حكومة النسور وضعت نفسها بورطة كبيرة لتعهدها للملياردير اللبناني نجيب ميقاتي بتعويض أسهمه في الملكية، فهي أولا لا تملك المال لذلك، وغير قادرة على الاعتداء على اموال الضمان ثانيا، والاكثر من ذلك أن الصفقة مشبوهة من كل النواحي، ما أثار قلق وتخوف العديد من الوزراء والمسؤولين من "كازينو" جديد يفتح ملفه ولو بعد حين.
الحكومة، ممثلة برئيس الوزراء ووزير المالية، أكثر الاشخاص استماتة لشراء اسهم ميقاتي، ويحاولون اليوم الضغط على ميقاتي للبقاء في الملكية وعدم بيع أسهمه، والسير في مشروع زيادة راس المال الذي تعثر بسبب رفض ميقاتي.
أمام كل هذه التعقيدات، التي وضعتها الحكومة لنفسها في قضية الملكية، ما تزال تتستر على كل وقائعها وحيثياتها، رغم أنها اقرت الصفقة من قبل لجنة التنمية الوزارية، ونوقشت بعد ذلك في جلستين خاصتين لمجلس الوزراء.
الذي اوقف استكمال صفقة الملكية هو ضغط الراي العام الذي تكشفت له من خلال صحيفة "المقر" أوجه الخلل والشبهات في هذه الصفقة المريبة، التي ستحمل الخزينة دينا جديدا بقيمة 250 مليون دينار، ودعما سنويا يزيد عن 50 مليون دينار في الوقت الذي تتغنى فيه الحكومة برفع الدعم عن الكهرباء والمحروقات وتعتبره إصلاحا اقتصاديا، تعود من جديد وعن طريق وزير ماليتها ذاته، الذي وقع مع الصندوق اتفاق التسهيلات بشروط إزالة الدعم، ليخصص دعما للملكية في الخزينة.
الحكومة ذاتها التي رعت اطلاق تقرير تقييم التخاصية هي الحكومة ذاتهاالتي ضربت بتوصياته عرض الحائط، فبدلا من اخذ الدروس والعبر من الاخطاء التي ارتكبتها الحكومات السابقة في بعض قضايا الخصخصة والتي اصبحت فيما بعد قضايا راي عام كبرى نتيجة الفساد التي شابها، تعود وتكرر الأخطاء نفسهاوبالمنهجية ذاتها.
إحدى توصيات تقرير التخاصية كانت تؤكد على مبدأ الإفصاح والشفافية مع قضايا الخصخصة، والشفافية ليس المقصود بها تداولها بين الوزراء انفسهم، بل اطلاع الراي العام على حقيقة ما يجري، واسباب توجهات الحكومة لعقد مثل هذه الصفقات في هذا الوقت تحديدا.
من حق الرأي العام الاطلاع على توجهات الحكومة في صفقة الملكية، وما هي الخيارات التي تملكها لانقاذ هذه الشركة، علما بأنه حتى لو قام ميقاتي بالتبرع للحكومة باسهمه فيها، فلن تحل الاشكالية، فالقضية اكبر بكثير من الـ16 مليون دينار التي كانت الحكومة تريد دفعها لميقاتي.
الملكية مقبلة على تحديات كبيرة، فهي اضافة الى ان خسائرها التراكمية تتجاوز الـ100 مليون دينار مع خسائر الربع الاول من هذا العام، فهناك ستة طائرات بوينغ 787 للمسافات البعيدة سيتم تسليمها للملكية اعتبارا من اواخر الشهر المقبل، وهي مخصصة للمحطات البعيدة، وهي المحطات الخاسرة ذاتها،التي لم تستطع ادارات الملكية إلغائها بسبب تدخلات جهات رسمية.
دخول الطائرات الجديدة إلى الملكية وفق مبدأ الايجار بدلا من التملك، سيرفع قيمة بدل الايجارات من 35 مليون دولار في العام الى اكثر من 108 ملايين دينار، وما سيزيد العبء على الملكية هو ان محطات تلك الطائرات هي التي تستنزف خزنتها وتتسبب بخسائرها.
من المفترض ان تخرج الحكومة للرأي العام وتوضح حقيقة الوضع في الملكية الاردنية، وتتبع الشفافية في تعاملها مع هذه القضية، حتى لا تتكرر مآسي "أمنية" و"الكازينو" وغيرها من القضايا التي ما يزال الأردن يدفع ثمنها.
المصدر:http://www.maqar.com/?id=60706&&headline=حكومة-شفافة