غالبية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ثلاثة وستة أشهر يبكون وينزعجون عندما يحاول شخص غير أمه حمله أو لمسه، وهذا أمر معروف لدى كثير من الأمهات، ولكن هل فكرت بالأسباب الحقيقية لرفضه اقتراب الآخرين منه؟ هناك أناس يدلون بتعليقات، فيقولون مثلاً: إنه غير اجتماعي أو إنه جبان ويخاف من الآخرين، والحقيقة أن أسباباً علمية تقف وراء تصرفه.
لا داعي للقلق
إذا رفض طفلك الصغير دعوة صديقتك أو أمك أو أختك للذهاب إلى أحضانهن فلا تقلقي؛ لأن ذلك أمر طبيعي جدًا بالنسبة له، إن كان عمره يتراوح ما بين ثلاثة وستة أشهر؛ لأنه مازال مرتبطًا بكِ وعلى تواصل نفسي مع الفترة التي قضاها في رحمك.
فحسب اعتقاد اختصاصية علم نفس الأطفال في قسم الولادة التابع لجامعة ساو لويس، في مدينة ساوباولو أن الطفل بحاجة لستة أشهر على الأقل للتخلص من ذلك التلاحم مع الرحم الذي قضى فيه تسعة أشهر.
وأضافت باتريسيا «الارتباط بين الطفل ورحم أمه يستمر إلى ما بعد الولادة عبر جملة الأمور، وفي مقدمتها رائحة الأم التي تعوَّد عليها عندما كان في الرحم، وكذلك الدفء الذي تعوَّد عليه، وهو يرفض الذهاب لأحضان الآخرين؛ لأنه غير مستعد للتخلي عن الأشياء التي تعوَّد عليها من أمه، فهو بحاجة للتعوَّد على الاستقلالية؛ لتقبّل الآخرين، وهذه الاستقلالية هي التي تجعله يبتعد بالتدريج عن أحضان أمه، ومن ثم تقبّل الآخرين.
يختلفون عن أمه!
نظرًا للأسباب التي وردت أعلاه فإن الطفل الذي يأخذه أحد من أمه يبدأ بإظهار علامات الانزعاج؛ لأنه يشعر بأن ذلك الغريب يختلف عن أمه، ورائحته وحرارة جسمه تختلفان عن رائحة وحرارة أمه؛ لذلك فإن رفض قبول أحضان شخص غيرها حتى الشهر السادس من العمر أمر طبيعي جدًا، وليست له علاقة بالشخصية المستقبلية للطفل.
ونصحت باتريسيا الأمهات بعدم إجبار الطفل على قبول أحضان صديقتها أو أختها أو أمها، كما أن على الآخرين ألا يعتقدوا أنهم «بعبع» يخاف منه الطفل، ولذلك يرفض قبول دعوتهم.
منذ الشهر الثامن
أوضحت الاختصاصية البرازيلية أن الطفل يبدأ بالشعور بالاستقلالية، ومعرفة العالم الخارجي عندما يبلغ الشهر الثامن من العمر، ففي الفترة التي تلي الأشهر الثمانية الأولى من العمر يبدأ بالتخلص من مخلفات الارتباط الوثيق برحم أمه وحرارته، ولكنه لا ينسى أبدًا رائحتها مهما تقدم به العمر.
تستدرك باتريسيا: «لكن هناك أطفالا يرفضون ذلك حتى بعد بلوغهم هذه المرحلة من العمر، ولذلك أسباب أخرى».
عقدة ما في نفسيته
إذا واصل رفضه قبول أحضان الآخرين بعد الشهر الثامن من العمر فذلك يمكن أن يكون إشارة إلى عقدة ما تعرض لها من أحد ما، فربما حاول شخص غريب له صوت خشن حمله، لكن ذلك الصوت المختلف عن صوت أمه الناعم قد أوجد عقدة لديه، ولذلك فهو يعتقد أن ذلك سيتكرر عندما يقبل الذهاب لحضن شخص غريب.
وأضافت: «شخص ذو لحية طويلة مخيفة ربما دبّ في نفس الطفل الخوف من الآخرين. ولذلك فقد ثبت أن الأطفال يقبلون الذهاب إلى أحضان النساء أكثر من الرجال، في هذه الحالة من الأفضل إعطاء الحرية له في رفض أو قبول من يشاء؛ لأن ذلك سيساعده حتمًا على التخلص من هذه العقد البسيطة».