(أتمنى تدهور الأهلي) عنوان الفكر الهدام.. والبوصلة تتجه نحو الهلال
مدرب تشلسي: المال لا يجلب البطولات في كرة القدم!
* تقرير: سامي اليوسف :
جملة من الأسئلة تتراقص حائرة بلا إجابات واضحة وشافية أمام أعين المتابعين والمراقبين صفقة انتقال اللاعب المغربي جواد الزايري (24 عاماً). وقد بدأ تسلسل أحداثها بمفاوضات الهلال ومزايدات الاتحاد وانتهاء بتوقيع اللاعب للأخير مقابل 800 ألف يورو (ضعف العرض الهلالي) له و400 ألف يورو لناديه سوشو الفرنسي مقابل ثلاثة أشهر فقط...!.
زاد إلحاح الأسئلة بالبحث عن إجابات كافية تضع النقاط على الحروف عند المتلقي عقب البيان (المقتضب) للهلال الذي أثار علامات استفهام إزاء تواريخ متناقضة بين أطراف ثلاثة (الاتحاد، وكيل اللاعب وصور خطابين للنادي الفرنسي).
أخطاء مشتركة
قبل أن نستعرض جملة الأسئلة الحيرى على شفاه المراقبين والمتابعين لا بد لنا أن نقف بحيادية - كما تعودنا في الجزيرة - على نقطة غاية في الأهمية تمس استراتيجية العمل الاداري في الأندية السعودية خاصة الكبيرة والمقتدرة ماديا منها كالهلال والاتحاد، وهما الانموذجان الأبرز بين أنديتنا.
وهذه النقطة تتعلق ب (تحركات اللحظات الأخيرة) لإدارتي الناديين قبيل الموعد الأخير لقفل فترة التسجيل التي أشبهها بحالة الطالب الثري المترف الذي يتغافل ولا يعير لكتبه ودراسته وزنا إلا في الأيام الاخيرة من العام الدراسي ويبادر بدعم من نفوذه المادي إلى البحث قبيل الامتحانات النهائية عن المدرسين الخصوصيين لإنقاذه، وكأن العام الدراسي الطويل اختصره في ساعات وأوراق محدودة، فيضطر إلى أن يقع تحت رحمة المدرس الخصوصي (الوسيط الانتهازي) ويقع في جملة من المحظورات فيدفع الضعف من ماله وجهده ووقته (ويا تصيب أو تخيب)، بينما مواعيد الامتحانات معروفة سلفا ومحددة بتواريخ مسبقة لا لبس فيها..!.
فلماذا تأخر مسؤلو الهلال والاتحاد في تحركاتهم حتى الأيام والساعات الأخيرة؟! وما هي أسس العمل في الإدارتين نحو إتمام التعاقدات مع اللاعبين المحترفين الأجانب؟!.
إن ما حدث يعود في أساسه إلى خطأ إداري بحت في مسألة استراتيجية، وآلية التعاقدات الإدارية مع اللاعبين الأجانب التي تجعل الأندية السعودية ترضخ لابتزاز أو انتهازية الوسطاء خاصة الجشعين منهم.
تواريخ متناقضة
عودا إلى بدء، فإن البيان الهلالي القوي في كلماته ومعلوماته واتهاماته كشف عن مدى التلاعب والتحايل الواضحين الذي تعرض لهما النادي في مسألة التعاقد مع اللاعب المغربي جواد، بدليل التواريخ المتناقضة للوثائق الرسمية التي بعث بها النادي الفرنسي.
فإذا كان الاتحاد قد أنهى الصفقة ظهر يوم 11 بتوقيع اللاعب فلماذا يتفاوض النادي الفرنسي ووكيل اللاعب مع الهلال؟ لا سيما أن حسم الامور يسبقه مفاوضات، وهذه تحتاج الى وقت، والوقت المقصود به الأيام.
وإن كان نادي سوشو الفرنسي يفاوض الهلال بعد أن حسم أموره مع الاتحاد ووقع اللاعب فإنه يبقى عنصرا شريكا في مكيدة مدبرة ضد الهلال لتعطيله كي لا يسجل لاعبه الأجنبي الثالث..!.
وبحسب معلوماتي الاكيدة فإن رحى المفاوضات الهلالية كانت تدور حتى مساء يوم 11 بين جذب وشد، ما يؤكد تناقض التواريخ المعلن عنها.
