أكدت وزارة الخارجية ووكالة شؤون الابتعاث بوزارة التعليم العالي على أن تجاهل الكثير من المسافرين والمبتعثين السعوديين لأنظمة الدول التي يسافرون إليها ، أو الجهل ، أو التساهل بها ، تسببا في وقوع الكثير من المضايقات ، والقضايا ، والمحاكمات التي وجهت لهم وبعضها في جرائم صنفت أنها من ضمن التحرش الجنسي ، وأخرى بسوء معاملة الأطفال أو الخدم أو التحرش بالقُصّر ، حتى لو بحسن نية مما تسبب في سجن بعضهم لفترات طويلة ، وترحيل البعض الأخر ، و المنع من ميزات أو حرمان من التأشيرات مستقبلاً .
أصدرت وزارة الخارجية السعودية تعليمات عاجلة ، وزعتها في منافذ السفر ، ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة والمطبوعات . قدمت فيها تحذيرات مشددة للمسافرين على الخطوط الدولية سواء للسياحة والسفر، أو المبتعثين ، ورجال الأعمال ، بتجنب العديد من المزالق ، مؤكدة أنه على " على المواطنين الراغبين في السفر إلى الخارج ضرورة مراعاة اختلاف الثقافة عن طريق عدم التعامل بقسوة مع الأبناء أو تقبيلهم على الشفاه في الأماكن العامة تجنباً لرفع قضايا بتهمة إساءة المعاملة وربما تعريض العائلة لفقدان حق حضانة الطفل " وأن مثل تلك التصرفات لا ينظر لها كما هو الوضع في المجتمع السعودي أو الخليجي ، فقد لا يكون من المقبول تقبيل الطلاب الأجانب أو تقبيل الأطفال أو حضنهم أو حتى الحديث من الغرب منهم دون أن تكون هناك معرفة مسبقة .
وفي تقرير لجريدة "الحياة" ، أوضحت الخارجية أن العديد من المسافرين السعوديين والمبتعثين يتعاملون بحسن نية مع بعض التصرفات دون إدراك للقوانين المختلفة للبلد الذي يذهبون إليه ومن ذلك إبداء الإطراء والإعجاب مما قد يفسر بأنه نوع من التحرش الجنسي ويعتبر جناية كبيرة وذلك يسحب أيضا على محادثة الأطفال والمراهقين على الانترنت وبرامج المحادثات (الشات)ودعوتهم لمقر السكن أو مكان خاص لتناول الغذاء أو ما أشبه .
كما أوردت الخارجية إشارات إلى الجوانب الأخرى التي لا يفطن لها عادة مثل أن " أي خلاف عائلي يصل إلى سلطات الأمن في بعض الدول يعاقب المتسبب فيه بالحق العام حتى لو تنازل الطرف الآخر عن القضية، لذا يجب الحرص على حصر الخلافات العائلية داخل إطار العائلة" وأنه فيما يخص العمالة والخدم فهم سيخضعون " تلقائيا لقانون الدول المضيفة والذي يسمح لهم بحيازة أوراقهم الثبوتية وبساعات محددة للعمل ".
من جهتها أيدت وكالة شؤون الابتعاث بوزارة التعليم العالي ذلك داعية جميع طلابها في الخارج إلى تجنب " أحاديث "الشات" على الإنترنت مع الأطفال القصر ، و زيارة المواقع الإلكترونية المشبوهة " ، وتجنب استعمال البرامج الاليكترونية المقرصنة والتي ليست نظامية على أجهزتهم و كذلك عدم تحميل أي من الصور والمقاطع المخلة بالآداب في أجهزة الحاسب الآلي. ورفض أي طلب لمساعدة أي جهات سواء بالنقد أو غيره دون التأكد من نظامية ذلك ومنع التبرعات لأي جهة في الخارج.
