من مشكلات الدعوة في الأوساط النسائية
سلمان بن فهد العودة
إن طريق الدعوة محفوفة بالمكاره والعقبات ليميز الله الداعي من المدعي وليعظم الأجر لمن يصدق في البذل والتضحية في سبيل نشر هذا الدين والعمل له ،وسوف نستعرض في هذه الحلقات بعض المشكلات والعقبات التي تواجه الدعوة في الأوساط النسائية مع اقتراح بعض الحلول لها علها تنفع الداعيات بإذن الله تعالى
المشكلة الأولى: قلة عدد النساء الداعيات:
وهذه القلة يعاني منها الكثيرون؛ ولذلك نجد جهلاً كبيرًا في أوساط الفتيات، حتى في المدن، فضلاً عن القرى والأرياف، والمناطق النائية.
حلول هذه المشكلة:
والحل أمام هذه المشكلة يتمثل في عدة أمور أعرضها باختصار؛
الحل الأول : أن تحرص الأخت المسلمة على مشاركة جميع النساء في الدعوة إلى الله -تعالى-، حتى مع وجود شيء من التقصير. وينبغي أن نضع في أذهان النساء والرجال -أيضًا- أنه لا يشترط في الداعية أن تكون كاملة؛ فالكمال في البشر عزيز، وما من إنسان إلا وفيه نقص، لكن هذا النقص لا يمكن أن يحول بين ذلك الإنسان، وبين قيامه بواجب الدعوة إلى الله تعالى، فأنت تدعو إلى ما عملت؛ بل حتى مالم تعمل به، تدعو إليه بطريقتك الخاصة.
فالإنسان المقصر مثلاً، -رجلاً كان أو امرأة- يمكن أن يبين للناس أن تلك الأخطاء التي وقع فيها ندم عليها، واستغفر الله منها، ثم يدعوهم لأن يكونوا أقوى منه عزيمة، وأصلب إرادة، وأصدق إيمانًا، وأخلص لله – عز وجل -؛ حتى ينجحوا فيما فشل فيه هو. وبذلك يكون هذا الإنسان المقصر، قد دلَّ على الخير، وله بذلك أجر فاعله - كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة –رضي الله عنه -، حتى ولو كان مقصرًا فيه.
ولو لم يعظ في الناسِ من هو مذنبُ *** فمنَ يعظُ العاصين بعـد محمــدِ
ولذلك قال الأصوليون: حق على من يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضًا!
فوقوع الإنسان في المعصية، لا يسوغ له ترك النهي عنها أبدًا؛ بل ينهى عن المعصية ولو كان واقعًا فيها، ويأمر بالمعروف ولو كان تاركًا له، وإن كان الأكمل والأفضل والأدعى للاقتفاء سيرة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-: (قَالَ يَا قَوْمِ أرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْـهِ أُنِيبُ) [هود : 88 ]0
إذًا حتى مع التقصير، يجب أن تجر الأخت الداعية الأخريات إلى المشاركة، فمثلاً بعض الطالبات في المدارس: يمكن أن تشارك الطالبة في إلقاء كلمة، في توجيه، في إعداد بحث مصغر، في أمور معينة، تحدّث فيها بنات جنسها، من خلال حلقة المسجد، أو من خلال الدرس، أو أي مناسبة أخرى.. مع مراعاة تعهد هذه الفتاة بالتوجيه والنصح؛ فكونها قامت، وتكلمت، أو ألقت محاضـرة، أو كلمة أو أعدَّت بحثًا؛ لا يعني ذلك أنها جاوزت القنطرة، وأصبحت داعية، لا يوجه إليها أي طلب؛ بل تأمر الناس ولا تؤمر هي!.. كلا؛ بل هي الأخرى أحوج ما تكون إلى من يقوِّم سيرتها، وينصحها بإتباع القول بالعمل، ويحذرها من الاغترار والعجب، ويدعوها إلى مواصلة الطريق، والتزود من العلم النافع، والعمل الصالح.
إن من المهم أن تُتعاهد هذه الفتاة، ويُحرص عليها، وتُنصح، وتوضع في موضعها الطبعي، فلا يبالغ في الثقة بها، وإطلاق الصفات عليها، بما قد يضر بها.
