بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن الطلاق تجربة مؤلمة للمرأة، خاصة في مجتمعاتنا العربية التي تفرض العديد من القيود علي السيدة المطلقة, فما بالك لو كانت شابة تحت العشرين أو تجاوزتها بقليل؟
نشير هنا إلي انتشار ظاهرة الطلاق السريع بعد أيام قليلة أو فترة قصيرة من الزواج، وهي بلا شك فترة غير كافية لاعتبارها مؤشرًا لحدوث عدم التوافق بين الزوجين، وإنما تبدو كما لو كان الرجل اتخذ قرار الطلاق قبل أن يشرع في الزواج أصلا.
وهذه الظاهرة تشمل عدة دول عربية، حيث أكد الدليل الإحصائي لوزارة العدل السعودية أن مجموع عقود الزواج بالمملكة العربية السعودية بلغت 64.339 عقدا خلال العام الحالي، يقابلها 15.697 حالة طلاق مما يعني أن نسبة الطلاق في المملكة تبلغ 24% ، بمعني أن كل ثلاث حالات زواج يقابلها حالة طلاق.
أما الكويت فتشهد وصول نسبة الطلاق إلي 35% أي يحدث طلاق كل ساعتين و45 دقيقة.
ويكشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري عن ارتفاع عدد المطلقات إلى مليون و495 ألف مطلقة بنسبة 5.34% في السنة الأولي من الزواج، و5.12% في السنة الثانية.. وأكد أن مصر تشهد حاليا حالة طلاق كل ست دقائق بمعدل 240 حالة طلاق يوميا.
وأكدت دراسة تناولت الطلاق في المجتمع القطري وجود 319 حالة طلاق مقابل 978 حالة زواج، وأن أكبر نسبة من المطلقات حوالي 34.72% تتركز في الفئة العمرية من 20 إلي 24 عاما.
كما أوضحت الإحصاءات أن حالات الطلاق بمدينة الرباط المغربية تصل إلي 23% من حالات الزواج وترتفع هذه النسبة قليلا في مناطق أخري بالمغرب. والأمر لا يختلف كثيرا في الإمارات أو المملكة الأردنية.
فماذا أصاب مجتمعنا العربي ولماذا تزايدت حالات الطلاق بين الشباب؟
الدكتور محمود عبد الرحمن أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، يوضح أن السبب الأول لازدياد حالات الطلاق في مجتمعاتنا العربية هو البعد عن الدين، فكثير من شباب الجنسين لا يلتزم عند اختيار شريك حياته بالضوابط التي حثنا عليها رسولنا- صلي الله عليه وسلم- حيث يقول: ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها . فاظفر بذات الدين تربت يداك ). متفق عليه.
وكذلك بالنسبة لأولياء الزوجة لم يعد لدين الخاطب مقامه الذي أراده الإسلام بقول الرسول الكريم "إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فأنكحوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير" رواه الترمذي وأبو حاتم.
وكذلك غياب الدور التوجيهي للآباء والأمهات، حيث يظن بعض الآباء أن دوره التربوي أو التوجيهي ينتهي بزواج ابنه أو ابنته، علاوة على غياب هذا الدور عند حصول مشكلات بين الزوجين، بالإضافة إلي ترسيخ بعض المفاهيم الخاطئة لدي الأبناء التي تهدم وتحرض أحد الطرفين علي مشاكسة الأخر خلافا لما أمرنا به ديننا.
كما أن وسائل الإعلام المختلفة كالإعلام المرئي مثلا، ينقل في كثير من الأحوال صورا خيالية وغير واقعية للحياة الزوجية: فالزوج شاب وسيم أنيق مترف يغدق الهدايا بمناسبة وبدون مناسبة، والزوجة جميلة حسناء جذابة متفرغة للعواطف والحفلات والنوادي هي وزوجها، وكأن هذه المرأة لا تعرف حملا ولا وضعا ولا رضاعة ولا تربية أبناء ولا ترتيب شؤون المنزل، فهي فقط للشهوة واللذة؛ فترسم صورة حالمة واهمة للحياة الزوجية من خلال هذه المشاهد الخيالية وسرعان ما يصطدم الخيال بالواقع.
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الأزمات الاقتصادية لها دور كبير في الشقاق الأسري الذي يصل ببعض الأسر إلي الطلاق، حيث لا تقف متطلبات بعض النساء عند حد وتدعو المباهاة والمظاهر الكاذبة لدى بعضهن إلي إجهاد الزوج بما لا قبل له به ولا قدرة له عليه.
ومن أسباب الطلاق أيضا: الملل الزوجي بسبب رتابة الحياة اليومية وتكرار نفس السيناريو كل يوم، وأيضا يمكن للشك والغيرة المَرَضية التي تكون عند بعض الأزواج أو الزوجات أن تكون سببا في فساد العلاقة الزوجية وتوترها واضطرابها.
ونأتي هنا إلي سبب مهم من أسباب الطلاق وهو عدم التوافق بين الزوجين، ويشمل ذلك التوافق الفكري وتوافق الشخصية والطباع والانسجام الروحي والعاطفي.
ويترتب علي ذلك أن نجد عددا من الأشخاص تنقصه الحساسية لرغبات الآخر ومشاعره أو تنقصه الخبرة في التعامل مع الآخرين وذلك بسبب تكوين شخصيته وجمودها أو لأسباب تربوية وظروف قاسية.
قد تكون هناك أسباب أخرى تزيد من سعار هذه المشكلة وترفع من عدد المبتلين بها، ولكن في النهاية سنجد أن ثلث بناتنا أو نسائنا يوصفن بوصف المطلقات ويعانين أشد المعاناة مع صغر السن وصعوبة الحياة مما يوجب على كل غيور أن يبحث عن علاج شامل لهذه المشكلة أو بمعنى أدق لهذه الظاهرة .
منقول للفائدة