بيان الحقيقة
الجدلية المطروحة حول التواريخ المتناقضة لا يحسمها سوى بيان من الاتحاد السعودي لكرة القدم يوضح فيه الحقائق كاملة للرأي العام الرياضي، ويبيّن موقفه كمرجعية رياضية في مثل هذه الامور للأندية السعودية، خاصة أن نادي الهلال أصبح كالمدعي الذي يؤكد تعرضه للغبن مرتين، الأولى خطف لاعب فاوضه أولا بمزايدة فاضحة وممجوجة هدفها الأول (التخريب) عليه، والثانية أنه حرم وعطل من اللحاق بفترة التسجيل التي هي من أبسط حقوقه بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى، وتعرضه طبقا للبيان لتحايل مكشوف.
ومن هنا تزداد أهمية توضيح الاتحاد السعودي لموقفه لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
ابحث عن الوكيل
إذا أردنا أن نعلم لماذا تعرضت مفاوضات الهلال مع اللاعب المغربي جواد الزايري إلى العراقيل ثم التوقف عند طريق مسدود، علينا العودة إلى الوراء قليلا لطرح السؤال ذاته عن عرقلة صفقة اللاعب ألفونسو وماذا جرى في كواليسها رغم البداية الجيدة جدا للمفاوضات الهلالية واقترابها من الحسم. ولعل الحالتين يكون فيهما قاسم مشترك. نترك للعارفين ببواطن الامور تحديد هويته ونكتفي بقولنا: ابحث عن الوكيل؟!.
تحول عجيب
الغريب في الأمر أن المفاوضات الاتحادية كانت قد قاربت الحسم مع اللاعب النيجيري جاي جاي أوكوتشا نجم نادي بولتون الإنجليزي. وبحسب المعلومات المتوافرة لدي فإن مقابل الصفقة رقم (فلكي) وصل إلى 8 ملايين يورو للاعب نفسه ومليوني يورو للنادي لمدة موسمين. والسؤال الذي يندرج تحت زمرة الاسئلة الحائرة يقول: كيف تحولت الصفقة الاتحادية من لاعب عالمي كبير بحجم خبرة ومهارة وتاريخ أوكوتشا نحو لاعب يعد من لاعبي الصف الثاني في الدوري الأوروبي؟.
وتزداد الأسئلة حيرة وتدفقا إذا قلنا: هل يوازي لاعب بحجم تجربة جواد الزايري المبلغ الذي دفعه الاتحاد (800 الف يورو)؟ وهل يستحق نادي سوشو الفرنسي أن يقبض من ورائه (400 الف يورو) لفترة محدودة قوامها ثلاثة أشهر فقط، بمعنى أن اللاعب سيتحصل على 267 ألف يورو (ما لا يقل عن مليون ومئتي ألف ريال) عن كل شهر..؟!!، لا سيما أن اللاعب المغربي يلعب في الخانة ذاتها ويقوم بالأدوار ذاتها التي يقوم بها كابتن الفريق الاتحادي محمد نور.
ولعلنا نزيد سؤالا لا يقل أهمية عما سبقه: كيف قفز فجأة وبسرعة خارقة اسم اللاعب المغربي جواد الزايري إلى أجندة الاتحاد التفاوضية عقب تعثر صفقة اوكوتشا؟!.
الأمر مختلف
يتحجج الاتحاديون وبعض المحسوبين عليهم بأن موضوع صفقة الزايري مشابه في السيناريو مع اللاعبين بشار عبدالله وجاسم الهويدي، وهذا أشبه بذر الرماد في العيون وقلب للحقائق هدفه التضليل لا غير؛ لأن قصة الهويدي وبشار مختلفة تماما في حقيقتها وواقع مفاوضاتها؛ فقد كانت عبارة عن عروض شفهية لا مخاطبات أو وثائق رسمية فيها على عكس قضية سوشو الفرنسي والمغربي جواد الزايري التي بدأت وانتهت بمخاطبات رسمية موثقة بالرقم والتاريخ.
ولا يمنع أن نذكِّر باتفاق الجنتلمان الذي كان بين الشيخ خالد اليوسف الصباح رئيس نادي السالمية آنذاك وعضو الشرف الهلالي ورئيسه الذهبي سمو الأمير بندر بن محمد بحكم العلاقة القوية التي تربطهما التي كان أحد أوجهها التجارة.
إذن، لا مقارنة بين الحالتين لاختلافهما جذريا شكلا وموضوعا.
