[align=right]
[align=center][glow=99FF33]الإيدز .. حقائق وأحكام [/glow][/align]
متلازمة العوز المناعي المكتسب ( الإيــدز )٭Acquired Immunodeficiency Syndrome ( AIDS )[glow=00FF33]مقدمة :[/glow]لقد خلق الله عزَّ وجلَّ الإنسان في أحسن تقويم ، وأنزل عليه الشرائع السماوية التي تكفل لـه الحياة الكريمة ، والسلامة من كل سوء ، وحضَّه على صيانة حياته ووقايتها ، وأمره بالابتعاد عن الفواحش التي تسبب الكثير من الأمراض البدنية والنفسية والعقلية ، وتؤدي إلى خراب البيوت ، ومن ثم خراب المجتمع ، وتخلف الأمة .
وقد كان لهذه التوجيهات الإلهية أثر كبير في تكوين المجتمع الإسلامي الأول ، فقد اختفت فيه الظواهر السلبية التي كانت متفشية أيام الجاهلية ، مثل شرب الخمر والزنى وغير ذلك من الممارسات التي تؤثر تأثيراً سيئاً على صحة الفرد والمجتمع ، إلا أن التطورات اللاحقة التي أصابت الدنيا ، ولاسيما في عصرنا الحاضر أدت إلى عواقب وخيمة ، فقد انتشر العري ، وأصبحت وسائل الإعلام تروج لنشر الرذيلة بدل أن تنشر العلم والأخلاق الفاضلة ، وواكب هذه التغيرات ضعف الوازع الديني والأخلاقي ، وبدأت البشرية تعاني من أمراض جديدة لم تكن تعرفها من قبل ، مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( .. لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ ، حتى يعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأمراض التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا )) ، وعلى سبيل المثال فقد أصبحت العدوى بالأمراض الجنسية تشكل ما يشبه الوباء العالمي ، ففي كل عام تحدث أكثر من (250 مليون) حالة إصابة جديدة بهذه الأمراض وينتهي كثير منها إلى موت أو التشوه أو الإعاقة .
[glow=00FF33]تعريف الإيدز :[/glow]مرض ساري شديد الخطورة ، ينتهي غالباً بالموت في غضون سنوات قليلة من العدوى ، ظهر لأول مرة في الولايات المتحدة في أواخر السبعينات عندما اكتشفت حالات منه عند زمرة من الشباب الشاذين جنسياً في مدينة سان فرانسيسكو ، ولم يلبث أن انتشر في شتى أنحاء العالم في غضون سنوات قليلة مشكلاً وباء عالمياً مرعباً حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية ( WHO ) فقد وصل عدد المصابين به حتى أواخر العام الماضي 2002 إلى أكثر من ( 40 مليون مصاب ) 47% منهم نساء ، توفى منهم زهاء ( 22 مليون ) وتقدر منظمة الصحة العالمية أنه يصاب سنوياً بهذا الداء ما بين ( 300 ألف ـ 500 ألف شخص ) أي ما بين ( 1000 ــ 1400 شخص / يومياً )
ولعل البشرية لم تواجه في تاريخها وباء عنيفاً بخطورة الإيدز ، لأن هذا المرض يوجه كل طاقاته التدميرية إلى مراكز الدفاع في البدن ، فيقضي على جهاز المناعة ، ويجعل الجسم عرضة للإصابة بشتى الأمراض الانتهازية (Opportunistic Infections) أي الأمراض التي تنتهز فرصة انهيار المناعة فتهاجم الجسم وتقضي على المصاب بعد معاناة شديدة ، وآلام لا ترحم !