وتأتي هذه التحذيرات بعد ظهور حالات كثيرة تعرض فيها السعوديون لمحاكمتهم ومقاضاتهم أو بقاءهم على الأقل في دائرة الشبهات. ولا يعتبر ما ذكر إلا الأهم والأخطر ، وإلا فالقائمة الكبيرة التي يتساهل فيها عدد من المسافرين السعوديين وحتى الخليجيين تشمل الحصول على التأشيرة ، والدقة في تعبئة نموذج طلبها ، والتعامل مع مكاتب مرخصة في السفر والسياحة ، وعدم معرفة المسافر أصلا بحقوقه وقوانين البلد التي يذهب إليها وخصوصا ما يتعلق بالممنوعات والقيود والضرائب والمجوهرات ، وعدم التسجيل في السفارات السعودية في الخارج فور الوصول والرجوع لها في مشاكله ، وعدم الحرص على إيصالات تحويل العملة ، وضعف الخلفية القانونية .
ومن ضمن الأمور المهمة التي تم التأكيد على أهميته أن يدرك المسافر أن من حقه عدم السماح لأجهزة الأمن بتفتيش المسكن الذي يقيم فيه ، دون وجود إذن بالتفتيش من السلطة المختصة ، والتزام الصمت عند التحقيق أو الاستجواب بشأن أي قضية ، أو اتهام إذا لم يكن حاضراً معه محام وفي تلك الحالة الإصرار على وجود محام يحضر التحقيق ، أو الاستجواب ، وفي بعض الأنظمة والقوانين يحق لك عدم الإدلاء بأي معلومات ، وفي حالة وجود طلب استدعاء من المحكمة شددت الوزارة على ضرورة التزام المسافر بالحضور أمام المحكمة مع المحامي في الموعد المحدد تجنباً لصدور حكم غيابي . هذا في الوقت الذي يفترض فيه بالمسافر اعتبار سفارات المملكة العربية السعودية في الخارج هي بيوت لجميع المواطنين، ومن واجبـــــها مساعدتهم وخدمتهم في كل الأوقات .
الشواهد كثيرة .. والتساهل مستمر :
السعوديون في الخارج ، وبالنظر للحوادث التي يتعرضون تباعا وتكرارا يؤكدون على جهلهم بالأنظمة وضعف خلفياتهم القانونية . والمتابعون يرون أيضا أن الحدة في التعامل مع السعوديين وبالذات في أميركا وبعض بلدان أوربا قد وضعت في الواجهة الإعلامية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بهدف تشويه صورة المجتمع السعودي وبهدف الضغط السياسي على المملكة، تتحول هذه القضايا اليومية إلى قضايا رأي عام تتدخل فيها هيئات ، ومنظمات دولية حقوقية ، تراقب بحذر ما يجري من تعديات على حقوق الإنسان ، وانتهاكات لمواثيق حقوق الإنسان الدولية.
ولعل من أبرز قضايا وتهم التحرش والتي تم تناولها في الكثير من وسائل الإعلام المختلفة بالإضافة لقضية "التركي" : موافقة محكمة أميركية على كفالة قدرها 750 ألف دولار في قضية طالب سعودي يدرس بجامعة فيرلي ديكنسون بولاية نيوجيرسي ، كان قد اتهم بمحاولة التحرش جنسيا بامرأة و سرقة سيارة ، قبل أن يعتدي على ضابط شرطة حاول اعتقاله، بالإضافة إلى حيازة المخدرات.
وليس آخرها إطلاق سراح مبتعث آخر متهم بالتحرش بقاصر في المرحلة المتوسطة بعد أن تعرف عليها عن طريق الشات ، بالإضافة لما تم تداوله ولو على نطاق ضيق عن إعادة أكثر من 400 شاب مبتعث إلى السلطات السعودية قبل ثلاثة أعوام لتنفيذ ما صدر بحقهم من القضاء الأميركي داخل السجون السعودية وجميعهم من المبتعثين للدراسة تتنوع جرائمهم مابين التحرش ومخالفة قواعد المرور وغيرها ، حيث تم بعدها التشدد في منح التأشيرات . فيما تم ضبط الكثير منهم تحت تأثير المسكرات والمخدرات . هذا فيما يخص المبتعثين وإلا فالحالات المشابهة التي يقوم بها البعض من المسافرين والسياح هي أكثر من ذلك بكثير، ولم تعد غريبة فتناولها في وقتها لم يثر حتى التعليقات لتكرارها .