نتائج أكيدة
الخلاصة أن اللاعب المغربي وقع للاتحاد وأصبح لاعبا اتحاديا رغم ملاحظات التواريخ المتناقضة وأسلوب المزايدة الممقوت الذي بات لا يصدر سوى عن جهة واحدة. لكن الأكيد أن الهلال تعرض لمحاولة تخريبية مكشوفة هدفها عرقلة تسجيله اللاعب وتعطيله والتشويش عليه في مسألة اللحاق بفترة التسجيل. والأدهى والأمر أن صورة الأندية السعودية قد خدشت عبر هذه الصفقة من خلال تصعيد وتوتر تم فيه نقل ساحة المزايدات الممقوتة إلى الملاعب الأوروبية والعربية في صورة لا تليق بسمعة الأندية السعودية والتنافس الرياضي بينها.
ولو فرضنا أن ثمة شكوى سترفع إلى الفيفا فإن هذا الأمر يسيء للرياضة المحلية؛ لأن ناديين سعوديين يعجزان عن تطويق مشكلتهما في إطار الاتحاد الأهلي المحلي ويصعدانها إلى خارج الحدود..!.
الفكر الهدام
الغريب أن دور أعضاء الشرف الاتحادي مهمش في التدخل للحد من تأجيج وتوتير الاجواء التنافسية بين العميد والأندية المنافسة الكبيرة على وجه الخصوص كالأهلي والهلال.
ولعلنا نتذكر جميعا مقولة (أتمنى تدهور الأهلي) التي كانت تنم وتعكس عن فكر تنافسي هدام.. والتطاول على رموز النادي الأهلي وإثارة الفتنة بين رجالاته. والجملة الآنفة الذكر أصبحت تحضر في الأذهان الآن كيف أن الهم الاول تحول صوب الهلال وكيف أن البوصلة تحركت بمؤاشراتها إلى الزعيم.
احذر القادم
ما حدث العام الماضي من محاولات مستميتة للفوز بتوقيع ياسر القحطاني اللاعب الذي التزم بكلمته ووعده رغم الإغراءات المالية الكبيرة التي وصلت إلى 40 مليون ريال لناديه، ومن ثمّ ما شاب اختيار اللاعب حمد منتشري لجائزة أفضل لاعب في القارة الآسيوية والمتمثل بإعلان الفوز قبلها بأسبوع من ناس يصنعون الخطاب الإعلامي للاتحاد هم مقربون للرئيس ومؤثرون في قراراته وحظوة الاتحاد لدى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في مسألة تسجيل اللاعبين الثلاثة الأجانب.. كل ذلك يجعلنا نضع قلوبنا على أيدينا كمراقبين ومتابعين للمشهد الرياضي السعودي أن تمتد هذه المشكلات إلى دوري أبطال آسيا في نسخته المقبلة التي يشارك فيها الاتحاد جنبا إلى جنب مع الهلال والشباب!!.
إلى متى؟
قبل الختام.. نوجه رسالتنا إلى هرم القيادة الرياضية، التي نعونها تحت سؤال غاية في الأهمية مفاده: (إلى متى؟)..
إلى متى تستمر إشاعة إجواء التوتر والشحناء والبغضاء بين منسوبي الأندية وجماهيرها خاصة الكبيرة منها بسبب تصرفات وتحركات لا تخدم المصلحة العامة، وإن كان ظاهرها جلب المنفعة، لكنها المنفعة الخاصة التي تجر وراءها المفسدة للصالح العام من خلال مزايدات ومضاربات على مصالح الأندية الاخرى وشراء لاعبين فقط من اجل الشراء للإضرار بالأندية الأخرى ومصالحها دون اعتبار لانعكاسات ذلك على رياضة الوطن والمنتخبات والأندية السعودية في المشاركات الخارجية.
ولعل مثال صفقة المغربي جواد الزايري كشف لنا المستتر من النوايا عقب سقوط الاقنعة عن الصلح المزعوم أو التقارب الهش.
خاتمة
* يقول جوزيه مورينيو المدير الفني لفريق تشلسي (معادلة الإنفاق المالي يساوي النجاح لا تنطبق على كرة القدم، انظروا لأنترناسيونالي الإيطالي، لقد استثمر مبالغ كبيرة ولكنه لم يفز بأي بطولة منذ أعوام وكذلك ريال مدريد الإسباني). ويمضي قائلاً: (إن أهم عنصر في الإدارة هو ضمان أن يكون اهتمام اللاعبين بالفريق أكبر من اهتمامهم بأنفسهم، فالنقطة الأساسية أن يحترم اللاعبون الفريق).
جوزيه مورينيو كان يوجِّه رسالته تلك إلى رئيس النادي الجديد إمبراطور النفط الروسي إبراهيموفيتش..!.