كله وقع صدفة
إسلام حضاري ديمقراطي شركاء موارد واستراتيجيات
قراءة في تقرير أعدته مؤسسة راند كوربورايشن الأمريكية
بقلم : د. سعد البريك
تعظم المصيبة حينما يكتشف الإنسان نفسه مجندًا لمخطط قد أعدَّه عدوه وهو لا يشعر .
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة * * * وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
اللهم إلا أن يكون الإنسان قد جنَّد نفسه لخدمة عدوه بمحض الصدفة !!
(( مؤسسة راند كوربورايشن Rand corporation )) هي مؤسسة أنشأتها شركة دوغلاس الأمريكية للطائرات، وتُعتبر تقاريرها مؤشرات وتوصيات في السياسة الخارجية الأمريكية، وتُعدُّ مخزنًا للمعلومات الهامة لجهاز (سي أي إي) ، ومن أبرز ما صدر عنها تقرير موجه للبنتاجون عام 2002 م يعتبر السعودية أعظم عدو في الشرق الأوسط .
في تقرير بعنوان Civil Islam Democratic Partners, Resources, and Strategies.
( إسلام حضاري ديمقراطي شركاء موارد واستراتيجيات ) .
أعدته هذه المؤسسة بناء على طلب وزارة الدفاع الأمريكية من القسم المختص ببحوث الأمن القومي فيها.
جاء فيه ما يؤكد ضرورة تفعيل أهم خطة استراتيجية لبناء إسلام جديد يخدم المصالح الأمريكية، وذلك عن طريق قلب البنية الاجتماعية والثقافية من خلال إضعاف المناعة والهوية الإسلامية، وخلخلة البناء الديني من خلال إثارة الشبهات والدعاية لها، والتركيز على اعتبار كسر الضوابط الخلقية والشرعية في شأن المرأة وكل ما يتعلق بها (بلا استثناء) أمرًا سائغًا لا يمارس عليه أدنى إسقاطات النقد أو العتاب، فضلاً عن المحاسبة والعقاب.
جاء في هذا التقرير أهمية معرفة دقائق الصراع الإيديولوجي بغية معرفة الشركاء المناسبين، وتحديد الأهداف والوسائل الواقعية لتعزيز تطوره بأسلوب إيجابي.
وحيث لا يجوز تفويت ظاهرة التطرف والغلو، حيث لا بد من تعميم هذه الصورة على كافة الأطياف والمنتمية للتيار الإسلامي، واعتبارهم وجهًا وصوتًا وفكرًا واحدًا، بل من المهم إلحاق المعتدلين بالمتطرفين والمصلحين بالعابثين، شريطة تفادي ظهور الولايات المتحدة في صورة العداوة للإسلام (مهما فعلت) .
مع مراعاة المضي قُدمًا نحو فرز العناصر الفاعلة في المجتمعات الإسلامية، مستغلين السجالات والنزاعات التي يشهدها العالم الإسلامي، مع ضرورة تصنيف هؤلاء بدرجات متفاوتة تستحق معه كل فئة دعمًا يتناسب وموقعها والدور الذي تبادر به وتتحمس له، دعمًا لوجستيًا يمكنهم من تنفيذ أهداف الاستراتيجية، مع التنبيه على أن هذا لا يكون علنًا أمام الملأ.
وينقسم المسلمون في البلدان المستهدفة في نظر من أعد التقرير إلى أربع فئات هي :
أولاً : الأصوليون .
ثانيًا: التقليديون .
ثالثًا : الحداثيون .
رابعًا : العلمانيون .
ويبرر الخطر في الجانب الأصولي في نظرهم من ناحية، والتعاطف معهم وقدرتهم على استخدام الابتكارات والوسائل التكنولوجية من ناحية أخرى.
أما التقليديون فينشدون مجتمعًا محافظًا، وينظرون بريبة إلى الجديد والقادم.
أما الحداثيون فيسعون إلى إعادة صياغة الإسلام؛ ليتواكب مع المتغيرات المعاصرة (بروسترويكا إسلامية) .
وأما العلمانيون فسعيهم يجب أن لا يكلّ، وهمهم يجب أن لا ينقطع في تكريس فصل الدين عن الدولة .
وخطاب هذه الفئة يجب أن يدور حول عدة محاور أبرزها: الحرية السياسية، والحرية الفردية، ومناهج التعليم، ووضع المرأة، والإصلاح والتغيير، وكل يدافع عن هذه القضايا من وجهة نظره.