والتقارير الأولية عن مرض الإيدز بدأت تنشر في شهر مايو 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية ، ثم اكتشف أنه ينتج عن نوع من الفيروسات المتقلِّبة ( Retroviruses ) هو فيروس العوز المناعي البشري (Human Immunodeficiencu Virus ) الذي يسمى اختصاراً ( HIV ) وقد اكتشفه كل على حده وفي وقت واحد تقريباً العالم الفرنسي لوك مونتاييه والعالم الأمريكي جوتليب ، ثم ميز العلماء نمطان مصليان من هذا الفيروس هما ( HIVI ) الذي اكتشف في الولايات المتحدة عام 1981 ، و ( HIVII ) الذي اكتشف في أفريقيا عام 1986 ، وتبين أن النمط الأول هو الأكثر انتشاراً .
ولفيروس الإيدز شكل كروي ، ويتراوح قطره ما بين ( 100 ــ 140 نانومتر ) ويتركب من الحامض النووي ( RNA ) ويحيط بالفيروس غلاف دهني ثنائي ، وغلاف خارجي مركب من جزيئات صغيرة بروتينية سكرية ( Glucoprotein ) منها ( GP120 ) المسؤول عن التحام الفيروس بمستقبلات ( CD4 ) الذي يساعد على دخول الفيروس إلى الخلايا ليبدأ عملية التكاثر ، ولدى دخول الفيروس إلى الجسم فإنه يهاجم كريات الدم البيضاء التائية ( T4 ) فيضعف المناعة الخلوية ويمهد لحدوث العديد من الالتهابات الانتهازية والعديد من أنواع السرطان .
[glow=00FF33]طرق العدوى بالإدز :[/glow]تنتقل العدوى بالإيدز عن طريق مفرزات جسم المصاب بالإيدز ، ولاسيما منها الدم والمني وإفرازات عنق الرحم والمهبل ، وقد دلت الدراسات الوبائية على أن هناك ثلاث طرق رئيسية للعدوى بالإيدز ، هي:
1. الاتصالات الجنسية غير المأمونة ( الزنى ، اللواط .. ) وهي تشكل أكثر من 90% من حالات العدوى بالإيدز . علماً بأن إصابة الشخص بأمراض جنسية أخرى يوفر فرصة أكبر للعدوى بالإيدز ولاسيما إذا سببت هذه الأمراض تقرحات ( Ulcerations ) كما أن عدم الختان يهيء فرصة أكبر لإصابة الرجال غير المختونين في حال الاتصال الجنسي مع امرأة أو شخص مصاب بالإيدز .
2. انتقال الفيروس من المصاب إلى السليم عن طريق نقل الدم الملوث بفيروس الإيدز ، أو عن طريق نقل الأعضاء من مصاب بالإيدز ، أو باستعمال الحقن الملوثة بالفيروس ولاسيما من قبل المدمنين على المخدرات التي تؤخذ حقناً ، وتشكل هذه الطرق حوالي ( 2 ــ 5% ) من حالات العدوى بالإيدز علماً بأن انتقال العدوى عن طريق الدم قد انخضفت كثيراً بعد توفر الفحص الكاشف للإصابة بالإيدز عام 1985 ، وأصبح الدم تفحص قبل إعطائه للمرضى المحتاجين للتأكد من سلامته .
3. انتقال الفيروس من الأم الحامل المصابة بالإيدز : والعدوى تحصل في هذه الحال أثناء الحمل أو قبيل الولادة أو أثناء الوضع أو بعده بقليل والعدوى تنتقل للأجنة أو الأولاد في هذه الأحوال بنسبة ( 15 ــ 30% ) من الحالات ، وقد وجد إن إعطاء الحامل بعض العقاقير المضادة لفيروس الإيدز ( مثل ZIDOVUDINE ) يمكن أن يحمي جنينها من الإصابة بالإيدز بنسبة جيدة ، وقد تنتقل العدوى للطفل عن طريق الرضاعة الطبيعة من ثدي الأم المصابة بالإيدز في ( 25 ــ 50% ) من الأطفال الرضع ، وهي نسبة كبيرة توجب وقف إرضاع الطفل من امه المصابة .
