الحج ركن متميز ومختلف عن باقي أركان الإسلام، فيه نوع من الانفصال التام بين الحياة الدنيوية والحياة الدينية، فيترك الحاج كل ماهو دنيوي ويقوي العلاقة بينه وبين ربه، والمجتمع الاسلامي له عادات متنوعة ولهجات مختلفة، وهو مجتمعات صغيرة متعددة يجمعها الحج على هدف واحد ومصير واحد، فيجب على الحجاج أن ينبذوا الأنانية ويتفقوا على العطاء وهي فلسفة المجتمعات الناضجة.
كثير من الناس يقرر ان يتوب الى الله ويبدأ التوبة برحلة الحج، وهذا مبدأ جميل. ولكن لابد ان يتدرب الحاج على التوبة في فترة سابقة للحج حتى يضمن الاستقرار النفسي والجسماني خلال هذه الفترة. فمثلا اذا كان مدمنا على بعض العقاقير يتوقف عن تعاطيها قبل رحلة الحج مباشرة فسوف يتعرض اثناء الحج لأعراض الانسحاب، وهي أعراض جسدية ونفسية قد تكون شديدة مما يؤدي الى أذى الآخرين. فعليه ان يبدأ العلاج قبل الحج بوقت كاف، وهنا تكون رحلة الحج بالنسبة إليه بمنزلة تقوية شديدة لما عزم عليه.
الأمراض النفسية نوعان
وتنقسم الأمراض النفسية الى قسمين:
1 ـ الأمراض الشديدة التي تحتاج إلى علاج بالعقاقير
ويكون المريض في حالة جيدة أو معقولة تحت المداومة على العلاج بالعقاقير، مثل الانفصام والاكتئاب الداخلي والصرع وغيرها، وهؤلاء المرضى يحتاجون الى المداومة على العلاج بصفة مستمرة في فترات متفاوتة، ويخطئ الكثير من المرضى حيث إنهم عند بداية رحلة الحج يتوقفون عن العلاج اعتمادا على الله في الشفاء. وهذا أمر خطير، حيث ان كثيرا منهم تحدث له انتكاسة خلال فترة الحج مما يسبب ألما شديدا لهم ولأسرهم ولغيرهم من المرافقين، بالإضافة الى الضغط على مرافق الخدمات.
2 ـ الأمراض النفسية الخفيفة
وتعتبر قريبة نوعا ما من القلق العادي الذي ينتاب الناس جميعا، وبالنسبة إلى هؤلاء تكون رحلة الحج مفيدة وخاصة اذا اتسمت بروح التعاون والراحة والطمأنينة. وعموما يجب عدم الاكثار من أخذ الادوية في فترة الحج الا للضرورة، مثل الأمراض التي تحتاج إلى الاستمرار في علاج خاص كمرض السكر والضغط المرتفع وأمراض الغدة الدرقية والصرع وغيرها.
كما يجب أن يحمل الحاج معه الوصفة الطبية الدالة على ذلك. أما بالنسبة إلى الأدوية الخاصة مثل المهدئات للشخص العادي فهو لا يحتاج منها الى شيء وعليه بالمقاومة الذاتية التي يكتسبها من قوة إيمانه.
أما إذا انتابه ميل للقلق والأرق فعليه باستشارة الطبيب.
أسباب عضوية
وأخيرا فإنه من المحتمل بالنسبة إلى الحجاج كبار السن حدوث حالة حادة من التدهور الذهني من دون مرض عقلي سابق، تتميز بالذهول أو الهلوسة او التصورات الخاطئة او الرغبة في الخروج والسير على غير هدى، ويصبح فيها المريض قلقا ومزعجا ويطلب طلبات كثيرة باستمرار من الذين حوله، ويكون غير متعاون ويبقى مستيقظا طوال الليل مما يؤدي الى ازعاج بقية المجموعة التي معه.
والقاعدة التي يجب الاعتماد عليها في حالة حدوث هذا هو افتراض أن هناك سببا عضويا لمثل هذا التدهور العقلي المفاجئ، وعدم إدخاله في نطاق الأمراض العقلية إلا بعد استبعاد الأسباب العضوية مثل:
العدوى الصدرية أو البولية أو القلبية أو المخية.
هبوط في القلب.
تجلط شريان حاد.
جلطة في المخ.
فقر الدم والضعف العام.
حالات نقص الفيتامينات خاصة بمجموعة فيتامين ب.
هبوط سكر الدم.
الجفاف وبولينا الدم ونقص البوتاسيوم في الدم.
التسمم بالأدوية وغيرها.
احتباس بولي او برازي.
ويجب على الحجاج الذين معه ان يعتبروا أن هذه الحالة نتيجة لمرض عضوي مهم، وعليه يجب نقل المريض فورا الى أقرب مستشفى حيث يجب معالجة السبب الأساسي. وإذا كانت حالته شديدة والمستشفى بعيدا يعطى قرصا أو قرصين من أقراص النيورازين أو البروماسيد 52، وذلك حتى يصل الى المستشفى. وهناك بعض الحالات الشديدة مثل الهوس والهذيان والانفصام الحاد التي ننصح المريض بها بتأجيل السفر حتى يتم علاجها والشفاء منها.
اخوكم : ســـــيـــــك