قتل متظاهر في مواجهات في شمال لبنان بين قوات الامن واسلاميين احتجاجا على فيلم "براءة المسلمين" المسيء للإسلام فيما اصيب 25 شخصا بجروح، حسبما افاد مسؤول في اجهزة الامن.
وكان المحتجون في مدينة طرابلس شمالي لبنان قد احرقوا أحد فروع مطاعم كنتاكي للوجبات السريعة، مرددين هتافات تندد بزيارة بابا الفاتيكان للبنان ورافعين شعارات مناهضة للولايات المتحدة.
تزامن ذلك مع بدء البابا بنديكتوس السادس عشر زيارة زيارة لمدة ثلاثة أيام للبنان وسط غضب في العالم الإسلامي من فيلم مسيء للنبي محمد
واعلن البابا في كلمته اثر وصوله الى العاصمة اللبنانية ان "التوازن اللبناني الشهير والراغب دائما ان يكون حقيقة واقعية سيتمكن من الاستمرار فقط بفضل الارادة الحسنة والتزام اللبنانيين جميعا، انذاك وحسب، سيكون نموذجا لكل سكان المنطقة والعالم باسره".
ودعا الى وقف واردات الأسلحة الى سوريا، وقال الحبر الأعظم: "ان ارسال الاسلحة يجب ان يتوقف نهائيا، لانه دون ارسال الاسلحة لا يمكن للحرب ان تستمر". واضاف البابا: "بدلا من ارسال اسلحة الذي يعتبر خطيئة كبرى، من المناسب ارسال افكار السلام والخلق والمحبة".
وتابع: "يجب مطالبة رجال السياسة بالالتزام فعلا بكل قواهم... من اجل السلام وضد العنف". واقترح البابا "بادرات واضحة للتضامن مثل ايام صلوات للمسيحيين والمسلمين".
وخلال حديثه مع صحفيين رافقوه في الطائرة وصف انتفاضات الربيع العربي بانها "صرخة للحرية" تتسم بالايجابية ما دامت مصحوبة بالتسامح.
ولفت البابا الى ان "الاصولية هي دائما تحريف للدين. مهمة الكنيسة والاديان هي تنقية نفسها. هذه المهمة يجب ان تجعل من الواضح ان كل رجل هو صورة عن الله يجب ان نحترمها بالاخر"، معتبراً ان "الربيع العربي امر ايجابي، رغبة بالمزيد من الديموقراطية والحرية والتعاون وبهوية عربية متجددة".
تدابير مشددة
وكان رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مقدمة مستقبلي البابا على ارض المطار، إضافة الى قادة روحيين ووفود شبابية رفعت الأعلام اللبنانية والبابوية.
ويتولى الحرس الجمهوري وقوى امنية تضم نحو خمسة آلاف عنصر حماية البابا طيلة مدة زيارته، كما الغيت حركة الطائرات الشراعية طيلة مدة الزيارة كما علق الجيش رخص حمل الاسلحة، فيما توقفت حركة الملاحة في المطار لحظة وصول البابا وستتوقف كذلك خلال مغادرته.
وفيما أطلقت المدفعية 21 إطلاقة ترحيباً بالضيف، قرعت اجراس الكنائس عند وصول البابا الذي سيقيم طيلة مدة زيارته في منطقة حريصا الجبلية القريبة من بيروت، وسيتنقل بواسطة سيارته الخاصة التي تم شحنها الى لبنان قبل وصوله اليه.
واتخذت تدابير مشددة قضت بمنع وقوف السيارات على الطرق التي سيسلكها خلال زيارته الحافلة بلقاءات رسمية وروحية مع قادة مختلف الطوائف اللبنانية المسيحية والمسلمة كما سيتحدث الى مجموعات شبابية.
وسيوقع البابا الارشاد الرسولي الذي قال رئيس اللجنة الوزارية الذي سيرافق البابا طيلة مدة زيارته الوزير ناظم الخوري، ان هذا الارشاد "يمثل الترجمة العملية بما يكنه من محبة لوطننا ومن تقدير للدور المميز الذي يمكن ان يؤديه وان لبنان هو اكبر واوسع من مساحة جغرافية، انه مساحة روحية كونية".