وتتفاوت معدلات العدوى ونسبتها من بلد لآخر ، بحسب العادات والممارسات المنتشرة في المجتمع ، كما أن العدوى تتوقف على عوامل أخرى عديدة منها وصول الجرعة المعدية من الفيروس إلى جسم الشخص السليم ، فإن وخزة إبرة ملوثة بالفيروس ليست بخطورة ممارسة الجنس مع شخص مصاب ، ومنها أيضاً شدة التعرض أو مرات التعرض للعدوى ، مثل ممارسة الجنس مع أشخاص عديدين ، أو تكرار الممارسة مع شخص مصاب .. كما تتوقف العدوى على درجة مناعة وقابلية الشخص المعرض للعدوى .
أما المخالطات البريئة لمرضى الإيدز فلا تشكل خطراً على المخالطين ، مثل المخالطة في محيط الأسرة ، والعمل الجماعي العادي ، أو رفقة المدرسة والعمل ، أو المصافحة ، أو الأكل والشرب ، أو المشاركة في الحمامات أو برك السباحة أو نحوها ، فهذه الممارسات البريئة لا تشكل أي خطر على الآخرين . ولم يثبت علمياً أن الإيدز ينتقل عن طريق لسع الحشرات كالبعوض وغيره .
أما الطاقم الطبي والتمريض الذين يتعاملون مع مريض الإيدز فإن احتمال إصابتهم ضئيلة جداً إذا ما اتخذوا الاحتياطات اللازمة وبخاصة عند عمل بعض الإجراءات الطبية الخطرة مثل إعطاء الحقن والعمليات الجراحية والختان والتوليد ونحوه . وقد وجد أن احتمال العدوى عن طريق الأدوات الطبية الحادة لا يزيد عن ( 0.5% ) وهي نسبة ضئيلة جداً إذا ما قسيت باحتمال انتقال الالتهاب الكبدي الوبائي والتي تصل إلى ( 25% )
[glow=00FF33]فترة الحضانة :[/glow]وهي الفترة ما بين العدوى بفيروس الإيدز وحصول التحول المصلي إلى الإيجابية في دم المصاب تتراوح ما بين ( 1 ـ 3 شهور ) من بداية العدوى ، أما الفترة ما بين العدوى بالفيروس وظهور الأعراض المميزة للإيدز فتتراوح ما بين 1 ـ 15 سنة ) وهي تظهر في حوالي ( 50% ) من المصابين في غضون ( 10 سنوات ) علماً بأن فترة الحضانة في حديثي الولادة أقصر مما هي في الكهول .
[glow=00FF33]الأعراض :[/glow]خلال عدة أسابيع من العدوى بفيروس الإيدز ( أسبوعان غالباً ) يظهر على معظم المصابين أعراض مرضية تشبه أعراض نزلة البرد أو الزكام العادي ، وتستمر هذه الأعراض لعدة أيام ثم تختفي ، أو تستمر عند بعضهم أعراض مرضية غير نوعية تستمر لعدة أشهر أو سنوات ، ومنها ارتفاع درجة الحرارة مع التعرق الليلي الغزير ، وتضخم الغدد اللمفاوية وخاصة في العنق وتحت الأبطين وثنية الفخذ ، وقد يصاحب هذه الأعراض سعال جاف ، أو إسهال عنيد ، مع ضعف عام ووهن وشعور بالإنهاك ، وتناقص سريع في وزن الجسم ، وغالباً لا يكون هناك سبب ظاهر لهذه الأعراض غير النوعية ، كما أنها قليلاً ما تستجيب للعلاج ، وبعد عدة شهور أو سنوات من العدوى الأولية تبدأ الأعراض المميزة للإيدز بالظهور من جراء انهيار جهاز المناعة في الجسم ، وبخاصة منها الإصابة بالالتهابات الانتهازية ، وبعض أنواع الأورام مثل سرطان كابوزي ( Caposi Sarcoma ) وغيره من الأورام التي لوحظ أنها تصاحب الإصابة بالإيدز .
