٍ ، وضبط كتاب ، ويلخص مما ذكر في الضبط بقولنا : أنْ يكون الراوي حافظاً عالماً بما يرويه ، إن حدث من حفظه ، فاهماً إن حدث على المعنى ، وحافظاً لكتابه من دخول التحري أو التبديل ، أو النقص عليه إن حدث من كتابه .وفي اشتراط الضبط احترازٌ عن حديث المغفل ، وكثير الخطأ ، وسيئ الحفظ ، والذي يقبل التلقين . وهذه الشروط ( الاتصال ، العدالة ، الضبط ) الثلاثة تتعلق بالإسناد .
أما الشرط الرابع : فهو عدم الشذوذ ، والحديث الشاذ ([1]) هو الذي خالف فيه راويه من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
([1]) مثاله ما رواه عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله r : (( إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه )) فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّ حينما جعل الحديث من قول النبي r والصواب أنه من فعله هكذا رواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه عند ابن ماجه ( 1199 )، والنسائي في الكبرى ( 1456 )، وكذا رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي صالح عند البيهقي 3/45 .
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/45 فقال عن رواية الفعل: (( وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس )) ، وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/308 فقال : (( هذا باطل وليس بصحيح ، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها ، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه )) . وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/672 . وهذا الشذوذ في جميع المتن ، وهناك شذوذ ببعض المتن كزيادة التسمية في حديث أنس في الوضوء .
آخر تعديل مشرف الحلقات يوم 05-03-2010 في 01:16 AM.