أحكام المسح على الخفين والنعلين والجوربين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه رسالة مختصرة نضعها بين يديك في بيان بعض المسائل المهمة في المسح على الخُفَّين والجوربين والنعلين على ضوء الكتاب و السنة وآثار السلف الصالح ، وهي كالآتي :-
أولاً : - مشروعية المسح اعلم أن المسح على الخفين والجوربين والنعلين ثابت شرعاً ، ( والخُف : ما كان مصنوعاً من الجلد ، والجورب : ما كان مصنوعاً من القطن ونحوه ) فقد روى البخاري ومسلم ، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأهويت لأنزع خُفَّيه ، فقال : ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ، فمسح عليهما ) وعن همام قال : ( بال جرير ، ثم توضأ ، ومسح على خفيه ، فقيل : تفعل هذا ؟ قال : نعم ، رأيت رسول الله بال ثم توضأ ، ومسح على خفَّيه ) رواه مسلم . وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين ) رواه أبو داود والترمذي [ الإرواء : 1/137 ]
ثانياً : - إدخال الخُفَّين أو الجوربين على طهارة اعلم أنه لابد من إدخال الخفين أو الجوربين على طهارة لمن أراد المسح عليهما ، ( يعني أن يكون قد لبسهما وهو طاهر من الحدث الأكبر والأصغر ) كما جاء في حديث المغيرة بن شعبة المتقدم ذكره 0
ثالثاً : - كيفية المسح يقتصر من يريد المسح على مسح أعلى الخف أو الجورب أو النعلين ، وذلك بإمرار اليد على القدم اليمنى واليسرى مرةً واحدةً فقط ، أما مسح أسفل الخف فلم يثبت فيه دليل ، بل ثبت الدليل بخلافه ، فقد روى أبو داود وغيره عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه ) [ الإرواء : 1/140 ] 0
رابعاً : - مدة المسح وبدايته تكون مدة المسح للمقيم يوماً وليلة ( أي أربع وعشرين ساعة ) ، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ، ويبتديء من وقت مسحه على خُفَّيه لا من وقت لبسهما ، وهو ظاهر الأحاديث والمأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
خامساً : - المسح على الخف أو الجورب المُخَرَّق الصحيح أنه يجوز المسح على الخف المخرَّق والمرقَّع والشفّاف ، إذ لا دليل على منع المسح عليها، قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله : ( امسح على ما تعلقت به رجلك ، وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخَرَّقة مشقَّقة مرقَّعة ) ذكره عبدالرزاق في المصنف ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى 0
سادساً : - حكم وضوء من نزع خفيه أصح ما قيل فيه أن طهارته باقية ، لأنه مذهب الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولم يُعلم له مخالف من الصحابة ، وقد روى البيهقي والطحاوي في شرح معاني الآثار واللفظ له ، عن أبي ظبيان : ( أنه رأى عليّاًرضي الله عنه بال قائماً ، ثم دعا بماء ، فتوضأ ومسح على نعليه ، ثم دخل المسجد ، فخلع نعليه ثم صلى )
هذه بعض المسائل المتعلقة بالمسح على الخفين والجوربين ، اقتطفناها من كلام العلماء للإيضاح والبيان ، وتسهيلاً على المسلمين ، وأخذاً بالرخصة ، استجابةً لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب أن تُؤتى رُخَصُهُ ، كما يُحب أن تؤتى عزائمه )) رواه الإمام أحمد وغيره [ صحيح الجامع 1/383 ]