السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصائد مضى عليها زمن .. ولكن تبقى في الذاكرة
لجمالها .. وبلاغة كلماتها .. وروعة معانيها
قصيدة الشاعر / جرير
من شعراء العصر الأموي
من الشعراء الذين تركوا لهم بصمة لن تنسى
هو شاعر نحر الشعر نحرا .. فلم يترك غرض من أغراضه
إلا وأبدع فيه .. وتغلب على جميع شعراء عصرة
ومن وجهة نظري الشخصية ، تغلب على جميع الشعراء
بعصره وقبل عصره وبعد عصره ..
اتترككم مع القصيدة ..
[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بَانَ الخَلِيطُ ولو طُوِّعْتُ ما بَانَا =وقَطَّعُوا مِنْ حِبَالِ الوَصْلِ أقْرَانَا
حَيِّ المَنَازِلَ إذ لا نَبْتَغِي بَدَلاً =بالدارِ داراً، ولا الجِيرانِ جِيرانا
قد كنتُ في أَثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ =مُرَوَّعاً مِنْ حِذارِ البَيْنِ مِحْزانا
يا رُبَّ مُكْتَئِبٍ، لو قد نُعِيتُ لهُ =باكٍ، وآخَرَ مَسْرورٍ بِمَنْعَانا
لو تَعْلَمينَ الذي نَلْقَى أَوَيْتِ لنا =أو تَسْمَعِينَ إلى ذي العرشِ شَكْوَانا
كَصَاحِبِ المَوْجِ إذ مَالَتْ سَفِينَتُهُ =يَدْعُو إلى اللهِ إسْرَاراً وإعْلانا
يا أيُّها الرَّاكِبُ المُزْجي مَطِيَّتُهُ =بَلِّغْ تَحِيَّتَنا، لُقِّيتَ حُمْلانا
بَلِّغْ رَسَائِلَ عَنَّا خَفَّ مَحْمَلُهَا =على قَلائِصَ لَمْ يَحْمِلْنَ حِيْرانا
كَيْمَا نَقُولَ -إذا بَلَّغْتَ حَاجَتَنا-: =أنتَ الأمِينُ، إذا مُسْتَأمَنٌ خَانَا
نُهْدِي السَّلامَ لأهْلِ الغَوْرِ من مَلَحٍ =هَيْهاتَ مِنْ مَلَحٍ بالغَوْرِ مُهْدَانا
أَحْبِبْ إليَّ بذاكَ الجِزْعِ مَنْزِلَةً =بالطَّلْحِ طَلْحاً وبالأعطانِ أعْطَانا
يا ليتَ ذا القلبَ لاقَى مَنْ يُعَلِّلَهُ =أو ساقِياً فَسَقَاهُ اليومَ سُلْوَانا
أو لَيْتَها لَمْ تُعَلِّقْنَا عَلاقَتَها =ولَمْ يَكُنْ دَاخَلَ الحُبَّ الذي كانا
هَلاَّ تَحَرَّجْتِ مِمَّا تَفْعَلِينَ بِنَا =يَا أَطْيَبَ النَّاسِ يَوْمَ الدَّجْنِ أَرْدَانَا
قالت: أَلِمَّ بنا إنْ كُنْتَ مُنْطَلِقاً =ولا إخَالُكَ بَعْدَ اليومِ تَلْقَانَا
يَا طَيْبَ! هَلْ مِنْ مَتَاعٍ تُمْتِعينَ بِهِ =ضَيْفاً لكمْ بَاكِراً، يَا طَيْبَ، عَجْلانا
ما كُنْتُ أوَّلَ مُشتاقٍ أَخَا طَرَبٍ =هَاجَتْ لهُ غَدَوَاتُ البَيْنِ أَحْزَانا
يا أُمَّ عَمْرٍو! جَزَاكِ اللهُ مَغْفِرَةً =رُدِّي عَلَيَّ فُؤَادِي مِثْلَمَا كانا
ألَسْتِ أحْسَنَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ ! =يا أمْلَحَ الناسِ كُلَّ الناسِ إِنْسَانا
يَلْقَى غَرِيمُكُمُ مِنْ غَيْرِ عُسْرَتِكُمْ =بالبَذْلِ بُخْلاً وبالإحْسَانِ حِرْمَانا
لا تَأْمَنَنَّ، فإني غَيْرُ آمِنِهِ =غَدْرَ الخَلِيلِ، إذا ما كانَ أَلْوَانا
قد خُنْتِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَخْشَى خِيَانَتَكُمْ =ما كُنْتِ أَوَّلَ مَوْثُوقٍ بهِ خَانَا
لقد كَتَمْتُ الهَوَى حَتَّى تَهَيَّمَنِي =لا أستطيعُ لهذا الحُبِّ كِتْمَانا
كادَ الهَوَى يَوْمَ "سَلْمَانَيْنَ" يَقْتُلُنِي =وكادَ يَقْتُلُنِي يوماً بِبَيْدَانا
وكادَ يومَ "لِوَى حَوَّاءَ" يَقْتُلُنِي =لو كُنْتُ مِنْ زَفَرَاتِ البَيْنِ قُرْحَانَا
لا بَارَكَ اللهُ فِيمَنْ كانَ يَحْسِبُكُمْ =إلاَّ على العهدِ حتى كانَ ما كانا
