الحلقة الثالثة
الباب الرابع
ذكر شيئ يسير عن الجمعة الأولى والثانية
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في مقدمة عقيلة أتراب القصائد
إن اليمامة أهواها مسيلمة الكذاب في زمن الصديـــــق إذ خسر
وبعد بأس شديد حان مصرعه وكان بأسا على القرآن مستعرا
نادى أبابكر على الفارق خفت على القراء فادرك القرآن مستطرا
المعنى عن ثابت بن زيد رضي الله عنه قال أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال إن القتل أسرع في قراء القرآن أيام اليمامة وقد خشيت أن يذهب القرآن فاكتبه فقال أبو بكر رضي الله عنه كيف نفعل سيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعهد إلينا منه عهدا ؟ فقال عمر افعل فهو والله خيرا فلم يزل عمر بأبي بكر حتى أرى الله أبا بكر مثل الذي رأى عمر
فقال زيد فدعاني أبو بكر رضي الله عنه فقال إنك رجل شاب لا تنهك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمع القرآن واكتبه فقال زيد لأبي بكر رضي الله عنه كيف تصنعون شيئا لم يأمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعهد إليكم به؟ قال زيد فلم يزل بي أبوبكر حتى أراني الله تعالى مثل الذي أرى أبا بكر وعمر
والله لو كلفوني نقل الجبال لكان أيسر من الذي كلفوني فتتبعت القرآن أنسخه من الصحف والسعف واللحاف وصدور الرجال حتى فقدت آية كنت أسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي (لقد جاءكم رسول من أنفسكم )
فالتمستها فوجدتها عند حذيفة بن ثابت فأثبتها في سورتها
أما الجمعة الثانية التي كانت في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه
فيقول عنها الإمام الشاطبي
فأمسك الصحف الصديق ثم إلي الفاروق أسلمها لما قضي العمر
وعند حفصة كانت بعد فأختلف القراء فاعتزلوا في أحرف زمر
وكان في بعض مغزاهم مشاهدهم حذيفة فرأى في خلفـــــهم عبـرا
فجاء إلي عثمان مذعورا فقال أخاف أن يخلطوا فأدرك البشــرا
المعنى / لما مات عمر رضي الله عنه كانت الصحف عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها فلما تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة وأجتمع المسلمون في غزوة أرمينية (جند الشام وجند العراق )فاختلفوا يسمع هؤلاء قراءة هؤلاء فينكرونها وكل ذلك صواب منزل من عند الله حتى قال بعضهم قراءتي خير من قراءتك فلما رأى حذيفة ذلك فزع وأسرع إلي عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إن الناس اختلفوا في القرآن فأدركهم قبل أن يخلطوا والله إني لاخشي أن يصبهم مثل ما أصاب اليهود و النّصاري من الاختلاف فما أنت صانع إذا قيل قراءة فلان خير من قراءة فلان , فجمعهم عثمان رضي الله عنه وقال لهم ما تقولون فقد بلغني أن بعضكم يقول أن قراءتي خير من قراءتك ثم جمع عثمان رضي الله عنه الصحف التي كانت عند أم المؤمنين حفصة وخص زيدا بذلك لأنه الذي جمعه أولا وكاتب وحي رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه فر من قريش وهم (عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الله بن الحارث بن هشام وأبيّ بن كعب ) ثم أمرهم بذلك ثم قال للنفر القرشيين ما اختلفتم فيه أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم فاختلفوا في (التابوه) فقال عثمان اكتبوه التابوت وكذا (فأمهل الكافرين) فكتبها أبيّ (فمهل)
القسم الثاني
الباب الأول
وهو خاص ببعض التعريفات الخاصة بعلم القراءات .
علم القراءات :ـ هو علم يعرف به كيفية نطق الكلمات القرءآنية اتفاقا واختلافا بين الأئمة مع عزو كل وجه لناقله
موضوعه:ــ الكلمات وطريقه أدائها.
ثمرته:ــ العصمة من الخطأ في القرآن الكريم ومعرفة ما يقرأ كل واحد من أئمة القراءات .