ولذلك فإنه يجب أن نفرق بين أمرين:
الأول: أن نحرم تلك الفتاة من حقها في الدعوة والمشاركة؛ بسبب صغر سنها وقلة خبرتها، فهذا لا يصلح.
الثاني: أن نضع في يدها الأمر كله من الألف إلى الياء، وهذا أيضًا لا يصلح.
بل ينبغي أن تكون في مجال التدريب والمساهمة والمشاركة مع أخريات، وأن نتعاهدها بالنصح والتوجيه، فنقول لها: أصبت هنا، وهنا كنت تحتاجين إلى مزيد من دراسة الأمر مما أدى إلى الخطأ الذي ينبغي تجنبه.. وفي ميدان الدعوة تنمو الخبرات، وتكثر التجارب.
الحل الثاني: الاتجاه نحو الجهود العامة:
فبعض النساء تجعل في بيتها جلسة خاصة، أو درسًا خاصًّا، لخمس نسوة فقط من جيرانها، فلو أنها أقامت محاضرة، أو درسًا عامًّا، أو أمسية؛ لكان من الممكن أن يشمل مئات النساء، فيكون هذا الجهد المحدود الذي صرفته إلى خمس، كان من الممكن أن تصرفه إلى خمسين أو إلى خمس مئة امرأة.
بطبيعة الحال، نحن لا نقلل من أهميّة الدروس والجلسات الخاصة؛ فلها أهميتها ولايمكن الاستغناء عنها أو إهمالها.
ولكن مع ذلك فقيام المرأة بنشاط عام: كمحاضرة، أو درس عام، أو ندوة.._ يكون أبلغ في التأثير، وأوسع في المنطقة التي تخاطبها. وبمعنى آخر فالمجلس الخاص قد يكون أقوى في الامتداد الرأسي، والمجالس العامة أقوى في الامتداد الأفقي، أي أنه يشمل التأثير على عدد أكبر، وفي كلٍ خير.
الحل الثالث: التركيز على إعداد جيل من الداعيات ممن يحملن همّ الإسلام، وتنمية معاني الدعوة لديهن.
قد تكون زوجتك -مثلاً- تصلح لهذا، فلا يجوز أن يكون زواجها نهاية المطاف، أختك، قريبتك، بنت أختك، ذات محرمك؛ ينبغي أن تحرص على إعدادها لتكون داعية إلى الله تعالى. وكذلك النساء الداعيات من المدرسات، ينبغي أن يعتنين بإعداد نوعيات من الفتيات، وتهيئتهن وتأهيلهن للقيام بهذه المهمة الصعبة؛ لأن واحدة من النساء يمكن أن تقوم عن عشر، وكما يقال:
والناس ألفٌ منهمُ كواحدٍ *** وواحدٌ كالألفِ إن أمرٌ عَنَا
وهذا صحيح، فربما غلبت امرأة آلاف الرجال، ومن يستطيع أن يأتي في عيار أم المؤمنين عائشة ،أو خديجة، أو حفصة أو زينب أو أم سلمة - رضي الله عنهن-...، أو غيرهنَّ من المؤمنات الأُول؟ حتى كبار الرجال تتقاصر هممهم دونهن، ولازال في هذه الأمة خيرٌ رجالاً، ونساء.
الحل الرابع: الاستفادة من النشاطات الرجالية:
فلماذا نتصور أن نشاط المرأة ينبغي أن يكون محصورًا؟ فالنشاطات الرجالية: كالدروس -مثلاً-، والمحاضرات، والندوات معظم الكلام الذي يقال فيها يصلح للرجال ويصلح للنساء أيضًا، والشرع جاء للرجل والمرأة، وخاطب الجنسين معًا، وما ثبت للرجل ثبت للمرأة إلا بدليل.
