داء السكري وأسباب الإصابة به
داء السكري مرض يصيب جميع أجهزة الجسم، وينشأ نتيجة ارتفاع مستوى السكر بالدم فوق المعدل الطبيعي بسبب نقص إفراز هرمون الأنسولين -وهو هرمون تفرزه خلايا "بيتا" الموجودة في البنكرياس يقوم بدور المنظم الرئيس لمستوى السكر في الدم - أو عدم فعاليته أو كلا الأمرين معًا.
فإذا حدث نقص في إنتاج هرمون الأنسولين في البنكرياس نتيجة لتلف خلايا "بيتا" أو وجود خلل في مستقبلات الأنسولين الموجودة على سطح خلايا الجسم، فإن سكر الجلوكوز لا يستطيع الدخول داخل الخلية بصورة طبيعية مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم ومن ثم تحدث الإصابة بالسكري.
وتتعدد أسباب الإصابة بداء السكري من مريض إلى آخر، ولكن يمكن تحديد نوعين رئيسين من السكري: النوع الأول (وهو الذي يعتمد على الأنسولين في العلاج) ويحدث غالبًا نتيجة وجود خلل في الجهاز المناعي، أو التهاب فيروسي يصيب البنكرياس، وعادة ما يصيب الأطفال وصغار السن.
أما النوع الثاني (وهو الذي لا يعتمد على الأنسولين في العلاج، بل يمكن علاجه بواسطة الحبوب الخافضة للسكر واتباع الحمية والنشاط)، وهو الأكثر شيوعًا بين المصابين بالسكري، ويحدث نتيجة لعوامل كثيرة ومجتمعة، وبمقدورنا تبسيط هذه الأسباب في جملة واحدة وهي: "وجود خلل في عمل الأنسولين بالجسم".
هذا بالإضافة إلى نوع ثالث من السكري قد تحدث الإصابة به بصورة مؤقتة، ولكنه سرعان ما يزول، وهو سكري الحمل، والسكري الثانوي الذي يحدث بسبب تناول بعض أنواع العقاقير والأدوية الطبية.
أولا: أسباب الإصابة بالسكري من النوع الأول (المعتمد على الأنسولين):
تتعدد أسباب الإصابة بالنوع الأول من السكري على النحو التالي:
أ- عامل المناعة:
قد يؤدي الجهاز المناعي إلى تدمير خلايا بيتا المنتجة للأنسولين، حيث تهاجم خلايا الجهاز المناعي هذه الخلايا وتوقفها عن العمل.
ب- عامل الالتهاب:
قد تؤدي الإصابة ببعض الالتهابات الجرثومية التي تنتقل إلى البنكرياس عبر الدم إلى تحطيم خلايا "بيتا" المفرزة للأنسولين.
ج- عامل الوراثة:
تلعب الوراثة دورًا مهمًا في الإصابة بالنوع الأول من داء السكري نظرًا لوجود جينات وراثية معينة تنتشر لدى هؤلاء المرضى،.حيث يزداد احتمال إصابة الطفل بالسكري عندما يكون لديه أخ أو أخت مصابًا بالسكري أو يكون أحد والديه مصاباً بالسكري ولكنها لا تزيد احتمالها عن نسبة (10%).
ويعالج هذا النوع من السكري عن طريق حقن المصاب بجرعات من الأنسولين، بالإضافة إلى اتباع النظام الغذائي الصحي، وممارسة النشاط البدني بانتظام. ولا يمكن علاجه بغير ذلك.
ثانيا: أسباب الإصابة بالنوع الثاني من السكري (غير المعتمد على الأنسولين):
بلغت نسبة الإصابة بهذا النوع من داء السكري أكثر من (90%) من مرضى السكري، ويصيب جميع الفئات ولا يفرق بينهم في العمر أو الجنس وقد يتأخر اكتشاف الإصابة به إلى مراحل متأخرة.
وتعود أسباب الإصابة بالنوع الثاني من السكري إلى عاملين رئيسيين: العامل الأول: عامل وراثي ، والعامل الثاني: عامل بيئي.
أ- العامل الوراثي:
ويعرف هذا العامل بأنه إرث الأبناء عن الآباء، فإذا كان الوالدان مصابين بالمرض فإن كل اثنين من أربعة أبناء يصابون بداء السكري من النوع الثاني، وأحيانًا تصل النسبة إلى أكثر من (75%)، ولا يمكن معرفة من سيصيبه هذا الداء منهم، بل يعتمد ذلك على العوامل البيئية الأخرى.