مِنْ حُبِّكُمْ؛ فاعْلَمِي للحُبِّ مَنْزِلَةً، =نَهْوَى أمِيْرَكُمُ، لو كانَ يَهْوَانا
لا بارَكَ اللهُ في الدُّنيا إذا انْقَطَعَتْ =أَسْبَابُ دُنْيَاكِ مِنْ أَسْبَابِ دُنْيَانا
يا أُمَّ عَمْرٍو إنَّ الحُبَّ عَنْ عَرَضٍ =يُصْبِي الحَلِيمَ ويُبْكِي العَيْنَ أحيانا
ضَنَّتْ بِمَوْرِدَةٍ كانت لنا شَرَعاً =تَشْفِي صَدَى مُسْتَهَامِ القَلْبِ صَدْيَانا
كيفَ التَّلاقِي ولا بالقَيظِ مَحْضَرُكُمْ =مِنَّا قَرِيبٌ، ولا مَبْداكِ مَبْدَانا؟
نَهْوَى ثَرَى العِرْقِ إذ لمْ نَلْقَ بَعْدَكُمُ =كالعِرْقِ عِرْقاً ولا السُّلاَّنِ سُلاَّنا
ما أَحْدَثَ الدَّهْرُ مِمَّا تَعْلَمِينَ لَكُمْ =للحَبْلِ صُرْماً ولا للعَهْدِ نِسْيَانا
أُبَدِّلَ الليلَ لا تَسْرِي كَوَاكِبُهُ =أمْ طالَ حتى حَسِبْتُ النَّجْمَ حَيْرَانا
يا رُبَّ عَائِذَةٍ بالغَوْرِ لو شَهِدَتْ =عَزَّتْ عليها بِدَيْرِ اللُّجِّ شَكْوَانا
إنَّ العُيُونَ التي في طَرْفِهَا حَوَرٌ =قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلانا
يَصْرَعْنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حَرَاكَ بِهِ =وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللهِ أَرْكَانا
يا رُبَّ غَابِطِنَا لو كانَ يَطْلُبُكُمْ =لاقى مُبَاعَدَةً مِنْكُمْ وحِرْمَانا
أَرَيْنَهُ المَوْتَ حتى لا حَيَاةَ بِهِ =قد كان دِنَّكَ قَبْلَ اليومِ أَدْيَانا
طارَ الفُؤَادُ مَعَ الخَوْدِ التي طَرَقَتْ =في النَّوْمِ طَيِّبَةَ الأَعْطَافِ مِبْدَانا
مَثْلُوجَةَ الرِّيقِ بَعْدَ النَّومِ وَاضِعَةً =هَمَّ الضَّجِيعِ فلا دُنيا كَدُنْيَانا
تَسْتَافُ بالعَنْبَرِ الهِنْدِيِّ قَاطِعَةً =عَنْ ذِي مَثَانٍ تَمُجُّ المِسْكَ والبَانَا
ظَنِّي بكم حَسَنٌ من خِبْرَةٍ بِكُمُ =فلا تكونوا كَمَنْ قد كانَ أَلْوَانا
بِتْنَا تَرَانَا كَأَنَّا مَالِكُونَ لها =يا ليتَهَا صَدَّقَتْ بالحَقِّ رُؤْيَانا
قالت: تَعَزَّ، فإنَّ القومَ قد جَعَلُوا =دُونَ الزِّيَارَةِ أَبْوَاباً وخُزَّانا
لمَّا تَبَيَّنْتُ أَنْ قد حِيْلَ دُوْنَهُمُ =ظَلَّتْ عَسَاكِرُ مِثْلُ المَوْتِ تَغْشَانا
ماذا لَقِيْتُ مِنَ الأَظْعَانِ يَوْمَ قَنًى =يَتْبَعْنَ مُغْتَرِباً بالبَيْنِ ظَعَّانا
أَتْبَعْتُهُمْ مُقْلَةً إنسانُها غَرِقٌ =هَلْ يا تُرَى تَارِكٌ للعَيْنِ إنْسَانا؟
كَأَنَّ أَحْدَاجَهُمْ تُحْدَى مُقَفِّيَةً =نَخْلٌ بِمَلْهَمَ، أو نَخْلٌ بِقُرَّانا
يا أُمَّ عَمْرٍو! ما تَلْقَى رَوَاحِلُنا =لو قِسْتِ مُصْبَحَنا مِنْ حَيْثُ مُمْسَانا
يا حَبَّذا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ جَبَلٍ! =وَحَبَّذا سَاكِنُ الرَّيَّانِ مَنْ كَانا
وحَبَّذا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِيَةٍ =تَأْتِيكَ مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ أَحْيَانا
هَبَّتْ شَمَالاً فَذِكْرَى ما ذَكَرْتُكُمُ =عِنْدَ الصَّفَاةِ التي شَرْقِيَّ حَوْرَانا
هَلْ يَرْجِعَنَّ، وَلَيْسَ الدَّهْرُ مُرْتَجِعاً =عَيْشٌ بها طَالَمَا احْلَوْلَى ومَا لانا
أَزْمَانَ يَدْعُونَنِي الشَّيْطَانَ مِنْ غَزَلِي =وَكُنَّ يَهْوَيْنَنِي إذ كُنْتُ شَيْطَانا
مَنْ ذا الذي ظَلَّ يَغْلِي أَنْ أَزُورَكُمُ =أَمْسَى عَلَيْهِ مَلِيكُ الناسِ غَضْبَانا[/poem]