(1)
هنالك كلمات معينة - هي ومشتقاتها - وبكافة معانيها ، تعقدني ولا أحبها .. منها : الخطوط .
طبعاً لا أقصد ( الخطوط السعودية ) فأنا - ولله الحمد - أعاني من فوبيا الطيران ، ولا يعنيني سوء أو جودة خدماتها ... يعني أنا الوحيد في العالم الذي يستطيع أن يقول - صادقاً - أنه لم يسبق للخطوط السعودية أن قامت بإلغاء حجزي دون وجه حق !
(2)
وبالتأكيد لا أقصد ( خط السكة الحديد ) فأنا في حياتي لم اشاهد القطار سوى في الأفلام .. والقطار الوحيد الذي كان هنالك أمل أن أراه في منطقتنا ( لف فجأة ) واتجه صوب القصيم !
(3)
وفي طفولتي كرهت ( خط الاستواء ) و ( خط الرقعة ) و ( خط النسخ ) ..
وأكثر ملاحظة كان يكتبها لي أساتذتي هي ( حسّن خطك ) !
وإلى هذا اليوم خطي هو أحد أسوأ الخطوط في العالم .. والحمد لله أن النقطة لم تمل إلى اليسار
وتقفز من ( الخط ) إلى ( الحظ ) .
(4)
عندما كبرت قليلاً عرفت أن المجتمع السعودي ينقسم إلى فئتين كبيرتين :
( خط 110 ) و ( خط 220 ) .
عدادات كهرب .. مو مجتمع !
(5)
في مراهقتي كرهت طريق ( خط الشمال ) الدولي .. فكم التهم من الأقارب والأصدقاء في حوادث مرورية قاتلة . حتى هذا اليوم لا يمكنك المرور بهذا الخط من حفر الباطن إلى رفحاء دون المرور بعشرين تحويلة بشعة !
(6)
وعندما بدأت بالكتابة في الصحف صار يُقال لي : هذا الموضوع ( خط أحمر ) ..
ومن يومها ، صارت إحدى هواياتي المفضلة : تجاوز هذا الخط !
(7)
بإمكاني أن اغفر لكل ( الخطوط ) التي مرّت عليّ في حياتي .
بإمكاني أن أتصالح مع بعض ( الخطوط ) .
بإمكاني أن أعالج من فوبيا الطيران .. وأحجز .. ويُلغى حجزي مثل بقية خلق الله !
ولكــن ، الخط الوحيد الذي لا أستطيع أن أفهمه ، أو أغفر له ، أو أتصالح معه هو ( خط الفقر ) !
بلد فيها كل هذه الثروة ، وخيرها وصل مشارق الأرض ومغاربها ، وترليونير واحد فيها يستطيع وحده أن يقضي على البطالة وأزمة السكن والفقر وخطه اللعين !
بلد ، وحسب آخر تقرير اقتصادي ، تبلغ فيه ثروة المليارديرية أكثر من ( 851 ) مليار ، وزكاتها - فقط - تتجاوز ( 21 ) مليارا !! .. 21 مليارا .. 21 الف مليون .. ! هذه - وحدها - بإمكانها نسف ( خط الفقر ) وإلغاؤه من الخارطة .
(8)
كل الخطوط تهون يا بلادي .. إلا أن أشاهد ( خط الفقر ) يمشي بجانب(خط التابلاين ) !