إنعاش الحياة الزوجية بالحب بعد الثلاثين
الحلقة الأولى
تأملت في قول الله تعالى : ( وجعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ) فشبه الزوج عندما يعود إلى بيته ليجد زوجته الملاك الطاهر تنتظره بطيب الكلام والطعام والمعاملة فيسكن إليها ويرمي الدنيا ومشاكلها خلف ظهره نسيانا وتجاهلا ، فقد دخل في مسكنه الدافئ ليجد فيه الحنان والرحمة معا .
وكذلك الزوجة عندما يعود إليها زوجها بعد غيابه في العمل تستقبله بشوق ولهفة لتجد عنده الأمن والرعاية والحماية والمحبة فتنسى تعب البيت وإزعاج الأبناء وطلبات المنزل ، لتخلد إلى مسكنها الدافئ وتلقي بالدنيا ومشاكلها خلف ظهرها نسيانا أو تجاهلا .
تفكّر معي كيف يكون حال أسرة قائدها ومساعدته بهذه الروح الزكية والبسمة العطرة والأنفاس الحارة ، كيف سيكون إنتاجهما في التربية والعناية بالأطفال مادام الأب في كامل أريحيته والأم في كامل نشوتها .
سيجد الأولاد منهما مجالا للحوار واللعب والمزاح والتعليم ،,,,
ومتى كان هذا المسكن الزوجي لهيبا من النار المتوقدة فلا مجال للزوجين إلى السكون ، وأحدهما يحرم الآخر تلك اللحظات الربانية في السكون والدعة ...سينعكس ذلك لزاما على حياة الزوجين ودورهما في رعاية الأسرة ورعاية الأبناء .
وأجد في قوله تعالى ( لتسكنوا ) بصيغة الفعل المضارع ليدل على الاستمرار والمستقبلية في التجدد يوما بعد يوم .وكذلك في قوله ( وجعل لكم من أنفسكم ) أنفسكم بمعنى صارت الزوجة والزوج نفسا وروحا واحدة في كل شيء. يعنى صنع لك من نفسك زوجة تسكن إليها .
مممممممممممممممممممممممممممممممممم
وتشبيه الزوجة بالمسكن صورة جميلة
فكما يحتاج المنزل إلى الترميم والصيانة والدهان بين الحين والآخر
فكذلك الحياة الزوجية بحاجة إلى الصيانة والترميم دائما وخصوصا بعد سن الثلاثين
لأن الأزواج يظنون أن زوجاتهم بعد الثلاثين قد أصابهن الوهن وبدأن في الإهمال والانشغال في تربية الأولاد عن الزوج .
ولذلك يفكّر الكثيرون في التعدد والبحث عن الزوجات الأخريات طلبا لحياة الراحة والسكون .
وما علم أن نصف المشكلة كانت بسببه هو ودوره في الصيانة لمسكنه الزوجي .
لذلك لجأت لكتابة هذه الإشارات على شكل حلقات متنوعة لإنعاش الحياة الزوجية وخصوصا بعد الثلاثين ، فهذه الطريق تجعل الزوجة الكبيرة تعود فتاة متصابية لعوباً تثري حياة زوجها راحة وسكونا مرة أخرى .
مممممممممممممممممممممممممممممممممم
وسأبدأ بالحديث عن الزوج أولا
فإلى تلك الخطوات العملية :
الخطوة الأولى : ( الاستعانة بالله تعالى على إصلاح قلب الزوجة وهدايتها )
ذكر الله تعالى أن من نعمته على نبيه أيوب قوله ( وأصلحنا له زوجه ) فكانت نسبة الصلاح للزوجة هي هداية الله تعالى وتوفيقه ,,,, إذن فعلينا بالدعاء لمن بيده الأمر كله .
الخطوة الثانية : ( جدد نفسك أمامها حتى تشعر بك )
بعض الأزواج ربما لا يجدد ثيابه التي لديه قبل سنوات حتى ثياب النوم ، ولا يتجمّل لزوجته في المظهر والرائحة ، فكيف يطلب منها أن تحافظ على جمالها الدائم له ، وهو بطبيعته صار مثل الماء الراكد الذي انتشرت فيه الطحالب و النباتات الخضراء المائية وقريبا يصيبه العفن.الله تعالى يقول : ( ولهن مثل الذي عليهن ) أي لها من الحقوق مثل الحقوق التي تطلبها منها . إذن فجدد مظهرك وملابسك بين الحين والآخر وخصوصا التي تجلس بها أمامها في المنزل .
