الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالعبد يؤخذ بما يتكلم به "مَا يَلفِظُ مِن قَولٍ, إِلَّا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"ق: 18 "وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، ومن هنا كان لا بد من مراجعة للكلمات التي يرددها الناس، وتجري على ألسنتهم، ومن جملة ذلك قول الناس للمقصرين والمذنبين -في نظرهم- أشرف لك أن تنتحر أو لو كان عند فلان كرامة لانتحر" فأعتبر هؤلاء إن الانتحار من صور الكرامة والموت [ ] بشرف، وكنت قد قرأت مقالة لأحد الكتاب يفرق فيها بين صاحب المشروع وغيره فقال: صاحب المشروع كهتلر إذا فشل مشروعه فإنه ينتحر أما العابث فلا لأنه يتمسك بالحياة حتى آخر نفس - يقصد بذلك صدام حسين أو غيره ـ!!. وهذا وغيره بل الحياة بأسرها لابد من ضبطها بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيماً)(النساء: 65).
وإليك بيان خطأ وتهافت هذه الكلمات.
أولا: حكم الانتحار والدعوة [ ] إليه: وردت النصوص الشرعية بالنهي عن قتل النفس [ ] قال -تعالى- (وَلا تَقتُلُوا أَنفُسَكُم إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُم رَحِيماً)(النساء: من الآية29). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: شهدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيبر فقال لرجل ممن يدَّعي الإسلام: "هذا من أهل النار" فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً فأصابته جراحة فقيل: يا رسول الله الذي قلت: انه من أهل النار [ ] فإنه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً، وقد مات، فقال النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم- "إلى النار" فكاد بعض الناس أن يرتاب فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت ولكن به جراحاً شديدة، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه فأخبر النبي [ ] -صلى الله عليه وسلم- بذلك...." الحديث رواه مسلم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ (يطعن) بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً فيها أبداً" رواه البخاري [ ] ومسلم