إلى كل أخت فاتها قطار الزواج .. ( هوني عليك ) .
كتبته الداعية الفاضلة / د . رقية المحارب
التاريخ: 01/03/2003
الموضوع: مجلة الأسرة
أم الكرام " كريمة المروزية " امرأة غرقت بطلب العلم
والأخلاق العالية ، كنت أقرا اسمها مرتبطا بصحيح البخاري
" نسخة كريمة " حيث ينقل منها أحيانا ابن حجر ـ رحمه
الله تعالى ـ كنت لا أتصور أن تكون كريمة هذه أمرأة !
حتى شاء الله أن أبحث عنها في نسخ البخاري وتراجم رواتها
فوافيت في ترجمتها ما أعجبني .
جاورت أم الكرام " كريمة بنت احمد المرزوية " المسجد
الحرام ، ورحلت في طلب العلم مع والدها ، وعاشت تحفظ
ويروي وتعلم ، وتتلمذ على يدها كبر الفقهاء في عصرها ،
وصفت بأنها كانت محدثة فاضلة ذات فهم ونباهة ، بل إليها
انتهى علو الإسناد لصحيح البخاري ، ولم تفرط في منهجها ،
لذا لم تقبل أن ينتسب إليها الخطيب في روايته للصحيح دون
أن يقابل معها نسختها نسخته ، وذلك بأن تقرا عليه ، ثم
يقرأ عليها ، وهي في خدرها من وراء حجاب ، ولك أن تتصوري
الجهد الذي بذلته في سماعها للخطيب فقد قرأ عليها في
خمسة أيام !
هل تعجبيبن من أمرها ؟! كيف استطاعت أن توف هذا الوقت
للعلم ؟.. ينتهي عجبك ربما حين تعلمين انها عاشت مئة سنة
وماتت عام 63 هـ ولم تتزوج .
ذلك النموذج يتكرر في زماننا لنساء لم يكتب لهن الزواج
لسبب ما ، ربما لعدم توفر الرجل ذي الدين والخلق ، أو لا
تجد رغبة في الزواج ! وتستيقن انها لو تزوجت لم بالحق
المطلوب منها أو لوقوعها ضحية ولي لا يخاف الله عزوجل
فيمنعها ولا تملك وسائل الخلاص بالرغم من محاولاتها
أحيانا ! لكنها لم تقف على أعتاب الحسرة ولا تنطوي بدثار
الندامة لعدم تيسر الزواج لها .
وصلتني رسالة مؤثرة من نساء تأخرن في الزواج كثيرا
يشتكين من وصف بعض الخطباء والكتاب ـ وحتى قريباتهن من
النساء ـ لهن بالعنوسة ، ويشرحن في صفحات كثيرة كيف يؤثر
هذا على نفسياتهن ويجعلهن محاصرات بالهم والقلق ، ليس
لعدم الزواج ، ولكن من نظرة المجتمع وقسوته عليهن ،
وكتبن انهن يشعرن بسعادة غامرة لأنهن يقمن بواجب عظيم في
نفع المجتمع من خلال الدعوة والتربية والتعليم بالرغم من
أنهن لسن متزوجات ، لقد شمرن عن ساعد الجد وأخذن أنفسهن
بالعزيمة ، فتجدهن مواظبات على الحفظ والدروس والدعوة ،
ولهن مواقف مشرفة ، ويتتلمذ على أيديهن المئات من
الفتيات 0
يطلبن أن أسهم في تصحيح نظرة المجتمع لغير المتزوجة ،
وأن يعتبر أن مكانة المرأة ليست مقيدة بزواجها ، فكم من
امرأة غير متزوجة نفع الله بها خلقا كثيرا كما هو معروف
للخاصة والعامة ، فمنهن طبيبات وإداريات ومعلمات وعاملات
في مجالات مختلفة على أعلى قدر من الأخلاق والعطاء
والإبداع ، ومنهن في بيوتهن طالبات للعلم ومربيات لغيرهن
، لهن في كل ميدان خير صولة وجولة ، آثارهن على الناس
حسنة وآثار بعض الناس عليهن غير ذلك !
وأنا هنا لست اقلل من شان الزواج ولا أشجع على رفض الرجل
الصالح ولا أدعو إلى تأخيره بحجة العلم والدعوة ، بل هو
سنن المرسلين وليس هذا محل اختلاف بحمد الله ، لكنني أشد
على أيدي النساء واهمس في آذانهن ، لا يدفعنك حديث الناس
ونظرتهم لتقبلي بزوج لا تحمدين مغبة اقترانك به .. أو
ترضين بحياة هامشية لتصبحي فقط أمام المجتمع من فئة
المتزوجات ! ولكن عليك أن تراقبي الله في نفسك وفيمن
تختارين ، وليكن طلبك حياة زوجية مستقرة ممتلئة بمقومات
الحياة الأسرية الهانئة ، ومهما تكن التنازلات فإنها
مالم تكن عن طيب نفس وقناعة فإنها تنقلب إلى نكد وشقاء .
اهمس في آذان اخواتنا الفاضلات اللآتي لم يكتب لهن
الزواج ، أحرصن على الزواج ولو من معدد إذا علمتن حسن
خلقه وطيب معدنه وسمعتن عنه كل خير ولا يؤثر فيكن كلام
الناس وعباراتهم فتقبلن بإي زوج فكاكا من الضغط
الإجتماعي ، فإن مآلات هذا غير حميدة .
وأقول لكم ـ يا خطباء المساجد وحملة الأقلام : اتقوا
الله في كل كلمة تقولونها ، وليكن خطابكم الموجة للمرأة
غير المتزوجة خطاب تصحيح وتوجية لمجالات الخير وليكن في
كلامكم تقدير لجهودهن ووقوف إلى جانبهن باختيار الصالحين
ودلالاتهم ، وإرشاد الشباب من أجل التخفيف من شروطهم ،
والا يستكثروا أن يتزوجوا امراة في سنهم أو تكبرهم ، فإن
النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة رضي الله عنها وهي
تكبره بخمسة عشر عاما .
كم أثرت كلمة " عانس " في قلوب الكثيرات وحرمتهن النوم ،
في الوقت الذي يضحك قائلها وينام ملء عينيه ، ولم يدر
انه أدمى قلوبا أذايتها أهوال مايجري للمسلمين في العالم
، وأبكى عيونا بكت من خشية الله طويلا .
مجلة الدعوة العدد 1875 في 6/11/1423هـ
بعنوان ( هوني عليك ) .