جَمَراتٌ تأكل الأمَــل !!
ثلاثٌ ليالٍ مرت ومازال المصير معلقاً بيدها هي فقط..لا أدري لِم هي مختلفةٌ عن بقيةِ البنات!!
قالتها الأم بحرقة ثم أردفت بعد أن زمت شفتاها:
عنيـــــــــــــدة!
- لا تقلقي عليها..سارة فتاةٌ واعيةٌ..لن ينسى لكِ التاريخ أنكِ أنجبتِ فتاةً مثلها!
ابتسمت السيدتان بفرح وهن يتبادلن النظرات حتى نطقت أحداهما:
-جربي معها ياعزيزتي فأنتِ رفيقة دربها منذ كانت صغيرة والخالة كما يقولون أم
هذه المرة نطقتها بحنانٍ وهي ترفع عبائتها على رأسها ومن ثم أدلفت خارجةً من باب البيت
- أرجوكِ اهتمي بالأمر وعديني أن تقنعيها بأسرع وقت
ولم تنهِ كلمتها الأخيرة هذه حتى اصطدمت عند مدخل الباب بفتاة ذات عينين سوداويتين وشعر أسود متجعد
- من!!خالة فاطمة في بيتنا..لا أصدق عيناي!! يبدو أن في الأمر سراً..امممم!!
رددتها بمكر وهي تحرك رأسها ثم أردفت:
-أمي وخالتي معاً في هذا الوقت المتأخر..لا تقولي أنك مشتاقة لأمي؟ااها..إذن لابد ان في الأمر قضية خطيرة
هيا اعترفي ياخالتي مالأمر؟؟هل رفضت سارة خطيبها الجديد كالعادة؟؟
- خطيب من؟؟ سارة؟؟هذا إذا ظلت سارة موجودة على خارطة العالم العربي..!!ابتعدي عني ..ابتعدي!!
علامة تعجب كبرى ارتسمت على محيا الفتاة أمل ذات السبعة عشر ربيعاً وهي تدلف نحو حجرة أمها
ومازالت رقبتها مائلة قليلاً نحو الخلف وهي تنظر نحو خالتها التي بدت كسوادٍ حالك يختفي بالتدريج على أرصفة الطريق
- السلام عليكم يا أمي..أحمل لكِ كماً من الأخبار السعيدة من المدرسة..لكن ليس دون مقابل..كل شيئ محسوب يا أحلى أم في الكون
نطقتها أمل بشقاوة وهي ترمي حقيبتها بلا مبالاة على إحدى الطاولات لكنها هذه المرة أعرت ملامح أمها مزيداً من الجدية
ترى مالأمر اليوم؟؟ هكذا حدثت أمل نفسها وهي مفتوحة الفم والعينين
- احم احم قلنا سلام يا أمي..وقلت أيضاً...
لم تمهلها والدة أمل حتى تنهي عبارتها بل صرخت في وجهها بملل
- إن كنتِ ستحدثينني عن مشكلة عنود وريما فلا تتعبي لسانك بالحركة لأنني سئمتُ حماقتهما وحماقة من تهتم بأمورهما
- أمي..أرجوكِ..!!
نطقتها أمل بلهجة دلالٍ وغنج وهي تجلس بجانب أمها المتكئة التي التفتت مستفهمة:
- نعم؟؟
- ليست عنود ولا ريما هما من سأحكي لك عنهما..أعتقد أن والدة عنود قد أخبرتك عن كل شيئ..لكن المهم..خالتي
- خالتك؟؟ ومالذي يهمك ياذات أطول لسان على سطح الأرض عن خالتك؟..أخشى أن تكوني أنتِ أختها وانا ابنتك!!
- لا لا يا أماه..
وامتطت ابتسامة عابثة على شفتي أمل
- خالتي لم تكن طبيعية..صرخت في وجهي دون أدنى سبب لمجرد أن ذكرتُ اسم سارة!
أسقطت الأم جهاز الريموت من يدها فجأة ثم سألت دون تفكير وقد اتسعت حدقتا عينيها:
- سارة؟؟ مالذي قلتِ لها عنها؟؟ لعلك زدتِ الطين بلة؟؟
قالت الجزء الأخير من جملتها برجاء يائس وهي تستجدي إجابة نفي عاجلة
ردت الشقية بدهاء:
- أتقصدين فكرة التخصص الذي عرضته علي سارة؟
ثم أكملت:
طبعاً لم أخبرها..كانت ستموت غيظاً ثم تهددني كالعادة بإخبار أبي عن علاقتي بعنود..ماذنبي إن كانت عنود مراهقة؟؟
- ما أبرد أعصابك!! أهذا وقت عنودٍ أو غيرها؟؟
تدافعت الكلمات الأخيرة من فمها بعصبية وغيظ وهي تضرب على جهاز الهاتف رقم هاتف أختها أم محمد
في حين خاطبتها أمل بحزم:
- لا تنسي أن تقولي لها أن سارة مصممة..لا أدري لم تقفان في طريق أمانيها؟؟
بدت الجدية واضحة على مرأى الجالستين في الحجرة في حين اكتفت الأم بنظرة شرزاء توحي بتوبيخٍ اتِ عن قريب
- ألو سارة..ألم تصل أمك بعد؟؟
- لا أبداً..لا شيئ..نسيت أنها لم تخرج إلا منذ دقائق!!تبا للشيطان ما أدهاه ساعة الغضب..
وتفاجئت حين وضعت سماعة الهاتف بمنظر أمل وهي تحرك رأسها يمنةً ويسرةً مع ابتسامة مرسومة وبؤبؤ العين مرفوع إلى أعلى قمته!
- هيه..أنتِ..ياسلام!!هنأه الله من شغل عقلكِ حتى أفتك من تخطيطك!!
تململت أمل وهي تعدل من وضعية جلوسها على الكنبة ثم اتخذت وضعية محاور في برنامج قائلة:
- اسمعي يا أمي..سارة ستسافر..وستصبح بروفيسورة شاءت خالتي ذلك أم أبت!!
يتبع ....
تحياتي محمد العنزي