المشكلة الثانية: صعوبة التوفيق بين العمل والدعوة والشؤون المنـزلية:
وهذه -بلا شك- معضلة حقيقية، فالمرأة أمامها العمل، وأمامها الدعوة، وأمامها الأمور المنـزلية: البيت، الزوج، الأولاد…، إلى غير ذلك، ولعلي لا أتجاوز الحقيقية إذا قلت: إنها أكبر مشكلة تواجه الداعيات، وعلى عتبتها تتحطم الكثير من الآمال والطموحات. فكم من فتاة تشتعل في قلبها جذوة الحماس إلى الدعوة إلى الله تعالى، وتعيش في مخيلتها الكثير من الأحلام والأمنيات، فإذا تزوجت وواجهت الحياة العملية؛ تبخَّرت تلك الآمال، وذابت تلك المشاعر، ولم تعد تملك منها إلا الحسرات والأنات، والآهات والزفرات، والذكريات! حتى أصبح كثير من الفتيات الآن لا يملكن إلا أن يقلن: كنت أفعل كذا، وكنت أفعل كذا، لكنهن لا يستطعن بحال أن يقلن: نحن نفعل الآن كذا وكذا.
حلول هذه المشكلة :
إنني لا أزعم أنني أملك حلاً لهذه المعضلة، لكني أحاول المشاركة ببعض الحلول من خلال إضاءات أبينها فيما يلي:
الإضاءة الأولى: تقوى الله – عز وجل - :
إن أول إضاءة في هذا الطريق هي قول الله – عز وجل -: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 2، 3]، ويقول الله تعالى: (ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5]، ويقول الله تعالى: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال: 29]. فالتقوى هي أول حل: أن يتقي العبد ربه، وتتقي الأمة ربها جل وعلا في نفسها، وفي وقتها، وفي زوجها، وفي عملها، وفي مسئوليتها.
والتقوى ليست معنى غامضًا كما يتصور البعض؛ بل يمكن أن نحدد التقوى في بعض النقاط والأمثلة التالية:
من التقوى: أن تختصر الفتاة ثلاث ساعات تجلسها أمام المرآة، وهي تعبث بالأصابع، وترسم وتمسح، وتزين شعرها؛ لتصبح هذه الساعات الثلاث نصف ساعة -مثلاً-، أو ثلث ساعة، دون تفريط في العناية بجمالها لزوجها، الذي هو جزء من شخصيتها، وجزء من فطرتها.
ومن التقوى: أن تختصر الفتاة مكالمة هاتفية ساعتين مع زميلتها في أحاديث لا جدوى من ورائها؛ لتكون هذه المكالمة ربع ساعة، أو عشر دقائق في السؤال عن الحال والعيال، وغير ذلك…، أو المناقشة في موضوعات تهمّ الطرفين دينًا أو دنيا.
==========================
الموضوع منقول من ايميلي
وهذه قصيده نقلتها لكم اتمنى تعجبكم
أنا اِبنةُ الإسلامِ ، أحيا بالسنا الهادي البديع ِ
أمضي حياتي في صلاتي في سجودي في ركوعي
أنافي ظلال الدين والقرآنِ أحيا في خشوع ِ
وسكينةُ الإيمانِ تَسكنُ خافقي بين الضلوع ِ
أنامَن أذعتُ الحبَّ بالنجوى، فيادنيا أذيعي
نجوايَ تسبيحُ الإلهِ ..و بعضُ نجوايَ دموعي
أنا وردةُ الإيمانِ .. أمَّتْ كلَّ أزهار الربيع ِ
أنا في حيائي والربيع ِطهارةُ الحسنِ الطبيعي
* * *
أنا من غرستُ الفجرَ في أعماق روحي بيدياّ
أنا في ضفافِ النورِ أمضي رحلتي فوق الثرياّ
وأصونُ طهري بالحجابِ فصارَ لي حِصناً عصياّ
كم ذا أنادي كلَّ أولادي وإخواني: إلياّ !
ألا يا أُخيّةُ .. يا أُخيَّ .. ويا بنيّةُ .. يا بُنيّا
هياّ .. لِنقضيَ في سبيل الله ِ دُنيانا سوياّ
فحياتُنا نهجُ النبي … وكلُّنا يهوى النبياّ
الحسنُ صورةُ أحمدٍ ..فالحبُّ أضحى أحمدياّ
* * *
د عبدالاله الدالاتي