[glow=00FF33]المآل ( Prognosis ) :[/glow]يموت حوالي 80 ـ 90% من المصابين بعدوى الإيدز خلال 3 ــ 5 سنوات من تاريخ العدوى ، أما استخدام المعالجة الثلاثية التي نذكرها بعد قليل فيمكن أن توقف تكاثر الفيروس وتأخر ظهور الأعراض .
[glow=00FF33]التشخيص :[/glow]منذ عام 1985 توفرت الفحوص المخبرية الكاشفة للإصابة بفيروس الإيدز ، ويجرى اليوم بأخذ عينة من دم الشخص وفحصها فحصاً أولياً بطريقة إليزا ( EIA or ELIZA Test ) على ، فإذا كانت النتيجة إيجابية وجب تأكيدها باختبار آخر أكثر دقة يسمى ويسترن بلوت ( Western Blot ) لأن فحص إليزا يمكن أن يكون إيجابياً في أمراض أخرى غير الإيدز ، ويفضل إعادة الاختبار لكل شخص مرتين على الأقل لاستبعاد أي خطأ محتمل في العينة أو في الفحص أو في النتيجة ، لما يترتب على مثل هذا الخطأ من إجراءات وقرارات وواجبات وحقوق .
[glow=00FF33]العلاج :[/glow]لقد طورت حتى اليوم عدد من العقاقير التي لا تشفي من الإيدز ولكنها يمكن ان تساعد على تأخير سير الإيدز وتخفيف معاناة المصاب ، ويستخدم اليوم معالجة ثلاثية تتألف من دواء ( AZT ) ودواء ( TC3 ) ودواء ثالث من نوع (Protease Ingibitor) وتؤدي هذه المعالجة إلى تحول الاختبارات الإيجابية عند المريض إلى سلبية ، وذلك بسبب تثبيط عمل الفيروس تماماً ، ويغدو من العسير الكشف عن الفيروس بالاختبارات التي ذكرناها ، إلا أن بعض الباحثين ومنهم الدكتور مارتن ماركوينز المسؤول عن مركز مكافحة الإيدز في مدينة نيويورك يشكون في تحقيق شفاء تام بهذه المعالجة ، ويؤكدون على ضرورة الانتظار لسنوات أخرى عديدة قبل الحكم النهائي على نجاعة هذه المعالجة والتأكد من عدم عودة الأعراض مجدداً للمرضى المعالجين . وقد وجد أن استخدام هذه المعالجة يعطي نتائج أفضل كلما بكرنا في العلاج ولكن هناك صعوبة في تشخيص الداء في بداياته لأنه كما ذكرنا ليست لـه أعراض واضحة في تلك المرحلة .
[glow=00FF33]الوقاية :[/glow]1. لم يتمكن الباحثون والعلماء حتى اليوم من تطوير لقاح فعال ضد مرض الإيدز ، ولهذا يبقى الاحتراز من أسباب العدوى هي خير وسيلة للوقاية من هذا المرض الخطير ، ولاسيما منها اجتناب الممارسات الجنسية غير المأمونة وغير الشرعية ، وعدم تعاطي المخدرات بشتى أنواعها وأشكالها .
2. فحص الدم قبل نقله للمرضى المحتاجين للتأكد من سلامته وعدم تلوثه بفيروس الإيدز .
3. فحص الفئات الأكثر عرضة للمرض ( نزلاء السجون ، المدمنون ، نزلاء دور الرعاية الاجتماعية ، مرضى الدرن ، مرضى ضعف المناعة .. )
4. يبدو من سيرة الإيدز أنه مرض موجَّه ، شأنه شأن بقية الأمراض الجنسية التي تختار ضحاياها بصورة خاصة من الذين يمارسون المحرمات ، من زنى ولواط وشذوذ وتعاطي مخدرات ، فإذا أضفنا إلى هذه الحقائق أن العلماء وبعد دراسات مستفيضة كادوا ينفضون أيديهم من إيجاد لقاح يقي من الإصابة بالإيدز ، ولم ينجحوا حتى الآن بتحضير دواء ناجع يشفي بصورة اكيدة من هذا الداء الوبيل ، فإننا ندرك بأن الوقاية تبقى خير وسيلة للحد من انتشاره ، واتقاء أخطاره ، وذلك باجتناب شتى أنواع الفواحش ، والابتعاد عن رفقاء السوء والأجواء المحرمة ، والتأدب بآداب الإسلام الذي حض على الطهارة والعفاف ، ودعا إلى الزواج المبكر الذي يشكل حاجزاً قوياً يحول بإذن الله تعالى دون الوقوع في المعاصي .
