فقيل يا رسول الله ما
نقصان عقلها؟ قال: أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل ؟ قيل يا رسول الله ما نقصان
دينها ؟ قال : أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟!))
فقد بين ـ عليه الصلاة والسلام ـ
أن نقصان عقلها من جهةضعف حفظها وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى . وذلك
لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى أو قد تزيد في الشهادة ، وأما نقصان دينها فلأ نها
في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة ، فهذا من نقصان
الدين . ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله ـعز
وجل ـ هو الذي شرعه ـ سبحانه وتعالى ـ رفقاً بها وتيسيراً عليها لأنهاإذا صامت مع
وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك . فمن رحمة الله أن شرع لها تركالصيام ثم تقضيه،
وأما الصلاة ، فلأنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة . فمن رحمة الله ـ عز وعلا
ـ أن شرع لها ترك الصلاة ، وهكذا في النفاس ثم شرع لها ألا تقضي الصلاة ، لأن في
القضاء مشقة كبيرة ، لأن الصلاةتتكرر في اليوم والليلة خمس مرات . والحيض قد
تكثر أيامه . تبلغ سبعة أيامأو ثمانية أيام ، وأكثر النفاس قد يبلغ أربعين يوماً . فكان من
رحمة الله عليها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداءً وقضاءً ، ولا يلزم من هذا أن
يكون نقص عقلها في كل شيء ونقص دينها في كل شيء ، وإنما بين الرسول صلى
الله عليه وسلم أن نقصان عقلها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم فيحال
الحيض والنفاس . ولا يلزم من هذا أن تكون أيضاً دون الرجال في كل شيء ،وأن
الرجل أفضل منها في كل شيء ، نعم جنس الرجال أفضل من جنسافي
الجملة ، لأسبابكثيرة كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : {الرجال قوامون على
بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}
لكن قد تفوقه
فيبعض الأحيان في أشياء كثيرة، فكم من امرأة فاقت كثيراً من الرجال في عقلها
ودينها وضبطها. وقد تكثر منها الأعمال الصالحات فتربو على كثير من الرجال في عملها
الصالح وفي تقواها لله ـ عز وجل ـ وفي منزلتها في الآخرة ، وقدتكون لها عناية في
بعض الأمور ، فتضبط ضبطاً كثيراً أكثر من ضبط بعض الرجال في كثير من المسائل
التي تعنى بها وتجتهد في حفظها وضبطها ، فتكون مرجعاًفي التاريخ الإسلامي وفي
أمور كثيرة ، وهذا وأضح لمن تأمل أحوال
]]في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
وبعد ذلك، وبهذا يعلم أن هذا النقص لا يمنع من الاعتماد عليها فيالرواية ، وهكذا في
الشهادة إذا انجبرت بامرأة أخرى، ولا يمنع أيضاً تقواهالله وكونها من خيرة إماء الله ،
إذا استقامت في دينها ، فلا ينبغي للمؤمنأن يرميها بالنقص في كل شيء ، وضعف
الدين في كل شيء ، وإنما هو ضعف خاص فيدينها ، وضعف في عقلها فيما يتعلق
بضبط الشهادة ونحو ذلك . فينبغي إنصافهاوحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم
على خير المحامل وأحسنه .
والله تعالى أعلم .,,,