[c]هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوي . ثانى الخلفاء الراشدين وأول من لقب بأمير المؤمنين . كان فى الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم وله السفارة فيهم ، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قائلاً : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ( عمر بن الخطاب أو أبى جهل ) فكان أحبهما عمر بن الخطاب . أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات وكان المسلمون مستضعفين فخرج عمر إلى المشركين وجاهر بإسلامه وتحداهم ، وعندما هاجر إلى المدينة مر على مجلس قريش وأعلن عن هجرته وأنذرهم أن يتعرض أحد له ، شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم الغزوات كلها وقاد بعض السرايا أميراً عليها . وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كان المستشار الأول لأبى بكر الصديق ، ولما توفي أبو بكر الصديق تولى عمر الخلافة سنة 13هـ ، وفي عهده فتحت الشام والعراق والقدس والمدائن ومصر والجزيرة ، وهو أول من وضع التاريخ الهجرى واتخذ بيت مال للمسلمين ، وأول من جمع الناس على صلاة التراويح فى المسجد ، وأول من اتخذ الدرة يؤدب بها المخالفين ، وأول من عس بالمدينة ، وجلد فى الخمر ثمانين جلدة ، وأول من أنشأ الدواوين وفرض الأعطيات . كان متواضعاً خشن العيش والمطعم شديداً فى الحق قليل الضحك ، على وجهه خطان سوداوان من البكاء ، وكان نقش خاتمه ( كفى بالموت واعظاً يا عمر ) وله آثار كثيرة ومناقب عظيمة ، ومن ذلك أنه خرج ذات ليلة فوجد امرأة معها صبيان يبكون من الجوع وقدر على النار فيها ماء تعللهم بها ليناموا ، فبكى عمر رضى الله عنه ورجع يهرول إلى دار الدقيق فأخرج كيساً من دقيق وجراب شحم وقال : يا أسلم احمله على ظهري فقال : أنا أحمله عنك . فقال : أنت تحمل وزري يوم القيامة ! فحمله على ظهره وانطلق إلى المرأة ووضع من الدقيق فى القدر وألقى عليه الشحم وجعل ينفخ تحت القدر والدخان يتخلل لحيته ساعة ثم أنزلها عن النار ووضع الطعام للأطفال فأكلوا وشبعوا والمرأة تدعو له دون أن تعرفه . ولم يزل عندهم حتى ناموا وأعطاهم نفقة وانصرف. وهناك الكثير عن مواقفه العظيمة . وكان فى عام الرمادة( عام وقع فيه القحط والمجاعة ) لا يأكل إلا الخبز والزيت حتى اسود جلده ، وكان يقول : بئس الوالى أنا إن شبعت والناس جياع . وكان شديداً على عماله يحاسبهم في نهاية ولايتهم عبى أموالهم وممتلكاتهم الخاصة فيسأل كلا منهم : من أين لك هذا ؟. وكان يأمر عماله أن يوافوه بالموسم فإذا اجتمعوا قال : أيها الناس إنى لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم ، إنما بعثتهم ليحجزوا بينكم وليقسموا فيأكم بينكم ، فمن فعل به غير ذلك فليقم . ومن فضائله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : دخلت الجنة فرأيت فيها داراً أو قصراً فقلت لمن هذا فقالوا لعمر بن الخطاب فأردت أن أدخل فذكرت غيرتك . فبكى عمر وقال : أي رسول الله أو عليك أغار . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر استأذن عليه وعنده نساء من قريش يكلمنه ويكثرن عاليه أصواتهن فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، فقال عمر : أضحك الله سنك يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم عجبت من هؤلاء اللا تى كن عندى فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب . قال عمر : فأنت يا رسول الله أحق أن يهبن . ثم قال عمر أى عدوات أنفسهن أتهبننى ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلن نعم أنت أغلظ وأفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده مالقيك الشيطان قط سالكاً فجا إلا سلك فجا غير فجك . وقد نزل القرآن موافقاً لرأي عمر فى أكثر من حادثة ، يقول رضى الله عنه : وافقت ربى فى ثلاث : فى مقام إبراهيم وفى الحجاب وفى أسارى بدر . وبعد أن حج عمر سنة 23هـ دعا الله عزوجل وشكا إليه كبر سنه وضعف قوته وانتشار رعيته وخوفه من التقصير ، وسأله أن يقبضه إليه وأن يمن عليه بالشهادة فى المدينة ، فاستجاب الله له الدعاء ، فطعنه أحد الحاقدين على الإسلام ( أبو لؤلؤة المجوسي ) وهو يصلى الفجر ، وحمل إلى داره وظل ثلاثة أيام ، وأوصى أن يكون الأمر شورى بعده فى ستة ممن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض . ومات أول المحرم سنة 24هـ ودفن بالحجرة النبوية إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبى بكر .
[/c]