[glow=00FF33]الموقف الشرعي من حالات الإيدز :[/glow] تواجهنا هنا عدة مسائل شرعية نعرض لأهمها بإيجاز فيما يلي :
* المسألة (1) الزواج من مصاب بالإيدز :
نظراً لخطورة مرض الإيدز ، وما يترتب عليه من نتائج قد تؤدي إلى خراب البيوت وضياع الأسرة وتشريد الأولاد ، فإننا نرى من باب السياسة الشرعية ( إلزام ) المقبلين على الزواج بإجراء فحص الإيدز قبل عقد النكاح ، وذلك تجنباً لانتقال العدوى من أحد الزوجين إلى الآخر .
* المسألة (2) حمل المرأة المصابة بالإيدز :
هناك احتمال يصل إلى ( 30% ) بأن يصاب الجنين بالعدوى من أمه المصابة بالإيدز كما ذكرنا ، وهذا يعني بالمقابل أن هناك احتمال أكبر ( أكثر من 70% ) لأن ينجو الجنين من العدوى بإذن الله تعالى ، كما أن إعطاء الحامل بعض الأدوية المضادة يمكن أن يقلل هذه النسبة كما ذكرنا أيضاً ، إلى جانب الحقيقة التالية وهي أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يولدون من أم مصابة بالإيدز وتظهر الاختبارات إيجابيتهم لاختبارات الإيدز فإن هذه الإيجابية قد تكون ناتجة عن وصول أضداد ( Antibodies ) الإيدز من الأم إليهم عبر المشيمة ، وليس وصول الفيروس نفسه ، وهذا يعني أنهم غير مصابين بعدوى الإيدز ، وقد وجد أن هؤلاء الأطفال تتحول الاختبارات عندهم إلى ( سلبية ) في غضون 18 شهراً بعد الولادة ، ولهذه الأسباب مجتمعة لا نرى مبرراً شرعياً لإجهاض الطفل الذي والدته إيجابية للإيدز ، إلا إذا كان هناك سبب آخر للإجهاض .
* المسألة (3) إصابة أحد الزوجين بالإيدز :
هنا يمكن أن نفرق بين حالتين :
· فإذا وجدنا أن الطرف الثاني قد أصبح إيجابياً للإيدز عند اكتشاف الإيجابية في الطرف الأول فلا يعود هناك مبرر من طلب الفسخ لأن العدوى قد حصلت ووقع المحظور ، ولكن يحفظ للطرف المتضرر حقه بالتعويض عما وقع عليه من ضرر ، لاسيما إذا ثبت فعلاً أن الطرف الأول قد أصيب من جراء ممارسات محرمة ولم تكن إصابته عرضية أو خارجة عن إرادته كأن تكون نتيجة نقل دم إليه أو ما شابه ذلك ، ويلاحظ هنا أن القوانين الوضعية مازالت في معظم البلدان غير صريحة في تحديد العقوبات المترتبة على مثل هذه الحالات .