ب-العامل البيئي:
ويقصد به مجموعة من العوامل المكتسبة، التي تؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بالسكري، ومن هذه العوامل ما يلي:
1-زيادة الوزن:
يلعب الوزن الزائد دورًا كبيرًا في الإصابة بالنوع الثاني من السكري، فقد أثبتت الأبحاث أن حوالي (80%) من الأشخاص المصابين به هم من زائدي الوزن بمعدل (10 – 15) كجم، لفترة زمنية كافية قبل أن يتم تشخيص المرض لديهم.
2- العمر:
يصيب السكري من النوع الثاني كافة الأعمار والطبقات الاجتماعية، ولكن فرصة حدوثه تزداد مع تقدم العمر وخصوصا عندما يتجاوز الإنسان عمر (45) سنة.
3- الجنس:
تتساوى نسبة الإصابة تقريبًا لكلا الجنسين ( الذكر والأنثى) حتى سن البلوغ، وتزداد هذه النسبة عند النساء لتصل إلى أكثر من مرتين بالنسبة للرجال بين سن (35-65) سنة. وقد يحدث نوع مختلف من السكري لدى النساء أثناء فترة الحمل يسمى (سكري الحمل) وهذا النوع قد يتحول إلى النوع الثاني بعد عدة سنوات.
4- قلة الحركة:
تؤكد العديد من الدراسات أن الأشخاص قليلو الحركة يكون احتمال إصابتهم بالسكري أكبر بكثير من الذين يمارسون نشاطًا جسديًّا منتظمًا، حيث تجعل الحركة الجسدية أنسولين الجسم يعمل بشكل أفضل.
5-اختلال النظام الغذائي:
يؤدي اختلال النظام الغذائي والإكثار من تناول الشحوم، والوجبات السريعة، والسكريات إلى زيادة الوزن، وتراكم الشحوم في خلايا الجسم وخاصة في منطقة البطن، وبالتالي تقل استجابة الخلايا للأنسولين، وتحدث الإصابة بالسكري.
ويعالج هذا النوع من السكري عن طريق تناول الأقراص الخافضة للسكري، أو عن طريق حقن الأنسولين، أو عن طريق اتباع الحمية الغذائية، وممارسة النشاط البدني. وتختلف طريقة العلاج من حالة إلى أخرى، ويمكن الاكتفاء في العلاج بالأقراص فقط، أو بالحمية الغذائية والنشاط المنتظم فقط، ويمكن الجمع بين جميع الطرق السابقة.
ثالثا: سكري الحمل:
قد يحدث ارتفاع في نسبة السكر في دم الأم الحامل أثناء فترة الحمل ويحدث ذلك بالتحديد في الأسبوع الرابع والعشرين (الشهر السادس) من الحمل، ومن ثم يطلق على هذا النوع من السكري سكري الحمل، لأن جسم المرأة خلال هذه الفترة يقوم بإفراز كمية كبيرة من الهرمونات التي تساعد على نمو الجنين، هذه الهرمونات تعيق الأنسولين عن أداء وظيفته مما يجبر البنكرياس على زيادة إفراز الأنسولين لمواجهة هذه المقاومة، وفي بعض الحالات تكون نسبة إفراز الأنسولين قليلة وينتج عن ذلك زيادة نسبة السكر في الدم عند المرأة الحامل. وهذا النوع من السكري غالبا ما يختفي تمامًا بعد الولادة، ولكن يجب ملاحظة أن من تصاب بسكري الحمل تكون أكثر عرضة من غيرها للإصابة بالنوع الثاني من السكري، كما أن عدم السيطرة على معدل سكر الدم خلال هذه الفترة يعرض صحة الأم والجنين للخطر، وهناك بعض العوامل التي تساعد بشكل كبير في حدوث الإصابة بسكري الحمل، منها: زيادة الوزن، ووجود تاريخ أسري للإصابة بالسكري، وتقدم العمر.
ومن المضاعفات التي قد تتعرض لها الأم والجنين بسبب سكري الحمل إذا لم تتم السيطرة عليه: زيادة وزن الجنين وما يترتب عليها من مشاكل صحية وخاصة عند الولادة، وتعرض الجنين للإصابة بانخفاض نسبة السكر بعد الولادة، والإجهاض المبكر أو وفاة الجنين داخل الرحم، وإصابة الجنين بالتشوهات الخلقية وخصوصاً إذا كان معدل السكر بالدم مرتفعًا في الشهور الأولى من الحمل، بالإضافة إلى تسمم الحمل، وزيادة نسبة الكيتون بالدم، وكلها أمور تشكل خطرًا كبيرًا على الأم والجنين.
ويعالج هذا النوع من السكري عن طريق حقن الأنسولين، واتباع النظام الغذائي الصحي، وممارسة النشاط الرياضي المنتظم.
منقول من جامعة الملك سعود