علمتني النسور
النسور أو ملوك الفضاء...
النسور كانت وما زالت رمزا للأبطال والمنتصرين الأحرار..
تطير النسور عادة لوحدها وعلى ارتفاعات عالية للغاية..
ولا تختلط مع الطيور الأخرى كالغربان والعصافير ..
لا طير آخر يحلق كما النسر ...
النسور تحلق فقط مع النسور لا غير ...
فهي لا تخالط الغربان ولا العصافير..
(انتق من يصاحبك في حياتك ابتعد عن البشر ذوي النفوس المشابهة للغربان والضعاف كالعصافير ...)
لدى النسر رؤية ثاقبة ونظر قوي يستطيع التركيز على فريسته من علو خمسة كيلو مترات ..
يركز النسر بصره على الفريسة ولا يدعها تغيب عن ناظريه حتى يتمكن من الإمساك بها ..
(ليكن لديك رؤية محددة لحياتك القادمة ركز عليها
لا تتنازل عنها حينما تصادفك عقبات بل امض بكل تركيز نحوها ...)
النسور لا تأكل الأشياء الميتة بل تصيد وتتغذى على الفرائس الجديدة ..
بعكس العقبان والغربان فهي تأكل الحيوانات الميتة..
مطلقا لا تشابه النسور..
(كن جديدا تجنب تكرار ما فعله غيرك وأبدع جديدا لحياتك على الدوام ..)
النسور هي الطيور الوحيدة التي لا تهاب العواصف والغيوم فوجود ذلك الطقس يحفزها ويثيرها للطيران حيث
تقوم بتوظيف العواصف لصالحها فتستخدم اندفاع وضغط الرياح للطيران للعلالي
وهذا يعطيها فرصة لإراحة أجنحتها..
(نحن ايضا بإمكاننا توظيف عواصف الحياة (مشاكل عقبات ضغوط)
لصالحنا للاستفادة منها في التعلم والتصبر وبالاحتساب عند الله كل ألم وآهة بقلب مطمئن
يستمتع المناضلون الصابرون بالتحديات...)
إناث النسور لا تقبل بأي نسر زوجا بل تخضعه لإختبار شاق
حيث تقوم الأنثى بإلتقاط غصن من الأرض ومن ثم تطير لأعلى لتوقعه بعد ذلك ..
وعلى النسر الذكر أن يلتقطه قبل أن يقع على الأرض
ويجلبه للأنثى التي تطير به لإرتفاع أعلى وتوقعه لترى هل يلتقطه النسر الذكر أم لا ؟
تتم هذه العملية عدة مرات حتى تثق الأنثى بقدرات النسر الذكر ومن ثم ترضى به زوجا...
(في حياتك الخاصة أو في عملك لا تولي ثقتك لأحد قبل اختباره ومعرفة معدنه)
حينما توشك الأنثى على وضع البيض يختار النسر الأب مكانا مرتفعا بعيدا عن المفترسين ..
يطير النسر الأب ملتقطا الأشواك ليحيط بها عشه
ومن ثم يحلق بحثا عن العشب الطري ليفرش به العش ويحيط العش بالأشواك
مرة أخرى للحماية أكثر ويبالغ في هذا حفاظا على ذريته ..
يتشارك الزوجان في بناء هذا العش لتنعم ذريتهما بالأمان ..
(الذين يحبوننا لا يدعونا نتحمل كل الجهد بل يشاركونا به لا يتركونا للفشل بل يدعموننا ويستنهضون حماسنا
حتى في أعمالهم التي نراها مسيئة لنا فإنها تحمل بطياتها الكثير من حسن النية ...)
حينما يبدأ الفرخ بالنمو تبدأ الأم بتعليمه الطيران ..
حيث تقوم الأنثى بقذفه خارج العش أحيانا ولأنه خائف سرعان ما يعود الفرخ لعشه
مع مرور الأيام يبدأ نموه بالاكتمال فتقوم أمه بقذفه خارج العش
وقبل رجوعه تبدأ بتخريب العش وذلك بالتخلص من الأعشاب وملء العش بالأشواك
فحين يثب الصغير للعش تدميه الأشواك فيثب راجعا للخارج ولعله يتساءل لم يعذبه ابواه هكذا ..
فيدرك حينها انه لا مفر من الطيران ...
بعد ذلك تقوم الأم بقذف الصغير من علو شاهق فيصرخون مذعورين وهم في الهواء..
حينها يقوم الأب بالتحليق أسفل منهم ويلتقطهم على ظهره ليعود بهم إلى الأم ..
يتكرر حدوث هذا الأمر حتى يبدأون بخفق أجنحتهم فتثيرهم المعرفة بالقدرة الجديدة على التحليق
فيتحمسوا ويطيروا حينها لإرتفاعات عالية لأول مرة ..
الأبوان يدعمانهم بخفق أجنحتهما حولهما بقوة ويزعقان بأصواتهما تحميسا لهم ..
(عملية تخريب الأم للعش تعلمنا اننا يجب أن نكون مستعدين ومؤهلين
للتغيرات والمصائب والمشاق فهي لا محالة قادمة لحياتنا...)
(قد تؤلمنا لكنها تعلمنا المواجهة والاصطبار لكنها تجعلنا أقوى
وعملية خفق النسران وصراخهما حول صغيرهما الذي للتو يطير
تعلمنا اننا بحاجة على الدوام إنا كنا محاطين بوسط داعم وحافز تماما كالوالدين ومن نحب...)
يعمر النسر لــسبعين عاما لكن الوصول لهذا السن يعتمد على إتخاذ قرار صعب للغاية في حياته..
حينما يصل لسن الأربعين تقوى وتصلب مخالبه وتطول ويصبح جناحاه ثقيلان بسبب ريشه الكثيف
الذي يلتصق بصدره مما يجعله غير قادرا على الطيران فماذا يفعل النسر جينها شيء عجيب يحدث..
يغادر النسر في مهمة صعبة جدا ولديه فقط خياران إما أن يموت
أو يستمر في عملية تغيير شاقة تستغرق مئة وخمسين يوما ..
تتطلب تلك العملية أن يستقر على قمة جبل ماكثا في عشه
وهناك يبدأ بنقر الصخرة بشدة بمنقاره وكذا بطرق الصخرة بمخالبه
وحينما ينتهي من ذلك يمكث حتى تنمو له مخالب ومنقار جديد
وفي أثناء هذا يبدأ في نتف الريش القديم الواهن حتى ينتهي منه تماما
ويبدو عاريا كالفرخ الصغير المولود للتو ..
(يا لها من عملية شاقة بحق ...)
وبعد مضي خمسة أشهر من هذه العملية الشاقة والمجهدة والصبورة
يطير النسر مجددا خارجا من هذه المحنة أقوى وأكثر فتوة ليعيش بعدها ثلاثين عاما ..
(من حين لآخر نحتاج أن نراجع عاداتنا وقناعاتنا
وكل ذلك في عزلة قصيرة هادئة للتجدد وللمراجعة لنتخلى بعد ذلك عما نراه غير لائق منها
فقط الأحرار المستقلون هم من يقدمون على عمل شجاع مثل هذا ..)
(فمن لا يتجدد يتبدد...)
(كونوا كالنسور وامضوا في طريقها وخذوا بفلسفتها في الحياة ..)