الحياة سلسلة من التجارب التي يعيشها الإنسان بحلوها ومرها، وهي مشوار طويل، سعى كل فرد فيه، لتحقيق أحلامه. وطموحاته بشتى الطرق. وتمر الأيام وتمضي السنين، ويصاب العديد من الرجال والنساء بالذعر نتيجة تقدمهم في العمر. فالسيدات غالبا ما يملن للاعتقاد بأنهن ودعن عمر الشباب، إن بلغن الثلاثين أو الأربعين عاما، بينما يظن الرجال أنهم فقدوا فرصتهم في الحياة بعد بلوغ الأربعين أو الخمسين سنة.
وهذه النظرية ربما تساندها الكثير من المعتقدات السائدة في المجتمع، حول الهيكل العمري للإنسان والاختلافات البيولوجية التي لاحق الإنسان في الثلاثين وما فوق. لكن الحقيقة تقول عكس ما هو سائد من المعتقدات، فالنساء يبدأن بالحياة كما يجب في الثلاثين، وقمة لنضج والأنوثة والتألق في الأربعين.
أما الرجال فيشعرون بالسعادة الحقيقية في الثلاثين والأربعين، وفي الستين نجد أنهم يتمتعون بخصوصية معينة تميزهم. الدكتور فؤاد عبد اللطيف (زميل كلية الأطباء النفسية الملكية في لندن واستشاري الطب النفسي) يقول: دلالات تقدم العمر عند الرجل، تختلف إلى حد ما عن المرأة، وخصوصا فيما يتعلق بالقدرة على الإنجاب.
ويعود ذلك إلى العديد من التغيرات الفيزيولوجية، المرافقة لتقدم السن. ولا توجد هنا سن معينة، يطلق عليها اسم "سن اليأس" بالنسبة للرجل، فربط تقدم العمر بعامل الخصوبة، يعتمد إلى حد ما، على الكثير من العوامل والعناصر العضوية والنفسية المصاحبة لكبر السن، وهناك بعض الآراء التي تتفق على أن سن الخمسينيات بالنسبة للرجل، تعتبر بداية مراهقة جديدة، لأنه يكون في قمة نجاحاته، من حيث الاستقرار النفسي والوضع الاجتماعي والقدرة المادية.
وهي كذلك فترة تحول لأحساسه بتقدم العمر، ومسار الرجل في هذه المرحلة، يعتمد على العديد من العوامل النفسية والعضوية. فنجد أن البعض يستمر في التألق، من حيث الاهتمام بصحته، وممارسة للرياضة، والبعد عن مسببات القلق النفسي. ومع وجود شخصية متوازنة، يكون التأقلم، هو الوضع الطبيعي، مع تقدم العمر. ويمكن للرجل استثمار هذا المسار، مع توظيفه تجاه شريكة حياته. أما الدكتور حسن إسماعيل عبيد (أستاذ علم الاجتماع والمستشار في منظمة الأسرة العربية) فيقول حول ثقافة المجتمع بالنسبة لهذا الموضوع
هذا الموضوع شغل المجتمعات الإنسانية منذ الأزل، وما انفك الإنسان يعيش في صراع مع الزمن. واستطاع أن يقهر الكثير من العوامل التي تهدد حياته ومستقبله، إلا أن الأمر الوحيد الذي لم يستطع قهره هو الزمن. والكثير من الثقافات القديمة، كانت تعبر عن خوف الإنسان من الموت والزمن، بمعنى الحرص على إطالة العمر.
إن موضوع السن هذا، حقيقة، ينسجم مع طبيعة ثقافة المجتمعات المتنوعة، للزمن وإحساس الناس بالحياة، لأن المجتمع هو الذي يحدد أدوار الأفراد فيه. لذلك نجد في المجتمعات الأوروبية، أن الرجال والنساء، يظلون يعملون لفترات طويلة من العمر، وبشكل فعال وحيوي، ويحافظون على تألقهم شبابهم، لما بعد سن الثلاثين والستين.
أما في المجتمعات العربية، فهذه النظرة مختلفة تماما. فالمجتمع يحدد سن الزواج، بحيث تتزوج المرأة في سن معينة، إذا تجاوزتها تعتبر عانسا، رغم أنها تكون في الأساس، في سن العطاء المتميز فكريا وبدنيا وعلميا وثقافيا