فضله:ــ هو من أشرف العلوم بل هو أشرفها علي الإطلاق لتعلقه بكلام رب العالمين .
نسبته :ــ إلي غيره من العلوم التباين .
واضعه :ــ أئمة القراءات وقيل هو أبو عمر حفص بن عمر الدوري .
أول من دون فيه :ــ أبو عبيدة القاسم بن سلام .
اسمه :ــ علم القراءات جمع قراءة بمعني وجه مقروء به .
استمداه :ــ من النقول الصحيحة المتواترة عن أئمة القراءة عن النبي صلي الله عليه وسلم .
حكم الشارع فيه :ــ الوجوب الكفائيّ تعلما وتعليما.
قواعده أصوله المتبعة في القراءة مثل كل همزتين قطع متحركتين تلاقتا في كلمة واحدة سهل ثانيهما أهل الحرمين والبصري ..
الفرق بين القراءة والرواية والطريق والخلاف الواجب والجائز..
القراءة :ـــ هي كل خلاف نسب إلي إمام من أئمة القراءة
.الرواية :ـــ هي كل خلاف ينسب لمن أخذ عن الإمام مباشرة أو بواسطة .
الطريق :ــ هي كل خلاف ينسب لمن أخذ عن الراوي مباشرة أو بواسطة
مثل إثبات البسملة فهي قراءة ابن كثير وراوية قالون عن نافع وطريق الأصبهاني عن ورش عن نافع . وكل ماسبق فهو المقصود بقولهم خلاف واجب .
وأما الخلاف الجائز فهو خلاف الأوجه التي عل سبيل التخيير والإباحة مثل البسملة وأوجه الوقف علي عارض السكون فالقارئ فيها مخير .
شروط القراءة الصحيحة
قال ابن الجزري عليه رحمة الله :ـ
فكل ما وافق وجه نحـوي وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح اسنادا هو القرآن فهـذه الثلاثــة الأركـــــان
أي :ـ
1ـ أن تتواتر القراءة للنبي صلي الله عليه وسلم .
2ـ أن توافق العربية ولو بوجه ضعيف .
3ـ موافقتها أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا .
أول من ألف في القراءات والكتب التي ألفت في ذلك .
في القرن الثالث الهجري تصدى بعض الأئمة المعتبرين لضبط ما روي من القراءات فكان أول إمام ألف فيها وجمع فيها باصطلاحات القراء (أبو عبيده القاسم سلام) المتوفي سنة 224هـ وجعلهم خمسة وعشرين قارئا.
ومن بعده أحمد بن جبير المتوفى سنة 258هـ
ثم الإمام أبو جعفر الطبري المفسر المشهور المتوفى سنة 310هـ ألف كتاب الجامع
ثم ابن مجاهد واقتصر فيه على السبعة المعروفين وسماه كتاب السبعة
وأما أهم الكتب التي ألفت هي
1ـ الغاية لابن مهران في العشرة 2ـ الكفاية لأبي محمد سبط الخياط في الست
3ـ التيسير لأبي عمرو الداني والذي نظمه الإمام الشاطبي رحمه الله في المنظومة الشهيرة المسماة (حرز الأماني ووجه التهاني والمشهورة بالشاطبية .
4ـ إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر للشيخ البناء الشهير بالدمياطي
وفي المفردات الداني وكذا الحصريّ في قراءة نافع ولو لم يؤلف في القراءات سوي النشر في القراءات العشر لإمام الحفاظ وخاتمة المحققين محمد بن محمد بن يوسف الشهير بابن الجزريّ لكفي لكن غيث النفع فإنه من أجل الكتب التي ألفت في علم القراءات وكذا الوافي في شرح الشاطبية للشيخ عبد الفتاح القاضي وللعلامة القاضي أيضا البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدرة المضية ونسأل الله لهؤلاء العلماء الكبار أن ينفع الله بعلمهم وأن يجزيهم الله خيرا علي ما قدموه لخدمة كتاب الله تعالي ,,,