بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال
ما معنى كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به؟.
الاجابه
فمعنى الحديث وضحه الإمام ابن رجب في كتابه جامع العلوم والحكم قائلا:
المراد بهذا الكلام أنَّ منِ اجتهدَ بالتقرُّب إلى الله بالفرائضِ، ثمَّ بالنوافل، قَرَّبه
إليه، ورقَّاه من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان، فيصيرُ يَعبُدُ الله على
الحضورِ والمراقبة كأنه يراه، فيمتلئُ قلبُه بمعرفة الله تعالى، ومحبَّته، وعظمته،
وخوفه، ومهابته، وإجلاله، والأُنس به والشَّوقِ إليه، حتّى يصيرَ هذا الذي في
قلبه من المعرفة مشاهداً له بعين البصيرة... إلى أن قال: فمتى امتلأ القلبُ
بعظمةِ الله تعالى محا ذلك مِنَ القلب كلَّ ما سواه، ولم يبقَ للعبد شيءٌ من نفسه
وهواه، ولا إرادة إلاَّ لما يريدهُ منه مولاه، فحينئذٍ لا ينطِقُ العبدُ إلاّ بذكره،
ولا يتحرَّك إلا بأمره، فإنْ نطقَ، نطق بالله، وإنْ سمِعَ، سمع به، وإنْ نظرَ،
نظر به، وإنْ بطشَ بطش به، فهذا هو المرادُ بقوله: كنت سمعه الذي يسمعُ به،
وبصره الذي يُبصرُ به، ويده التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها ـ ومن
أشار إلى غير هذا، فإنَّما يُشير إلى الإلحاد مِنَ الحلول، أو الاتِّحاد، والله
ورسولُه بريئان منه.