الخطوة الثالثة : ( غير قاموسك اللفظي عندما تتكلم معها )
نعم عليك حذف الكلمات القديمة من حياتك قدر الإمكان واستعمل كلمات جديدة بين الحين والآخر ، فلا تمدح عملها في المنزل بنفس الكلمات التي تستعملها دائما بل حاول وصف رضاك عن عملها بوصف جديد أكثر دقة ,,, مثل بدلا من أن تقول لها : المنزل نظيف ومرتب ..قل لها : اليوم هل عندنا مناسبة و عزومة .....فستقول لك لماذا ؟ فقل لها : الترتيب والنظافة تقول كذا ..... وهكذا في الأعمال الأخرى مثل الطبخ واللباس وغيره .
الخطوة الرابعة ( امدح جهدها في تربية الأطفال وتحملها لمتابعة شؤون المدرسة )
من الأعمال التي تتحملها الأمهات غالبا متابعة الأطفال والعناية بدروسهم وواجباتهم بسبب خروج الأب إلى أعماله وطلب الرزق ، وكان من المفترض عند رجوعه للمنزل أن يشكرها على جهدها ولو كان بسيطا ويدعو لها في وجهها بأن يجزيها الله الخير والمثوبة .ولا ينساها من الدعاء في الصلوات وغيرها .
الخطوة الخامسة : ( إذا اشتريت للأطفال الحلوى أو الهدايا لا تنساها وتذكّر نصيبها )
فعندما ترغب في شراء بعض الحلوى لأطفالك من السوبر ماركت مثلا أو بعض الملابس من السوق حاول أن تشتري لها هدية ولو كانت بسيطة ورخيصة .فمثلا عندما تشتري للأولاد حلوى حاول شراء قطعة تناسب سن الكبار وحاول أن تأكل معها من تلك القطعة وانظر أثر ذلك عليها في الأيام المقبلة ، وعندما ترفض أكل الحلوى أمامك على أنها للأطفا ل، أجبرها على ذلك وشاركها حتى تزيل الحواجز بينكم أكثر .
الخطوة السادسة : ( احترف أساليب الغزل عند جلوسك معها لتناول القهوة والشاي )
وقت الجلوس لشرب الشاي والقهوة وقت طويل ، وقد يضيع عليكما في السكوت أو قراءة الجريدة ، وربما يقول الزوج : ليس لدى وقت لأجلس مع زوجتي وأتحدث معها ، فإذا جلست معها لتناول القهوة والشاي فسيكون الوقت نصف ساعة تقريبا ...فحاول استغلاله في الملاطفة والمزاح والكلمات الرقيقة حتى تنتهي من قهوتك وتستعد للخروج ... فسوف تشعر بشوقها الشديد إليك عندما ترجع للبيت مرة أخرى ، واستعدادها لك .
الخطوة السابعة : ( غيـِّر أساليبك في التعبير عن حبك لها )
بعض الأزواج لا زال يستعمل أساليب عنترة وعبلة في التعبير عن الحب ، وربما قال لك : قال جدي افعل كذا ولا تفعل كذا، وهذا الكلام له وقته ولكن يجب عدم الاستمرار عليه ، بل حاول أن تنوِّع في الطرق والأساليب مثلا : في لحظة جلوسك للكتابة أو ما شابه ذلك أطلب منها أن تحضر لك شيئا ما ، وعندما تحضرها أشكرها وأنت في مكانك ثم لفها بذراعيك إلى صدرك لتشعرها بالحنان وأنك رغم الكتابة والعمل لم تنسها من الحب والرحمة ، فقد كانت زوجة العالم الرباني الإمام الزهري رحمه الله تقول : كتبه كانت أشد علي من زوجة أخرى بسبب انشغاله بها جزاه الله عن المسلمين خير الجزاء ، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت إلى زوجاته ويمازحهن وهو في عمله أو بعد أن ينتهي كما تسابق مع عائشة بعد رجوعه من الغزو .
