من أنت يا سيجارة؟
يصفونك بأنك مهدئة أعصاب وقاهرة المشاكل بالنسيان...
ويصفونك بأنك رمز الرجولة وهيبة الإنسان...
وينعتونك بمريحة النفس ومخدرة الأحزان...
غازلوك بمختلف النعوت ولحنوا فيك الألحان...
أتُرى لا أرى فيك إلا عيوبك بعد كل هذه الصفات الملاح؟
دخانك الرمادي الذي يقتحم الرئتين فيخنق الهواء وبكريه الرائحة فاح...
أين جوهرك هذا الذي يجعل الملايين يحرقون أموالهم تحت تبغك؟
أين هذه النشوة الطاغية التي تغري الكثيرين فيقترون على أهليهم ويرمون صحتهم وأموالهم تحت قدميك؟
ماذا تحملين يا سيجارة في أحشائك ؟
أهو إكسير الحياة؟ أم كنز دفين لا يعلم أحد ماهيته؟
أم هو سم يسري ببطء في العروق فينعشه ويشعره بالنشوة بينما هو يدمره بذكاء وتدرج محكم؟
من أنت؟ بالله عليك من أنت؟
سرقت آباء من أطفالهم وأبناء من أهلهم وشبانا من شبابهم وفتيان من براءتهم...
حتى خلق الله غيروه لأجل عينك التي تشع لهبا وحمرة، فهاهي الأسنان اسودت ونخرها السوس، وهاهي الشفاه ازرقت، وهاهي الوجوه اسودت...
هذا الظاهر للرائي أما الباطن فقد أحلته إلى مغارة سوداء مفحمة وقد عشش في كل ركن فيها جنودك الأوفياء، يؤدون مهمتهم المميتة بكل دقة واحترافية وإتقان...
تزرعين الحقد في قلوب طرية حين تنزلق في هواك فتقرر إغواء غيرها بك لتطبق قولة إذا عمت هانت، ولكن للأسف تشعل نيران أخرى والهرمية تؤدي دورها بجدارة حتى يعم البلاء ويخنق دخانك الأرجاء فتحل الحساسية والربو والسرطان ضيوفا ثقيلة الظل على بيوت المسلمين، فأي هناء حققت؟
مهما قالوا يا بيضاء اللون سوداء الفعل لن أصدقهم لأن دخانك الكريه دليل على هويتك، ولكن من الفراغ وضيق الأفق تنتهزين الفرص...
فهل الآفاق ضيقة فعلا؟ وهل ابن آدم لا يجد ما يملأ وقته؟ أتراه لا يعلم لم هو على وجه البسيطة وبم هو مكلف من خالقه؟ أم أنه يتناسى يومه الموعود ويسلم لجامه لعدوه اللدود؟ الذي صدق وهو الكذوب حين قال:
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) سورة إبراهيم
وأخيرا لن أقول سوى أنك فتنة ومن سمح لك بأسره فلا يلومن إلا نفسه....
مع أطيب الدعوات - مشروع حراس الفضيلة
منقول