إن الشعار الذي نادى به المحتجون في البداية هو ( الله ... سوريا ... حرية ... و بس )
و هذا الشعار الذي خرج بعفوية نتيجة ظلم و إهانة من قبل أزلام النظام حلت بهؤلاء و نتيجة عنجهية و كبرياء في التعامل مع مطالبهم المحقة يخفي وراءه معاني كبيرة و يلخص ببضع كلمات ما يعانيه المواطن السوري و طريق الخلاص من هذه المعاناة
فلفظ الجلالة الله يدل على الإيمان بالله العادل المطلق الذي سينصف المظلومين و يقتص من الظالمين في الآخرة و ربما في الدنيا قبل الآخرة
لأن من يؤمن بالله حقا و صدقا يكون منصفا و لا يظلم و يعطي كل ذي حق حقه و إذا وقع منه الظلم نتيجة غفلة يتراجع فورا و يعتذر فكما يقال ( من يخاف الله لا تخاف منه )
فطريقة تعامل أزلام النظام السوري مع مطالب المحتجين المحقة حيث تعامل معهم بالرصاص الحي ومنع إسعاف الجرحى و قتل من يسعف الجرحى و أجهز على بعض الجرحى و منع عنهم الماء و الكهرباء و الاتصالات و الحاجات الضرورية يدل على ضعف الوازع الديني لدى هؤلاء لدرجة كبيرة و يدل على عنجهية و كبرياء يتمتع به هؤلاء لدرجة لا يرون أحدا غيرهم و يرون أن كل من يقول لا للظلم و الاستبداد و مصادرة الحريات و يرى غير ما يرونه لا يستحق الحياة و تهمته جاهزة منذ خمسين سنة فهو عميل و مندس و سلفي و متآمر
و إضعاف الوازع الديني و الاخلاقي لدى الشعب السوري بشكل خاص و بالاخص لدى قوى الامن و عناصر الجيش و الشعوب العربية بشكل عام هدف اساسي لهذا النظام و يتم بمنهجية و خطط مدروسة عن طريق مناهجه الدراسية و اعلامه و مسلسلاته و عن طريق اساليب الوصول للمناصب القيادية في الدولة و المجتمع
و لفظة سوريا تدل على وطنية المحتجين و ان مطالبهم عامة و ليست شخصية ضيقة و تدل على ان هؤلاء الشباب يعرفون مسبقا بان هذا النظام سوف يتهمهم و يشكك في وطنيتهم فارادوا ان يقطعوا عليه الطريق و لكنهم فشلوا لأن هذا النظام لديه فائض من الاحكام الجاهزة منذ اكثر من خمسين و يريد ان يسوقها و لكنه نسي او غرر به هؤلاء الذين ما زالوا يصدقونه فلم ينتبه الى ان هذه الاحكام و التهم و الشعارات انتهت صلاحيتها و لم تعد تصلح لهذا العصر عصر الانفتاح و مجتمع القرية الواحدة
و لفظة حرية التي هي ثمرة العبودية الخالصة لله تعالى فالمؤمن الصادق الذائق هو انسان حر من الطراز الاول
و هي هدف الفاتحين و المجاهدين من الرعيل الاول فكانوا لا يجبرون احد على الدخول في الاسلام و لكنهم يفتحوا باب الحرية و يخلصوا الشعوب من الطواغيت المتسلطين على رقاب الشعوب و المستعبدين لهم فلا ترى تلك الشعوب المقهورة الا ما يرى هؤلاء الطغاة
فالحرية هي افضل ظرف لعبادة اللهعلى اكمل وجه بعيدا عن تأليه المخلوقات
و هي الظرف المناسب لأختيار الشعب الدستورالذي يجب ان يحتكم اليه
و هي الظرف المناسب لعيش المواطن بكرامة
و هي التربةالخصبة لعملية البناء و التنمية و الابداع و النهوض و التقدم
والمعيار و المؤشر الحقيقي على الحرية و الكرامة هي الاجهزة الامنية فاذا كانتالاجهزة الامنية فاسدة و متسلطة على رقاب الشعب و تتحكم بجميع مفاصل الدولة فهذادليل على فساد كل شئ في تلك الدولة و دليل على القمع و التسلط و التخلف و انتهاكحقوق الانسان و النيل من كرامته و حريته
و اي عملية اصلاح يجب ان تبدا من اصلاح تلكالاجهزة الامنية و سوى ذلك يعتبر ذر الرماد في العيون و ضياع للوقت
و على ما اعلم لم يبقى في العالم نظام مخابراتي تسلطي قمعي مثل النظامالسوري
فعندما استلم هذا النظام الحكم في سوريا اوائل الستينات كانت سوريامتقدمة حضاريا على دول الخليج اكثر من خمسين سنة نتيجة ظروف معينة
و اليوم اصبحت دول الخليج متقدمة حضاريا على سوريا اكثر من خمسين سنةبسبب هذا النظام المغلق القمعي الثوري العلماني
و الغريب في الامر ان هذا النظام يرفع شعار الحرية التي يطالب بها المحتجين و يقمع المطالبين بها بقسوة مفرطة
و لذلك اذا اردت ان تفهم حقيقة هؤلاء فعليك الالمام بعكوس مفردات اللغة العربية حتى تعكس ما يقوله هذا النظام و اعوانه فتلك هي الحقيقة فمثلا كلمة صفة مندسين التي يطلقها النظام السوري على المحتجين معناها ان هؤلاء المحتجون و طنييون و اصحاب شهامة و رجولة و ضمير حي