الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فهذه بعض الأحكام الفقهية لقيام الليل، تدعو الحاجة لبيانها ، وسأكتفي بما له تعلق بالأحكام الفقهية فقط ، على أن نذكر ما يتعلق بالموضوع ـ من مثل : أهمية قيام الليل، والأسباب الميسرة له ، وصور قيام السلف ، ونحو ذلك ـ في حلقة أخرى إن شاء الله .
أولاً: عدد الركعات :
ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ما يدل على التوسعة في صلاة الليل ، وعدم تحديد ركعات معينة ، وأنَّ السنة أن يصلي مثنى مثنى، يسلم من كل اثنتين، لحديث ابن عمر في الصحيحين: ((صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى )) ، والأفضل في صلاة الليل في رمضان وغيره إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، ثبت هذا وهذا عن النبي- صلى الله عليه وسلم- .
ولا ينكر على من زاد على إحدى عشرة ركعة .
قال الشافعي: ( رأيتُ الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في ذلك من ضيق)
ثانياً : هل الأفضل قلة الركعات مع التطويل ، أو كثرتها مع التخفيف ؟
في صحيح مسلم، أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (( أفضل الصلاة طول القنوت )) .
رابعاً : صفة الصلاة :
أ / من ناحية القيام والقعود :
الأولى أن يصلى قائماً وهذا هو الأصل ، وله أن يصلي قاعداً ويركع قاعداً ، ولكن هذا على النصف من أجر القائم
ب / من ناحية السرد :
1- يصلي إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة. وهذا هو الأفضل لما ورد في الحديث: (( صلاة الليل مثنى مثنى)) .
2- يصلي ثلاث عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة.
3- يصلي ثمان ركعات، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بخمس مجتمعات لا يجلس بينهنَّ ولا يسلم إلاَّ في آخرهن .
4 ـ يوتر بتسع مجتمعات، يجلس بعد الثامنة ويتشهد ويدعو، ثم يقوم ولا يسلم، فيصلي التاسعة، ويتشهد ويدعو ويسلم.
5 ـ يوتر بسبع مجتمعات، لا يجلس بينهنَّ ولا يسلم إلاَّ في آخرهن .
6 ـ يوتر بثلاث مجتمعات، لا يجلس بينهنَّ، ولا يسلم إلاَّ في آخرهن ، ولا يشبهها بالمغرب لحديث: (ولا تشبهوا بصلاة المغرب ) وأقل أحوال النهي الكراهة .
بعد الانتهاء من الوتر :
1 / ورد في مسلم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع.
وورد أنَّه النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد الوتر ركعتين خفيفتين وهو جالس.
واختلف العلماء في هاتين الركعتين، ويرى ابن القيم أنَّهما تجريان مجرى السنة وتكميل الوتر.
ويرى غيره أنَّهما لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، حيث يحمل حديث: (( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً )) . على الاستحباب ، ورجح هذا ابن باز .
2 / ورد أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوتر بسبحِّ اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وإذا سلم قال سُبحان الملك القدوس ثلاث مرات، يمدُّ صوته في الثالثة ثم يرفع.
: أقل قيام الليل:
يحصل قيام الليل بركعتين فقط لحديث: (( إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاً كتبا من الذاكرين والذاكرات )).
قال ابن عباس: عند قوله تعالى: ((والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً)) قال: (( من صلى ركعتين أو أكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجداً وقائماً)) . تفسير القرطبي.
عاشراً: وقت قيام الليل:
يبدأ قيام الليل من بعد صلاة العشاء إلى آذان الفجر، فمن قام بعد صلاة العشاء فهو قائم لليل، في الحديث: ((من كل الليل أوتر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أوله وأوسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر)). رواه البخاري.
والأفضل تأخير القيام إلى آخر الليل لمن وثق باستيقاظه، لحديث: ((من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)).
وعلى هذا إذا كان الإنسان لا يثق من نفسهِ أنَّهُ يقوم آخر الليل، يوتر قبل أن ينام، لأنَّ من فعل هذا فهو حازمٌ كما في حديث أخرجه أحمد في المسند.