ومثال آخر : بدلا من أن تجعل رأسك أنت في حجرها لتسريح شعرك ، أطلب منها هي أن تجعل رأسها في حجرك أنت وقم بتسريح شعرها ، ثم انظر أثر ذلك عليها ، ولا تجعل أصحاب الأفلام الأجنبية أكثر حنانا منك على زوجتك .
ومثال ثالث : عند وجبة الطعام ستجد الأم تهتم بتوزيع الطعام على الأولاد وتنسى نفسها ، فاهتم بها أنت في هذه اللحظة ، وقل لها لن أضع لقمة في فمي حتى تأكلي ، وحاول انتقاء أطيب قطعة في الطعام وضعها بين يديها أو في فمها مباشرة . أو حاول أخذ قطعة أكلت منها هي فكل أنت النصف الآخر ..وهكذا كما فعل رسول الله مع أزواجه .
الخطوة الثامنة : ( شاورها في همومك التي يمكن تدخـُّلها فيها )
صدر الزوج قد يصبح يوما مثل برميل الجاز خطورة بسبب المشاكل التي يتعرض لها في العمل والطريق والمشكلات الاجتماعية ، وعندما يدخل إلى البيت ويتعرض لموقف بسيط فإنه ينفجر على الجميع من الزوجة والأطفال بدون ذنب منهم ، فكان الواجب عليه من حين أن يدخل المنزل أن يخبر زوجته بأنه تعرض لموقف سيّئ في العمل أو في الطريق وأنه منزعج جدا ويطلب منها أن تراعي ذلك وتبعد الأطفال عنها حتى لا يستثيروه تلك اللحظة . إلى غير ذلك من الهموم المالية والعائلية وغيرها .
الخطوة التاسعة : ( العلاقة الزوجية ليست كل شيء بل المعاملة هي كل شيء )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدين المعاملة ) والتعامل مع الزوجة يجب أن يأخذ حظه من العناية بكل أسلوب ممكن وجائز شرعا ، فالنظرة المعجبة تؤثر عليها ، والبسمة البريئة تشرح صدرها ، والمزاح الخفيف يبهجها ، فأطل النظر في وجهها وعينيها بإعجاب حتى يصيبها الخجل وتطلب منك أن تكف عنها ، إذا أقبلت عليك من عملها في البيت أو في المطبخ انظر إليها وأنت تبتسم لها وركز النظر نحوها وانظر أثره عليها ، امزح معها بالكلمة وربما باليد حتى أمام الأولاد حتى يشاهدوا التوافق بين الأبوين فيشعران بالفرحة والرحمة ، كما لو شاهد الأبناء الشجار والخصومة بين الأبوين كيف سيكون أثره عليهم . كذلك ساعدها في حمل الأغراض المنزلية وحاول بعض الأحيان أخذ الشيء من يدها تخفيفا عنها ولو رفضت فستحفظها لك في قلبها . وهكذا من أساليب المعاملة الحميدة بينكما .
الخطوة العاشرة : ( كما تسهر على رعايتك وأنت مريض اسهر على رعايتها وهي مريضة )
طبيعة الزوجة العناية يزوجها المريض ، وعندما تمرض هي ترفض مساعدته خوفا من إشغاله بذلك ، لذا كان من المفترض على الزوج أن يرد الدين الذي عليه من قبل فيحسن إليها كما أحسنت إليه . لا كما يفعله بعض الأزواج من رمي الزوجة عند أهلها عندما تمرض وعذره أن أهلها أولى بها . ويدخل في ذلك حالتها عند الولادة والنفاس من تخلي الزوج عنها نهائيا بحجة أن أهلها أولى بها وأن الزوج لا يعرف ما يقدمه لها ، انظر إلى الطلاب المغتربين مع زوجاتهم بعد الولادة كيف يرعونهن ، انظر للعمال الأجانب عندما تلد زوجته في البلد الذي يعمل فيه هو كيف يوفق بين عمله ورعايتها . فما بالك أنت عن القيام بواجباتك نحوها .
إن الزوج الذي يقدم ذلك كله لزوجته سيجد عندها الزوجة المعينة على تربية أولاده ليكونوا قادة وعلماء ومربين ومفكرين ، وإن الزوج الذي يهمل زوجته ويظلمها سيجعلها تنسى أطفالها ليخرجوا بعد حين قادة التخريب والإفساد والمخدرات والتهريب والسرقة والفساد الأخلاقي . والهداية والتوفيق كلها من الله