وحيث إن العلمانيين في نظر واضعي التقرير مرفوضون أيديولوجيًا لأسباب أهمها : (استباقية الخطاب الديني لإجهاض فكرهم، وتجدر القيم الدينية في المجتمع؛ ولذا فلا بد من أجل إرساء تغيير إيجابي في العالم الإسلامي أن تحدد العناصر والتيارات والقوى التي تنضوي تحت الغرب وتعزيزها، كما يتعين أن تحدد بدقة أهداف وقيم الحلفاء ومن يقوم بحمايتهم على اختلاف أشكالهم. ولتوضيح ذلك فلا بد من الآتي :
أولاً : دعم الحداثيين من خلال :
1 - نشر وتوزيع أعمالهم بأسعار مخفضة .
2 - تشجيعهم على التوجه في كتاباتهم إلى الجمهور، وتوفير منابر عامة لهم، ونشر آرائهم واجتهاداتهم في تفسير أصول الدين؛ لكي تتنافس مع آراء الأصوليين والذين يمتلكون المواقع الإليكترونية ودور النشر والمدارس والمعاهد.
3 - تقديم العلمانية والحداثة على أنهما أخيار الثقافة المضادة.
4 - تسهيل وتشجيع وتعميم المعرفة بالتاريخ والثقافة غير الإسلامية السابقة لظهور الإسلام في وسائل الإعلام.
5 - المساعدة في تنمية المنظمات المدنية المستقلة بغية تعزيز الثقافة المدنية، وفتح المجالات أمام المواطنين العاديين لتعليم أنفسهم إجراءات السياسة والتغيير على آرائهم.
6 - أما التقليديون فلا بد من إضرام نار الخلافات بينهم وبين الأصوليين، وإعاقة أي تحالف بينهم، وتشجيع التعاون بين الحداثيين والتقليديين، وتعزيز وجود الحداثيين وصورتهم في مؤسسات التقليديين مع ملاحظة أن التيار التقليدي فئات مختلفة، فلا بد من تشجيع هذه الفئة التي تُظهر توافقًا أكبر مع الحداثيين، وتشجيعها على إصدار آراء شرعية وتعميمها بغية إضعاف قوة الأحكام الشرعية الوهابية الأساس والمتخلفة (الرجعية) .
7 - أما مواجهة الأصوليين ومعارضتهم، فلا بد لتحقيقها من معارضة تفسيراتهم للإسلام، وإثبات عدم قدرتهم على تحقيق تنمية إيجابية لدولهم ومجتمعاتهم، ومخاطبة الشباب والشابات بهذه المضامين مع تشجيع زرع الثقافة في صفوف الأصوليين. وأما العلمانيون فلا بد من توفير دعم انتقائي لهم من خلال :
- تشجيع التعريف بالتيار الأصولي على أنه عدو مشترك .
- دعم الفكرة القائلة بضرورة الفصل بين الدين والدولة، وأن هذا الفصل لا يشكل أي خطر على الدين، بل يقويه في الواقع.
فإن لم تكن المملكة العربية السعودية أول مستهدف، ويقصد بهذا التقرير فلا أدري من المعني بالأمر إذن ؟
وختام موضوع هذا الأسبوع الإشارة إلى أن هذا التقرير بات في متناول المعنيين .
والسؤال : هل يتفضل بعض كتَّابنا الذين أزعجهم موضوع الدولة المدنية وفق نسختها المعدلة، وهل يتفضل أولئك الذين يجيدون الكلام والنَّيل من المرجعية الدينية وكبار العلماء والمناهج والمؤسسات المعنية بحفظ الأخلاق والتربية والقرآن والدعوة، هل يتفضل الجميع بالتصدي لهذه المواعظ والتي وردت في تقرير مؤسسة راند ؟؟
وما تضمنه الأيام كفيلة بالجواب!! وسنعرف حينها لماذا تجف الأقلام، ويتعالى الصراخ بالوكالة والأصالة !!
ملاحظة : التقرير نشرته المؤسسة على موقعها على الإنترنت، ويجده القارىء الكريم على هذا الرابط في الموقع نفسه :
http://www.rand.org/pubs/monograph_r...005/MR1716.pdf
منقول .. وتعليقي على ماكتب .. سوف يأتي في حينه !!