وتوقع ان يبشر الارشاد الرسولي بحلول "ربيع مسيحي يعيد الثقة ويطمئن الخائفين والقلقين في الحاضر والمستقبل".
وحضت دعوات المواطنين على اضاءة الشموع ترحيبا بزيارة قداسة البابا.
ويقيم البابا قداساً في الهواء الطلق في الواجهة البحرية لبيروت.
واصدرت وزارة الاتصالات طوابع بريدية خاصة احتفالا بزيارة الحبر الاعظم.
ورحبت مختلف القيادات الروحية والزمنية الاسلامية والمسيحية بزيارة الحبر الاعظم في سلسلة تصريحات لتلك القيادات، كما وضعت القيادات السياسية اللبنانية خلافاتها جانبا خلال الزيارة واعلنت تاجيل تحركاتها الى ما بعد انتهاء زيارة البابا الى لبنان.
حزب الله يرحب
حزب الله علق لافتات ترحب بالبابا
وعلق حزب الله لافتات على طول طريق المطار يرحب فيها بالبابا تحمل صوره وعبارة بالعربية والفرنسية تقول "حزب الله يرحب بقداسة البابا في وطن التعايش".
وعلى مقربة علق الحزب -الذي تعتبره الولايات المتحدة واسرائيل جماعة ارهابية- رايات ترحيب صفراء بلون اعلامه تحمل خطابا مختلفا بعض الشيء كتب عليها "اهلا بكم في وطن المقاومة".
ويمثل المسيحيون الان نحو خمسة في المئة من عدد سكان الشرق الاوسط مقارنة بعشرين في المئة قبل مئة عام.
رسالة سلام
ويقضي البابا الذي يقوم بالزيارة الرابعة والعشرين دوليا والرابعة الى الشرق الاوسط ثلاثة ايام يوجه خلالها نداء من اجل الوحدة بين الكنائس المسيحية المختلفة والسلام بين المسيحيين والمسلمين خلال وجوده في العاصمة اللبنانية بيروت من يوم الجمعة الى يوم الاحد.
وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي سبق أن أعلن ان البابا سيدعو الى وقف دوامة العنف في سوريا ووقف الدعم المالي والمسلح هناك.
تأتي الزيارة في ظل اجواء مشحونة بالتوتر بسبب الحرب الاهلية في سوريا والاحتجاجات العنيفة ضد السفارات الامريكية في ليبيا ومصر واليمن بسبب فيلم مسيء للنبي محمد.
وخيمت هذه التوترات على ترتيبات زيارة البابا الحساسة دينيا للبنان لكن اجراءات الامن كانت غير مشددة وستنظم المظاهرة الوحيدة ضد الفيلم الذي انتج في الولايات المتحدة بعيدا عن العاصمة.
واثار الفيلم احتجاجات غاضبة في مصر وليبيا واليمن اسفرت عن مقتل السفير الامريكي لدى ليبيا وثلاثة دبلوماسيين اخرين في هجوم لمسلحين اسلاميين على القنصلية الامريكية في بنغازي.
وزينت شوارع وميادين العاصمة اللبنانية بيروت بصور البابا بنديكت حيث ترفرف اعلام لبنان واعلام الفاتيكان على الطرقات والجسور والابنية الحكومية.
كما ازدانت الشوارع بصور البابا مصحوبة بشعار الزيارة "سلامي اعطيكم".
وسيحض البابا المسيحيين على عدم ترك منطقة الشرق الاوسط مهد الديانات وهو اتجاه تصاعد خلال السنوات القليلة الماضية هربا من الحروب والاضطرابات وما يعتبره البعض تمييزا ضد المسيحيين.
ويصدر البابا وثيقة اليوم بعنوان نصيحة باباوية تستند الى مناقشات أجراها الاساقفة الكاثوليك في روما حول الشرق الاوسط عام 2010.
وسيعقد البابا اجتماعين كبيرين في مكان مفتوح ويلتقي مع ممثلين لجميع الطوائف المسيحية والاسلامية والزعماء السياسيين.
والبابا بينيديكتوس السادس عشر هو ثالث بابا يزور لبنان خلال نحو نصف قرن.
وكان اول بابا زار لبنان عام 1964 هو البابا بولس السادس، بينما زار لبنان عام 1997 البابا يوحنا بولس الثاني.