عطلة الربيع
في صباح أول يوم من أيام العطلة النصفية للمدارس، أفاق شادي على صوت ثلج يذوب نقطة، نقطة.
مسح عن عينيه آثار النوم، فرأى الشمس تملأ غرفته نوراً ودفئاً.
توجه إلى خزانته، ليرتدي ثيابه ويخرج ليتناول طعام الفطور.
فتش عن قميص نظيف وبنطال وجوارب، فلم يجد. كانت كلها متسخة.
قد وضع في الخزانة، ثيابه المتسخة بدلاً من أن يضعها في سلة الغسيل، لتنظفها أمه.
احتار في أمره وارتبك، لكنه قرر ألا يفسد متعته بالربيع.
فارتدى على عجل، الثياب التي كانت عليه أمس، وهو يردد كلمات تواردت على لسانه:
جاء الربيع،
العصافير تغني فرحة،
والماء المتجمد في المزراب يذوب،
نقطة فنقطة،
والنحل يرقص حول الأزهار،
يجمع منها الرحيق شهداً وعسلاً. ***
خرج شادي، إلى البستان الصغير المحيط بالبيت.
فوجد العشب طرياً ندياً، والهواء ناعماً منعشاً.
والأشجار مثقلة ببراعم الأوراق والأزهار.
أما الغيوم فكانت بيضاء صغيرة، تسرح وتمرح في السماء الزرقاء.
صباح الربيع يا شادي.
تلفّت شادي حوله، فرأى صديقه حسام يطل عليه من حائط بستانهم المجاور. فقال: صباح الخير يا حسام.
سأله حسام: ماذا تنوي أن تفعل في هذه العطلة؟.
قال شادي: لا شيء، سوى الراحة واللعب.
- ألا تفكر في تنظيف بستانكم من الأعشاب اليابسة؟
أجاب شادي: العطلة للراحة واللعب، وليست للعمل.
- العطلة ياصاحبي، هي راحة وعمل معاً.
دخل شادي إلى البيت، وكلمات حسام لا تفارق مسمعه.
ومن غير تردد، أحضر من المطبخ كيساً كبيراً فارغاً، وعاد إلى البستان يجمع الأوساخ من الأرض، مثلما كان حسام يفعل في بستانه.
وقبل أن ينتصف النهار بقليل، كان التعب قد نال من جسدي حسام وشادي.
فاقترح شادي، أن يأكلا ويأخذا شيئاً من الراحة.
أحضر كل واحد منهما طعامه من بيته، وجلسا في ظل شجرة يأكلان ويتحدثان.
قال شادي: ما أجمل الربيع!.
رد حسام قائلاً: إنه فعلاً من أجمل الفصول، لأنه يجمع بين الجد والعمل، والمرح والراحة.
هزّ شادي رأسه موافقاً صديقه، ونهضا ليتابعا العمل في البستان.