الحمد لله العلي الكبير، الحكم العدل اللطيف الخبير،... وبعد، أيها الناس، إلى كم يسمع البعض المواعظ وقلوبهم قاسية...
وبعد، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتبِعُوني يُحْبِبْكُمُ الله}. الله تبارك وتعالى جعل علامة محبته اتباع رسوله محمد . ومن جملة اتباع النبي تصديقه في ما أخبر به عما يحصل في المستقبل من الأمور الغيبية.
ومما أخبرنا به رسول الله علامات الساعة الكبرى، وقد ذكر لنا رسول الله علاماتها فقال:
"لا تَقُومُ الساعةُ حتى تَروا عَشْرَ ءايات" ثم ذكرها رسول الله . فمنها خروج الدجال ونزول المسيح وخروج يأجوج ومأجوج، فهؤلاء أول أشراط الساعة الكبرى.
أما خروج الدجال فقد قال رسول الله فيه حديثًا: "ما من نبي إلا وقد حذر أمته مِنَ الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر". يعيش الدجال أربعين يومًا، مقدار أول يوم كسنة، ثم اليوم الثاني كشهر، واليوم الثالث كأسبوع ثم بقية الأيام كأيامنا هذه، يجوب في الأرض لا يترك بقعة، إلا ويدخلها إلا مكة والمدينة لمّا يقترب منها يحصل في المدينة ثلاث هزات فيخرج المنافقون الذين فيها، فلا يستطيع دخولها إكرامًا لرسول الله . يفتتن به بعض الناس مما يرون منه، يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، رجل من المؤمنين يقول: يا أيها الناس، إن هذا الدجال الذي حذرنا منه رسول الله . فيضربه الدجال بالمنشار حتى يجعله نصفين ثم يقول له: قُمْ، فيستوي قائمًا ثم يقول له: أتؤمن بي، فيقول له: ما ازددت بك إلا بصيرة"، فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل الله على رقبته نحاسًا، فلا يستطيع ذبحه، ثم يحمله الدجال ويقذفه، فيظن الناس إنما قذفه في النار وإنما ألقي في الجنة. قال رسول الله في هذا الرجل: "هذا أعظم شهادة عند رب العالمين".
ثم ينزل سيدنا عيسى من السماء فيقتله ويعيش أربعين سنة بعد نزوله، ثم يموت ويدفن في حجرة النبي.
قال رسول الله ًلى الله عليه وسلم: "ليوشكن أن ينزل فيكم عيسى بن مريم حكمًا مقسطًا وليسلكن فجًا حاجًا أو معتمرًا وليأتين قبري حتى يسلم علي ولأردن عليه".
أما يأجوج ومأجوج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج منفذ هكذا"، وحلق بأصابعه. قالت زينب: أنهلك وفينا الصالحون، قال: "نعم إذا كثر الخبث". يسلّط الله عليهم دودًا فتأتي رقبة كل واحد منهم، فَيَمُوْتُوْنَ كلهم بإذن الله تعالى.
فهؤلاء الأشراط الثلاثة أول أشراط الساعة الكبرى، ثم بعدها طلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض وهي دابة يخلقها الله تعالى فتضع علامة على وجه الكافر فيعرف الكافر بهذه العلامة.
ثم بعد ذلك لا يقبل الله توبة من أحد، فمن أسلم بعد ذلك، لا يقبل الله إسلامه أما قبل ذلك فتقبل توبته إلا من وَصَلَ
إلى حد اليأس كأن رأى سيدنا عزرائيل يبشره بالنار فلا تقبل منه التوبة بعد هذا.
ومن أشراط الساعة الكبرى الدخان، ينزل دخان وينتشر في الأرض، فيكاد الكافرون يموتون من شدة هذا الدخان، أما المؤمن فيكون أثر هذا الدخان عليه كالرشح.
ومن الأشراط الكبرى ثلاثة خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب. قال العلماء: الخسوف هو انشقاق الأرض وبلع من عليها. ثم نار تخرج من قعر عدن باليمن فتسوق الناس إلى المغرب تمشي بطيئة لا تهب هبوب الريح فيهرب الناس من مواطنهم إلى بلاد المغرب إلى أوروبا وغيرها.
ثم في الوقت الذي شاء الله أن يفنى البشر كلهم فيه ولا يبقى أحد على الأرض، يأمر الله إسرافيل أن ينفخ في الصور أي البوق فيفنى من كان في ذلك الوقت حيًا على وجه الأرض لم يمت مِنَ البشر والشياطين الكفَّار، أما المسلمون فقبل ذلك بمائة عام يموتون، يرسل الله ريحًا طيّبة تدخل تحت إبط كلّ مؤمن فيموت.