· أما إذا كان الطرف الثاني مازال سليماً عند اكتشاف إيجابية الطرف الأول فنرى أن من حق الطرف السليم طلب الفسخ لما قد يترتب على استمرار العلاقة الزوجية من ضرر بالغ بهذا الطرف، مع تذكيره بأن الأولى ديناً محافظته على رابطة الزواج حرصاً على بقاء الأسرة ورعاية الأولاد ، ولـه على صبره واحتسابه الأجر الكبير عند الله تعالى ، ومن حقه شرعاً الامتناع نهائياً عن ممارسة الجنس مع الطرف المصاب حماية لنفسه ، أما إذا لم يكن لديه مانع من ممارسة الجنس مع الطرف المصاب فينصح الطرفان باتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة ( استخدام المانع الذكري ونحوه )
وقد عمدت بعض البلدان ( وزارة الصحة السعودية مثلاً ) لإقرار إجراءات عملية في مثل هذه الأحوال ، منها أخذ تعهد خطي على المصاب بالإيدز بأنه إذا كان متزوجاً أو يرغب بالزواج فإن عليه أن يخبر الطرف الآخر بحالته الصحية ولا يخفيها عنه (( وفي حال عدم التزامه بهذا التعهد يتحمل كافة التبعات النظامية والشرعية المترتبة على ذلك ، ويحق للوزارة اتخاذ الإجراء اللازم وإشعار ذوي العلاقة بإصابته )) إلا فإنه يقع تحت طائلة المسؤولية ، وحبذا لو يدعم هذا الإجراء بإلزامية إجراء فحص الإيدز قبل الزواج فهو يحد بإذن الله تعالى من انتشار المرض .
* المسألة (4) تعمد نقل الإيدز إلى الغير :
لقد صدرت حتى الآن عدة فتاوى شرعية تجرِّم الشخص الذي يتعمد نقل العدوى بالإيدز وبغيره من الأمراض المعدية إلى غيره من الأشخاص ، فقد نوقش هذا الموضوع في عدة مؤتمرات فقهية ، منها مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سري بجاون ، بروناي دار السلام في الفترة من 1 ــ 7 محرم 1414هـ ، الموافق 21ــ27 يونيو 1993 ، الذي أوصى الجهات المختصة في الدول الإسلامية (( باتخاذ كافة التدابير للوقاية من الإيدز ، ومعاقبة من يقوم بنقل الإيدز إلى غيره متعمداً ) كما أوصى المجلس ( في حال إصابة أحد الزوجين بهذا المرض أنَّ عليه أنْ يُخبر الطَّرَفَ الآخر ، وأن يتعاون معه في إجراءات الوقاية كافة ) وقرر المجلسُ كذلك ( أنَّ على المصاب أو حامل الفيروس أنْ يتجنَّب كلَّ وسيلة يُعدي بها غيره ))
أما مجلس مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره التاسع الذي عقد في مدينة ( أبو ظبي ) في الإمارات العربية المتحدة عام 1415هـ/1995م فقد انتهى إلى أن (( تَعَمُّدَ نَقْلِ العدوى بمرض من الأمراض المعدية القاتلة مثل مرض نقص المناعة المكتسب الإيدز إلى السليم بأية صورة من صور التعمد عمل محرم ، ويعدُّ من كبائر الذنوب والآثام ، كما أنه يستوجب العقوبة الدنيوية ، وتتفاوت هذه العقوبة بقدر جسامة الفعل تأثيره على الأفراد وتأثيره على المجتمع ، فإن كان قصد المتعمد إشاعة هذا المرض الخبيث في المجتمع فعمله هذا يعد نوعاً مال حرابة والإفساد في الأرض ، ويستوجب إحدى العقوبات المنصوص عليها في آية الحرابة ( سورة المائدة ، الآية 33 ) وإن كان قصده من تعمد نقل العدوى إعداء شخص بعينه وتمت العدوى ولم يمت المنقول ليه بعد ، عوقب المتعمد بالعقوبة التعزيرية المناسبة ، وعند حدوث الوفاة ينظر في تطبيق عقوبة القتل عليه . وأما إذا كان قصده من تعمد نقل العدوى إعداء شخص بعينه ولكن لم تنتقل إليه العدوى ، فإنه يعاقب عقوبة تعزيرية ))[/align]
[frame="9 80"]انا عارف أن الموضوع طويل مره ولكن لأهمية قررت عرضه[/frame]
[glow=FFCCCC][glint][align=center]منقووووووووووووول[/align][/glint][/glow]