هل اعلمه الادب ام اتعلم منه قلة الادب ؟!!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوووع جميل جدا ًاحببت ان تشاركوني فيه
.
][
هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب
][
د.ميسرةطاهر
في كل صباح يقف عندكشكه الصغير ليلقي عليه تحية الصباح ويأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها وينطلق ولكنه لا يحظى إطلاقا برد من البائع على تلك التحية،
وفي كل صباح أيضا يقف بجواره شخص آخر يأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها ولكن صاحبنا لا يسمع صوتا لذلك الرجل،
وتكررت اللقاءات أمام الكشكبين الشخصين كل يأخذصحيفته ويمضي في طريقه ،
وظن صاحبناأن الشخص الآخرأبكم لا يتكلم ،
إلى أن جاء اليوم الذي وجد ذلك الأبكم يربت على كتفه وإذا به يتكلم
متسائلا: لماذا تلقي التحية على صاحبالكشك؟ فلقدتابعتك طوال الأسابيع الماضية ..
وكنت في معظم الأيام ألتقي بك وأنت تشتريصحيفتك اليومية ؟؟
فقالالرجل : وما الغضاضة في أن ألقي عليه التحية؟
فقال: وهل سمعت منه ردا طوال تلك الفترة؟
فقال صاحبنا : لا .
قال: إذن لم تلقي التحية على رجل لا يردها؟
فسأله صاحبنا : وما السبب في أنه لا يردالتحية برأيك ؟
فقال: أعتقد أنه وبلا شك رجل قليل الأدب، وهو لا يستحق أساسا أن تُلقى عليه التحية.
فقال صاحبنا: إذن هو برأيك قليل الأدب؟
قال: نعم .
قال صاحبنا: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟
فسكت الرجل لهول الصدمة.. ورد بعد طول تأمل : ولكنه قليل الأدب وعليه أن يردالتحية .
فأعاد صاحبنا سؤاله: هل تريدني أن أتعلم منه قلةالأدب أم أعلمه الأدب؟
ثم عقب قائلاً: يا سيدي أياً كان الدافع الذي يكمن وراء عدم رده لتحيتنا فإن مايجب أن نؤمن به أن خيوطنا يجب أن تبقى بأيدينا لا أننسلمها لغيرنا ،
ولو صرت مثله لا ألقي التحية على من ألقاه لتمكن هو مني وعلمني سلوكهالذي تسميه قلة أدب،
وسيكون صاحب السلوك الخاطئ هوالأقوى
وهو المسيطر ، وستنتشر بين الناس أمثال هذه الأنماط من السلوك الخاطئ،
ولكن حين أحافظ على مبدئي في إلقاءالتحية
على من ألقاه أكون قد حافظت على ما أؤمن به ، وعاجلا أم آجلا سيتعلم سلوك حسن الخلق،
ثم أردفقائلاً : ألست معي بأن السلوك الخاطئ يشبه أحياناالسم أوالنار؟ ..
فإن ألقينا على السم سماً زاد أذاه وإن زدناالنار ناراًأو حطب اًزدناها اشتعالا،
صدقني يا أخي أن القوة تكمن في الحفاظ على استقلال كلمنا،
ونحن حين نصبح متأثرين بسلوك أمثاله نكون قد سمحنالسمهم أولخطئهم أو لقلة أدبهم كما سميتها أن تؤثر فينا وسيعلموننا مانكرهه فيهم وسيصبح سلوكهم نمطا مميزا لسلوكنا وسيكونون هم المنتصرين في حلبةالصراع اليومي بين الصواب والخطأ ،
ولمعرفةالصواب .. تأمل معي جواب النبي عليه الصلاة والسلام على ملك الجبالحين سأله : يا محمدأتريد أن أطبق عليهم الأخشبين؟
فقال : لا .. إني أطمع أن يخرج الله من أصلابهم من يعبدالله، الله ماهد قومي فإنهم لا يعلمون .
لمتنجح كل سبل الإساءة من قومه عليهالصلاة والسلام أن تعدل سلوكه من الصواب إلى الخطأ ! مع أنه بشر ..
يتألم كما يتألم البشر ، ويحزنويتضايق إذاأهين كما يتضايق البشر ،
ولكن ما يميزه عن بقيةالبشر هذه المساحة الواسعة من التسامح التي تملكها نفسه ،
وهذاالإصرار الهائل على الاحتفاظ بالصواب مهما كان سلوك الناس المقابلين سيئا أو شنيعا أو مجحفا أو جاهلا .
ويبقى السؤال قائماً:
حين نقابل أناسا قليلي الأدب هل نتعلم منهم قلة أدبهم أم نعلمهمالأدب؟