لا تَسَلْنِي
قصيدة من ديوان سمراء قلبي
للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج
ــــــ
جَنَّتِي نَارٌ تَمُورُ
وَمَسَاءَاتِي هَجِيرُ
خَلْفَ أَضْلاعِي جِدَارٌ
وَأَمَامَ الرُّوحِ سُورُ
الْمَسَافَاتُ حَرِيقٌ
وَالْبَسَاتِينُ قُبُورُ
الْبِدَايَاتُ جِرَاحٌ
وَالنِّهَايَاتُ بُثُورُ
الْفَدَادِينُ فَضَاءٌ
لافِحُ الْقَيْظِ حَرُورُ
وَالْقَرَارِيطُ بَرَاحٌ
شَاسِعُ الأَطْرَافِ بُورُ
وَالرَّدَى يَنْأَى وَيَدْنُو
فَاغِرُ الْفَاهِ عَقُورُ
وَالدُّنَا أَرْضٌ يَبَابٌ
فَوْقَ أَحْلامِي تَسِيرُ
وَأَنَا فَيهَا غَرِيبٌ
حَائِرُ الْخَطْوِ غَرِيرُ
أَتَهَجَّى خُطُوَاتِي
وَعَلَى الشَّوْكِ أَسِيرُ
قَالِبًا ظَهْرَ الْمَعَانِي
وَعَلَى الْمَوْتِ أَثُورُ
تَغْتَلِي فَوْقَ جِرَاحِي
وَعَلَى صَمْتِي قُدُورُ
أَشْتَهِي وَجْهَكِ شَوْقًا
وَعَلَى رَأْسِي أَدُورُ
أيها القلب تعقل
من إذا بحت يجير؟
إنما أنت جريح
ومن الريح غيور
أنت فوق الشط رمل
وعلى الموج صبور
يا حبيبي والردى فوق
جراحاتي جَسُورُ
هذه أحلام روحي
نحو عينيك تشير
نم قرير العين واهنأ
إنما أنت قرير
كَشَفَتْ أَوْجَاعَ قَلْبِي
فَوْقَ عَيْنَيْكَ سُتُورُ
كَيْفَ أَلْقَاكَ حَبِيبِي ؟
وَالنَّوَى صَعْبٌ عَسِيرُ
فَرَّقَتْ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ
بَيْنَ رُوحَيْنَا خُدُورُ
بَيْنَ قَلْبَيْنَا دِيَارٌ
وَجِبَالٌ وَبُحُورُ
فإذا طال حنين
يا حبيبي ودهور
جمعت بين فؤادينا
على البعد جسور
تجمع الأغصان منا
إن تباعدنا جذور
حُبُّنَا بَاقٍ سَيَشْدُو
بِأَغَانِيهِ الشُّعُورُ
هُوَ سِرٌّ تَتَنَاغَى
بِأَمَانِيهِ الطُّيُورُ
وَعَلَى الرَّوْضِ نَسِيمٌ
تَتَهَادَاهُ زُهُورُ
وَرَحِيقٌ فِي فَمِ الدُّنْيَا
مُصَفًّى وَعَبِيرُ
وَضِيَاءُ الرُّوحِ كَادَتْ
بَيْنَ أَضْلاعِي تُنِيرُ
هُوَ لَحْنٌ فَوْقَ قِيثَارٍ
يُغَنِّيهِ غَدِيرُ
يَا حَبِيبَ الرُّوحِ تَفْدِي
نَاعِسَ الْعَيْنِ مُهُورُ
هَذِهِ الدُّنْيَا لَنَا كَأْسٌ
وَخَمْرٌ وَسُرُورُ
أَنْتَ شَمْسٌ قَدْ أَضَاءَتْ
فِي سَمَائِي وَبُدُورُ
أَنْتَ فِي خَاطِرِ نَفْسِي
طَيْفُ وَجْدٍ وَضَمِيرُ
لَكَ فِي أَعْمَاقِ رُوحِي
وَعَلَى الْبُعْدِ حُضُورُ
فِي اشْتِيَاقٍ نَتَلاقَى
وَعَلَى الْبُعْدِ نَثُورُ
يَا مُنَى عُمْرِي وَنَفْسِي
يَا حَيَاةٌ وَنُشُورُ
لَكَ فِي الصَّدْرِ غَرَامٌ
وَقِيَامٌ وَقُصُورُ
وَعَلَى الْعَيْنِ شِرَاكٌ
وَأَنَا فِيهَا أَسِيرُ
فِي بَرَارِي الرُّوحِ حَلِّقْ
وَالْعَصَافِيرُ تَطِيرُ
أَنْتَ سُلْطَانُ حَيَاتِي
وَعَلَى الْقَلْبِ أَمِيرُ
يَا حَبِيبِي كل ليل
حين أهواك تزور
صوتك العذب تهادى
في تفانيه الأثير
دافئ النبرة حلو
ورقيق وحرير
فكأن القلب يدنو
نحوه بدر منير
أشتهي ضمك لما
يدفع الأشواق نور
تغلق الباب علينا
في حنين يستطير
يشعل الشوق بصدري
من حناياك سفور
يأخذ الروح كطفل
بين نهديك مرور
فعلى الكفين عهد
وعلى الصدر نذور
ذائب في شفتيه
عسل راح يفور
ورموش كسهام
وعلى الخد خمور
كتبت فوق جبيني
وبعينيك سطور
يَا حَبِيبِي وَالْهَوَى يَحْيَا
بِقَلْبِي وَيَثُورُ
لا تَسَلْنِي أَيْنَ نَمْضِي
وَإِلَى أَيْنَ نَسِيرُ؟
قصيدة من ديوان سمراء قلبي
للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج