بسم الله الرحمن الرحيم
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمَّيْتُ ابْنَتِي: " بَرَّةَ "، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الاسْمِ، وَسُمِّيتُ " بَرَّةَ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ البِرِّ مِنْكُمْ)) فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: ((سَمُّوهَا زَيْنَبَ))
معاني الكلمات:
برة: بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ مِنَ الْبِر وهي هنا بصيغة مبالغة
لا تزكوا أنفسكم: تَزْكِيَةُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ ثَنَاؤُهُ عليها
أهل البر: البر اسم لِكُلِّ فِعْلٍ مَرْضِيٍّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث من الأحاديث العمدة في باب تسمية المولود وفيه أن محمد بن عمرو بن عطاء وهو من الرجال الصالحين حتى قال عنه بعضهم أنه أهلا للخلافة سمى ابنته برة فقالت له زينب بنت أبي سلمة وهي ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم وهي من صغار الصحابة فقالت له إن النبي صلى الله عليه وسلم كره هذا الاسم ولما كانت الأحكام عندنا مقرونة بالدليل ذكرت له الدليل وقالت له أن أهلها سموها برة فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لما فيه من التزكية وسألوه أهلها بم نسميها قال سموها زينت وانظر لهذه الصحابية لما رأت أن هذا الرجل وقع في أمر مخالف شرعاً وليس لمثله أن يقع فيه لم يمنعها كونها إمرأة من تبين الحق والدعوة إليه فإنك في هذا الزمان لتعجب من كثير من أهل الفضل يتقاعسون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأقصد بهذا المصطلح معناه الشرعي العمومي لا الإقتصار على بعض المسائل دون بعض وهذه الشعيرة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لها ضوابط وشروط لعل الله ييسر لنا من يذكرنا فيها من الإخوة فيكتب لنا فيها بحثاَ ماتعاً.
أيها الفاضل واعلم أن هذا الباب أعني باب تسمية المولود وتحسين اسمه من أعظم الأبواب قال ابن القيم –رحمه الله- ( وهذا باب عجيب من أبواب الدين : وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول وتنفر منه النفوس ، إلى الاسم الذي هو أحسن منه ، والنفوس إليه أميل ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك ".
"تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم" (ص 52-53) وهنا بعض المسائل التي تتعلق إما بالحديث أو تسمية المولود نقلتها للفائدة فنبدأ فنبدأ بها والله الموفق :
مسألة/ ما حكم تسمية المولود؟
الجواب/ جاء في مراتب الإجماع لا بن حزم (ص: 154 ترقيم الشاملة) ( اتَّفَقُوا أَن التَّسْمِيَة للرِّجَال وَالنِّسَاء فرض) فالتسمية واجبة وهذا أمر مُسلم به حتى من لا دين له يحرص على تسمية مولوده.
مسألة/ ما هي شروط الاسم الذي يسما به المسلم؟
الجواب/ إذا كان الاسم لا يحمل معنى التزكية للنفس ولا يدل على معنى تكره النفس وليس فيه تشبه بالكفار فهو جائز.
مسألة/متى يسمى المولود؟
الجواب/ اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة منهم من يرى أنها تكون في يوم ولادته واستدلوا بذلك بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ)وراه مسلم . ومنهم من يرى أنها تكون في اليوم السابع واستدلوا لحديث: « كل غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه و يسمى فيه ، و يحلق رأسه » صححه الألباني في أوراء الغليل ولو قُدر أنه حدث تردد في اختيار الاسم وأحتاج أن يتأخر فله التأخر كما أفتى بذلك سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين – رحمه الله-.
مسألة/ما أقسام الأسماء في الشرع؟
الجواب/يمكن تقسيم الاسم في الإسلام لثلاثة أقسام :
الأول:الأسماء المستحبة: وقاعدتها العامة أن يكون حسن اللفظ وحسن المعنى. ومنها عبد الله وعبد الرحمن وأسماء الأنبياء كإبراهيم وأسماء الصالحين والآباء والأجداد مالم يكن بها كراهة أو حرمة.
الثاني/المحرم: ومنها التعبيد لغير الله فهذا محرم كعبد الكعبة وعبد النبي وعبد الرسول ونحو ذلك من الأسماء. ومن الأسماء المحرمة التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم كجرجس وبطرس. ومن الأسماء المحرمة تسمي الرجال بأسماء النساء أو تسمي النساء بأسماء الرجال ومنه تسمي النساء بأسماء الملائكة وسيأتي مزيد توضيح في موضعه....
الثالث/المكروه:كالتسمي بأسماء الملائكة، جبريل ومنه التسمي بالأسماء الدالة على الذم:كذا التسمي بالأسماء الشهوانية كاسم هيام، أو فاتن، أو ناهد، أو نهاد. كل هذه أسماء مكروهة.
مسألة/ما حكم التسمي بأسماء الملائكة؟وللنساء خاصة؟
الجواب/ قال الشيخ العلامة بكر أبو زيد –رحمه الله- في كتابه الماتع تسمية المولود (1 / 26 ترقيم المكتبة الشاملة الإصدار المكي):(وكره جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام ! مثل : جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، فظاهره الحرمة ، لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم للملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم.
وقريب من هذا تسمية البنت : ملاك، ملكة. )اهـ
مسألة/ما حكم تغير الاسم؟
الجواب/الاسم حكم تغيره يدور بين ثلاث أمور:
واجب:إن كان الاسم محرما ً كعبد الحسين وعبد الرسول ونحوها فيجب على المسلم أن يعير اسمه.
مستحب:وذلك إذا كان الاسم مكروهاً كمن سمى باسم من أسماء الملائكة.
مباح: وذلك إذا كان اسمه ليس بمحرم ولا مكروه كمن يغير اسمه من زيد لعبد الله .
مسألة/من الأحق بالتسمية:
الجواب:الأحق بالتسمية للمولود هو الأب فإن لم يكن الأب موجودا فالأكبر من أولياء الطفل وينبغي التشاور بين الوالد والوالدة باسم الابن وألا يجعلا قدومه نقمة عليهما بل يصطلحا تطيبا للخواطر وزيادة للألفة فإن لم يمكن ذلك فلا شك أن الأب له الحق بالتسمية وليس للمرأة أن تنازعه بذلك.
مسألة/حكم تسمية الولد باسم الأنبياء والرسل –عليهم السلام-.
الجواب/ يقول الشيح بكر أبو زيد –رحمه الله- في كتابه الموسوم بتسمية المولود (1 / 15 ترقيم المكتبة الشاملة المكية):
(أجمع العلماء على جواز التسمية بها- أي أسما الأنبياء-، إلا ما يؤثر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أنه كتب : " لا تسموا أحداً باسم نبي " رواه الطبري.
وهذا النهي منه رضي الله عنه لئلا يبتذل الاسم وينتهك، لكن ورد ما يدل على رجوعه عن ذلك، كما قرره الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى .اهـ
مسألة/ما حكم التسمية بأسماء الحيوانات
الجواب/يكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة، ومنها التسمية بما يلي : حنش، حمار، قنفذ، قنيفذ، قردان، كلب، كليب… والعرب حين سمت أولادها بهذه، فإنما لما لحظته من معنى حسن مراد : فالكلب لما فيه من اليقظة والكسب، والحمار لما فيه من الصبر والجلد، وهكذا ... وبهذا بطل غمز الشعوبية للعرب كما أوضحه ابن دريد وابن فارس وغيرهما. ( تسمية المولود (1 / 24 ترقسم الشاملة المكية)
مسألة/هل تسمية الولد على اسم الأب من البر؟
الجواب/قال بقية السلف سماحة الوالد الشيخ صالح الفوزان –حفظه الله- (هذا يدل على المحبة والارتباط، ليس من البر، ولكن يدل على المحبة والارتباط بالوالدين.)اهـ وقد يبتلى الإنسان بأحد الوالدين يجبره على اسم ما فينظر الإنسان للاسم فإن كان محرما فلاشك أن الطاعة لله بمعصية الوالدين وإن كان اسما مباحاً حاول أن يقنع والده فإن أبى الأب فطاعته من البر والعاقل لا يضيع أجر البر من أجل اسم.
مسألة /كان النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بتقي الدين، ويقول " لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر "( تسمية المولود (1 / 25 ترقيم الشاملة المكية)
مسألة/ وهاهنا لطيفة عجيبة، وهي أن أول من سمى أحمد بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو : أحمد الفراهيدي البصري والد الخليل صاحب العروض (تسمية المولود (1 / 16 ش م):
هذا ما يسره الله ووفق إليه ولمزيد من التوسع أوصيكم بالرجوع والنظر لهذه الروابط:
- مجموعة فتاوى للشيخ الفقيه سماحة الوالد عبد الله بن جبرين – رحمه الله-http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=masal&subid=3107&parent=3105
- كتاب تسمية المولود للشيخ بكر أو زيد رحمه الله :
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=1628
ملاحظة/للشيخ كتب أخرى مفيدة في مجالات مختلفة فعليك بها فهي مليئة بالفوائد ما الله بها عليم.
- تحفة المودود بأحكام المولود pdf
http://www.al-mostafa.info/data/arab...ile=018068.pdf
وهذا رابط بصيغ أخرى ومنها الشاملة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
