[align=center]
إن ظلم الأقارب وجفاء ذوي الأرحام مزلة وهاوية وأرض قفر خاوية تسكنها الأشواك والدواب ومن سلم فيها من الشوك فستغازله الأفعى بطريقتها الخاصة ..
ولئن كان الخطأ في حق الأقارب مهلكة فإنه في حق الوالدين عنوان شقاء وبوابة فناء ودفتر جحيم .. إنه بداية النهاية .. والمحروم من حرمه الله
الأب الحاني والأم الرؤوم شمس الحياة وقمرها وبعد سنوات من التضحية ليشب ولدهما ويصلب عوده ويتربع في صدور المجالس يقابلهما الولد العصي والغر الشقي باللوم والزجر والسوء والهجر ..
صبوحهما من ولدهما أف وغبوقهما أخواتها ، يرفع عليهما صوته ويقدم حق الزوجة والولد والصديق والجار على حقهما ليكونا في جدول أعماله أمرا ثانويا ..
إن هذا المسلك الوخيم والمرتع الذميم يؤدي بسالكيه والراتعين فيه إلى خزي الدنيا وعذاب الآخرة ومن سار على الدرب وصل ..
أيها المخطئ وكلنا ذوو خطأ
إن من زل وارتكس وركب الخطأ طريقا فليبادر بالاغتسال بنهر الاعتذار البارد فنعم المغتسل
شاب جاهل أخطأ في حق والديه وأسرف في الخطأ فأراد الاعتذار لهما ..
تقدم فتلعثم .. ما ذا يقول وكيف تطاوعه الحروف وقد أسرف في الخطأ في حق من قرن الله تعالى حقهما بحقه سبحانه في غير ما موضع من كتابه الكريم ..
طرق باب غرفتهما بأنامل يلفها الارتباك فتحا له بابتسامة معهودة .. تحمل كما من عبارات العتاب .. دخل عليهما .. تحدثت دموعه قبل حروفه .. انعقد لسانه .. عزم على جملة ليستفتح بها مقامة الاعتذار فاستعصت مخارجها وأمسى في حضرة والديه أصم إلا من لغة العينين .. ثم انسحب إلى غرفته .
انتقل المشهد إلى مكان آخر .. تهامس الوالدان فهما لغة الدموع .. سارا في إثر ولدهما .. طرقا باب غرفته .. فتح لهما ولم تبرح دموعه عينيه .. أجابته والدته بلغة مشابهة .. انسحب الأب .. تشجع ليصارح أمه .. استعصت الحروف مرة أخرى .. رفع صوته فلعله يقتلع مخارجها من أسفل جوفه المضطرم حرقة وأسى على سنوات العقوق .. لم يستطع أن يقول شيئا .. انسحبت الأم ..
وما إن وطئت أمه عتبة باب غرفته حتى انتصر على الحروف فصاح يا والداي (( ســــــامحوني )) وتحدث الشعر هنا :
[poem=font="Simplified Arabic,6,white,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="groove,6,crimson" type=3 line=0 align=center use=sp num="0,black"]
جهلي بفضل أبي أو قدر والدتي=قد هيجاني على التقصير في العمل
فالعفو يا نور عيني منك والدتي =والعفو يا أبتي أهديه في خجل
أفدي بروحي رضاكم فاقبلوا أسفي=وفي رضاكم وربي منتهى أملي
فسامحوني فتقصيري بجانبكم=أدمى الفؤاد فبات القلب في علل
ياليت شعري وقد ضيعت جانبكم=هل يغفر الله ما قد كان من زلل
بئس العقوق جوادا كنت أركبه=ما كان يعبر بي إلا على الوحل
بئس العقوق جليسا كنت أصحبه=والهم ثالثنا والروح في كسل
كيف السبيل لترضى أنت يا أبتي=تفديك روحي فقلبي بات في كلل
سامح خطاي أبي أمسيت في ندم=أهديك نفسي فهذبها من الخلل
وأنت أمي سنا عيني وبهجتها=سأرتمي فيك عل الجرح يندمل
فلتغمريني بعفو منك والدتي=فبرد عفوك مصباح من الأمل
سأمتطي البر خيلا عز مركبه=في العدو والصبر والإقدام والعجل
[/poem]
[/align]