سرد جندي أمريكي سابق عمل في معتقل غوانتانامو في كتاب له ما شهده من سوء معاملة وحشية للمعتقلين هناك.
ويأتي كتاب الرقيب إريك سار "داخل الأسلاك الشائكة" في وقت تلقى الأضواء فيه على المعاملة التي يلقاها السجناء من قبل الجيش الأمريكي، وسط جلسات قضية سجن أبو غريب.
واعتبر سار في مقابلة مع بي بي سي أن ممارسات جنسية غريبة في غوانتانامو قد أسست لسوابق خطيرة مهدت الطريق أمام سوء معاملة السجناء في العراق.
كما يقول سار الذي عمل مترجما للجيش إنه على الرغم من محاولات إصلاح الأخطاء في غوانتانامو، فإن المعتقل لا يزال يدنس القيم التي تقاتل من أجلها الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب.
ويروي سار استجوابا اعتبره أقبح ما شهده في المعتقل خلال الأشهر الستة التي أمضاها فيه:
فأثناء محاولات قامت بها مستجوبة على إجبار سجين سعودي على الكلام، شرعت بنزع ثيابها لإثارته جنسيا وجلب العار له ومنعه عن الاعتماد على إيمانه للدعم النفسي.
ثم غادرت قاعة الاستجواب، حسب روايته، بحثا عن قلم حبر أحمر.
وعادت "بروك" إلى السجين، وسحبت يدها من سروالها أمامه. ولما ظهرت يدها، رأى السجين ما بدا له أنه دم أحمر عليها. ومسحت يدها على وجهه، وقد ظن أن ذلك دم الحيض مما أثار غضبه الشديد وحاول جاهدا التحرر من قيوده.
غير أن "بروك" استمرت في تحريضه، وسألته إذا كان يعتقد أن الله سيكون مسرورا بأفعاله، كما دعته إلى أن يستمتع بالصلاة.
وقد أعيد أخيرا إلى سجنه من دون إعطائه المياه، ما جعله غير قادر على التوضؤ.
وقد تطوع سار الخبير في اللغة العربية في الجيش الأمريكي للعمل في غوانتانامو عام 2002.
ويقول إن ما رآه في السجن غير من نظرته إلى المعتقل وإلى بلاده كليا.
كما يقول إن عدد محاولات الانتحار في المعتقل يتجاوز بكثير ما تعترف به الحكومة الأمريكية.
ويدعي سار أن بعض وحدات الجيش تورطت في عدد من الاعتداءات بالضرب على السجناء.
كما اعتبر أن من بين المعتقلين ال600 في المعتقل لا يزيد عدد "الإرهابيين المتشددين" فيه عن حوالي العشرين.
وقال سار:"تحاول الحكومة الأمريكية إظهار معتقل غوانتانامو على أنه المكان الذي نرسل إليه أسوا السيئين، غير أن ذلك غير صحيح.
وأضاف: "غوانتانامو بداية خطأ. لقد أسس لسابقة في تصينف الأشخاص بالمحاربين الأعداء، ما جعل الحد الفاصل بين الصحيح والباطل غير واضح."
واعتبر أن من الممكن اعتبار أن أخطاء غوانتانامو هي التي أدت إلى أخطاء أبو غريب.
يذكر أن اتحاد الحريات المدنية الأمريكي أصدر في كانون الأول/ ديسمبر 2004 بعض المواد المتعلقة بسوء معاملة السجناء، وقد حصل عليها من خلال قانون حرية تدفق المعلومات.
وقد تضمن ذلك رسالة إلكترونية من مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) من تاريخ كانون الأول/ ديسمبر 2003، أي بعد ستة أشهر على رحيل سار، تدعي أن مستجوبين من وزارة الدفاع تظاهروا بأنهم عملاء للإف بي آي فيما استخدموا "أساليب التعذيب" على أحد المعتقلين.
وقالت القيادة الجنوبية في الجيش الأمريكي للبي بي سي إنها تحقق في سوء معاملة السجناء بعد إصدار مذكرات الإف بي آي.
غير أنها رفضت التعليق على أي من الادعاءات قبل نشر نتائج التحقيق.
كما نفى مسئولون ادعاءات في كتاب سار مفادها أن مستجوبين في غوانتانامو "مثّلوا" تحقيقا أمام محققين زائرين.
وصرح ناطق رسمي للبي بي سي بأن سار هو مجرد لغوي من الدرجة الثانية وليس في موقع يسمح له بفهم القرارات خلف التخطيط للاستجواب.
ويعالج الجيش الأمريكي مسألة كيفية معاملة السجناء بإنسانية والقيام بالضغط اللازم في الوقت نفسه من أجل إجبار السجين على الاعتراف بمعلومات ضرورية.
ومن المنتظر أن يصدر الجيش دليلا جديدا للاستجواب، يتوقع أن يمنع منعا باتا بعض الأساليب القاسية ويضم أمثلة مفصلة وإشارات إلى شرعة جنيف.
وقد يشكل رمي كرسي إلى حائط في تمثيل للغضب أمرا مقبولا، في حين لن يكون مقبولا أن يتم ضرب السجين بالكرسي.
وكان تحقيق قامت به وزارة الدفاع الأمريكية في شهر آذار/ مارس الماضي قد أظهر أن سياسة الاستجواب المتبعة لا تؤدي إلى سوء المعاملة.
وقد حقق في ادعاءات سوء معاملة في العراق وأفغانستان وغوانتانامو.
غير أن منظمات لحقوق الإنسان انتقدته واعتبرته متساهلا للغاية.
ويعتبر سار أن تقدما قد حصل في تحسين الأوضاع في غوانتانامو، غير أن تغييرا جذريا هو المطلوب.
ويتساءل سار: "لقد أصبح غوانتانامو رمزا لكل ما هو خاطئ في صورة الولايات المتحدة. إذا كنا نحاول بناء جسور مع العالم الإسلامي، ما هو الوجه الذي ننقله عن أنفسنا؟"
"داخل الأسلاك الشائكة" الذي كتبه إريك سار وفيفيكا نوفاك نشرته بنغوين بريس في الولايات المتحدة
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news...00/4531929.stm